سامر حجازي – «صدى الوطن»
لم يشكل القبض على الشاب العربي الأميركي، خليل أبو ريان، مفاجأة لأصدقائه ومتابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان أبو ريان يعلن تأييده لتنظيم «داعش» الارهابي بكل وضوح.
وكشفت وثائق المحكمة أن أبو ريان (٢٢ عاماً) استخدم حسابه على «تويتر» لإطلاق تغريدات مؤيدة لداعش وإعادة إطلاق تغريدات دعائية للتنظيم الإرهابي منذ عام ٢٠١٤، لدرجة انه نشر أشرطة فـيديو للتنظيم الارهابي وهو يقتل ويعذب الناس، جنباً إلى جنب مع صور لنفسه وهو يطلق النار من بندقية آلية من طراز «أي كي ٤٧».
لكن على الرغم من كل هذه الاستعراضات الخطيرة لأبو ريان على «السوشل ميديا»، لم يشكك به أحد من أصدقائه أو متتبعيه فـي سلوكه أو ان يجهر بموقف ضده. وربما كان ذلك يعود إلى ان تصرف ابو ريان هو نقطة فـي بحر أبناء الجالية الذين يظهرون السلوك الشائن وغير اللائق على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي.
من إطلاق تصريحات عنصرية، الى نشر صور تنطوي على تعاطي المخدرات أو العري، الى معلومات أخرى عن الأنشطة الترفـيهية، أو -كما فـي حالة أبو ريان- التعاطف مع منظمة إرهابية.. يدأب المراهقون والصغار على استخدام «السوشل ميديا» هذه الأيام من دون وازع أو رقيب.
تغيّر المفاهيم
سهيلة أمين، منسقة التوظيف فـي «جامعة ميشيغن» فـي ديربورن، وأمينة صندوق «النادي اللبناني الأميركي» (LAHC)، قالت لـ«صدى الوطن» انها كثيراً ما تشعر بالانزعاج من بعض المحتويات التي يتم نشرها من قبل بعض أبناء الجالية على صفحات «الفـيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام».
وأضافت «أعتقد أن بعض الناس ينسون أن أي شيء ينشر على الانترنت يصبح جزءاً من الفضاء الإلكتروني وأن المواقف أو التعليقات السلبية التي يتخذونها يمكن أن تلاحقهم طيلة حياتهم».
فأي شيء يحمّل على مواقع «السوشال ميديا»، سواء كان شريط فـيديو قصيراً او تغريدة على «تويتر»، قد ينتشر كالنار فـي الهشيم ويكون له تأثير سلبي كبير على الجالية عموماً.
وتقول أمين إنها فـي زيارة أخيرة قامت بها إلى كل من تورنتو وواشنطن العاصمة سُئلت عن فـيديو شائع يتضمن اثنتين من بنات الجالية فـي ديربورن وهما تقومان بحركات إيحائية ذات مدلولات جنسية أمام الكاميرا.
«كان الناس يسألوني: هاتان الفتاتان من ديربورن أليس كذلك؟» ذكرت أمين، وأردفت «لقد أصبح أمراً اعتيادياً إظهار السلبية والسلوك غير اللائق على وسائل التواصل الاجتماعي». حتى أننا ما عدنا نطرح تساؤلات عندما نرى شيئاً غير مناسب، لأن ذلك أصبح القاعدة. فعندما تنشر فتاة صوراً لنفسها وهي شبه عارية، لا أحد يفكر مرتين حول هذا الموضوع».
وأوضحت «ان النادي اللبناني اتخذ اجراءات للتواصل مع الشباب وتوعيتهم بشأن السلوك المناسب على وسائل التواصل الاجتماعي. وفـي برنامج القيادات الشابة والتربية التعدُّدية فـي النادي، يتم إعطاء حلقات دراسية لطلاب المدارس الثانوية حول كيفـية إبراز الصورة الإيجابية للجالية عبر الإنترنت».
واستدركت «إن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود فـي هذا الإطار»، داعيةً إلى «اتخاذ تدابير تعاونية بين قادة الجالية ووكالات إنفاذ القانون لتوعية الآباء والأمهات وأطفالهم على مخاطر الإنترنت».
وأشارت أمين إلى أنه «من المقلق أن نرى هذا النوع من السلوك السائد على الانترنت فـي وقت يوضع فـيه المجتمع العربي والإسلامي تحت المجهر، فنحن مجتمع يواجه الكثير من الازدراء والكيدية الواضحة ضدنا»، مؤكدة أنه «يجب علينا أن نفهم أن لدينا واجب كأفراد فـي جالية أقلوية بأن نظهِر للآخرين الجوانب الإيجابية لمجتمعنا، «فالسوشل ميديا هي بحق أداة قوية ونحن لا ندرك بعدمدى سعة انتشارها ومدى شموليتها».
صورة إيجابية
من جهتها، ذكرت نهى سليمان، وهي من مدينة ديربورن وصاحبة مدونة الكترونية حول الجمال، أنها استخدمت صفحتها على الإنترنت لإعطاء صورة إيجابية عن نفسها وتمزيق الصور النمطية التي كثيرا ما تُرسم حول المرأة المسلمة فـي الولايات المتحدة
وقالت سليمان انها منذ عمر مبكر، تعلمت كيفـية جني الفوائد من وسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة أنها كانت قادرة على تحويلها الى مشروع تجاري.
وسليمان هي الآن سفـيرة لـ«ميمي بوكس»، وهي شركة تجميل عالمية. ولكنها على موقعيها فـي يوتيوب وإنستغرام، حيث تقوم بالترويج لمنتجاتها امام الآلاف من متتبعيها، تتخذ أيضاً دور «سفـيرة الإيجابية» لمجتمعها.
«الناس لا يدركون أنهم يمكنهم استخدام وسائل التواصل الإعلامي فـي العديد من الطرق الإيجابية»، تابعت سليمان، وأضافت أنه «بمجرد وضع منشورك على شبكة الانترنت، تفقد سيطرتك عليه ولا تعرف ما الذي سيحدث أو من سوف يرى ما كتبت أو رفعت. لذلك عليك أن تكون حذراً جداً حول ما تقوم بنشره».
واستطردت سليمان انها تراقب صفحتها عن كثب «لقمع أي نوع من البلطجة أو السلبية، التي أصبحت سلوكاً سائداً على الانترنت. والناس يعتقدون أنهم بمقدورهم ان يكونوا هجوميين بتعليقاتهم طالما أنهم يختفون وراء شاشة الكمبيوتر. «انهم يعتقدون لأنهم يجلسون وراء جهاز الكمبيوتر أن كلامهم لا يؤثر على الناس. إذا قال أحدهم شيئاً سلبياً لي على الانترنت ومن ثم رأيته فـي الشارع، أراهن بأنه لن يقول لي نفس الشيء وجهاً لوجه».
وتعتبر سليمان أن وسائل التواصل الاجتماعي هي مجرد منفذ سهل لبث السلبية على الآخرين. «انها تمكنك من مهاجمة شخص من دون ان تشعر بالسوء بسبب فعلتك».
وتؤكد سليمان أنها تتلقى دوماً ردود فعل إيجابية على السوشل ميديا «ولكن هناك دائماً تفاحات سيئة».
وأشارت إلى أنه فـي الجالية العربية والإسلامية، يلجأ العديد من الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن استيائهم من المناخ السياسي الراهن، وبالتالي، ينتهي بهم المطاف إلى مهاجمة الآخرين.
«خطآن لا يؤديا الى الصواب» أفادت سليمان، ومضت تقول «جاليتنا تتعرض للهجوم ويجب علينا أن نقيس الأمور بشكل أفضل. أشعر ان الناس الذين يعانون بشدة من العنصرية يلجأون الآن الى شبكة الإنترنت لإلحاق الأذى بالآخرين، وهذا غير مقبول. فالآن أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى الوحدة كجالية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين أنفسنا وحماية جيراننا. نحن لسنا بحاجة للتعرض لعدم الاحترام من الغير».
بين العالم الافتراضي والواقع
احد سكان مدينة وستلاند، ستيف يوريندا، مزج الخطوط الفاصلة بين وجوده على السوشل ميديا وحياته الشخصية، نظراً لإسهاماته الإيجابية على الانترنت. وقد استخدم يوريندا وسائل التواصل الاجتماعي كمنتدى لبناء علاقات شخصية مع جماعات الأديان على صفحة «الفـيسبوك» واسمها الجسر: تحالف الأديان اليهودية والمسيحية والإسلامية.
وبالنسبة اليه خلقت له صفحة «الفـيسبوك» مجموعة من الأصدقاء الحقيقيين من جميع مناحي الحياة، والذين يلتقون الآن بشكلٍ روتيني فـي مناسبات اجتماعية.
وعن هذا عقَّب يوريندا «ان تحويل وسائل التواصل الاجتماعي لمشروع إيجابي لم تكن عملية سهلة بالنسبة لي. لقد كانت هناك الكثير من التعقيدات التي كان يتوجب تسويتها، ولكن فـي النهاية عنصر الثبات هو ما جعل صفحة الفـيسبوك تنجح نجاحاً باهراً».
وقال «عندما بدأنا كان علينا ان نرسو على جملة من الأفكار الأساسية. وعلى مر الزمن رأى الناس أني كنت أسعى جاهداً للابقاء على أيديولوجيات التفاهم والاستماع إلى بعضهم البعض. وقد تم بذلك اكتمال عنصر الثقة، حتى تحولت العلاقة الى «يا صاح دعونا نذهب لاحتساء القهوة والى الخروج لتناول العشاء». لقد ذللنا الكثير من العقبات حتى وصلنا هذه المرحلة».
وخلص يوريندا الى القول: افراد الجالية غالباً ما يُساء فهمهم من قبل الآخرين «لانهم لا يمكن أن يعرفوا معنى الألم الذي تتعرض له الأقليات». وأشار الى أنه هو نفسه أساء فهم الجالية المسلمة، الى ان بدأ بالاستماع إليهم. والآن، يوريندا نفسه يعتنق الإسلام، على حد قوله.
وختم قائلاً إن «مفتاح استخدام السوشل ميديا هو أن تكون لديك القدرة على أن تكون مستمعاً جيداً. قف وتأمل فـي ما يقوله الشخص الآخر محاولاً التجاوب معه بطريقة ما وإفهامه أنك كنت تستمع له. ويجب اقحام الكثير من الأخلاق والتقاليد القديمة لجعل السوشل ميديا وسيلة تواصل ناجحة».
Leave a Reply