سامر حجازي – «صدى الوطن»
حضر المرشح الرئاسي الديمقراطي بيرني ساندرز بقوة فـي ميشيغن يوم الإثنين الماضي، مؤكداً عزمه على الفوز بأصوات الولاية بمواجهة منافسته هيلاري كلينتون فـي الانتخابات التمهيدية المقررة فـي الولاية يوم الثامن من آذار (مارس) المقبل، معتمداً على شعبيته المتصاعدة فـي أوساط النقابيين والشباب ومنهم العرب الأميركيون الذين استقبلوا سناتور فـيرمونت اليهودي بحفاوة كبيرة فـي مقر نقابة عمال السيارات فـي شركة «فورد»، الواقع بمنطقة ديكس جنوب ديربورن، مشيدين بخطابه الليبرالي التقدمي.
ساندرز في صورة «سيلفي» جامعة مع شباب عرب أميركيين في مقر نقابة عمال سيارات «فورد» في جنوب ديربورن الاثنين الماضي. |
ولم يفوت ساندرز فرصة وجوده بمدينة ديربورن لانتقاد المرشح الجمهوري دونالد ترامب وخطابه العنصري ضد المسلمين، وقال للحضور فـي مقر النقابة «عندما يتحدث (ترامب) عن اللاتينيين على انهم مغتصبون ومجرموم، وعندما يتحدث عن إغلاق باب الهجرة الى أميركا فـي وجه المسلمين، فإنه يقصد من كل ذلك أنْ يجعل من الأقليات كبش محرقة. ونحن لن نقبل هذا الطعم»، وقد أثارت كلمات ساندرز تصفـيق الحضور.
وقد حضر المهرجان الانتخابي حشد كبير من السكان العرب الأميركيين من جميع أنحاء مترو ديترويت حيث كانوا من بين مئات أنصار ساندرز الذين انتظروا ساعات طوال للدخول مشكّلين خطاً امتد طويلاً حول مبنى النقابة فـي «الساوث أند».
وفـي خطوة تأييد رمزية من قبل الأقليات، اختير عددٌ من السكان العرب واللاتيين والأفارقة الأميركيين فـي مترو ديترويت للوقوف وراء ساندرز على المنبر وهو يلقى خطابه فـي القاعة التي فاضت بحوالي ٧٠٠ شخص.
ساندرز قبل إلقائه كلمة أمام 9300 شخص احتشدوا في إبسيلاني الاثنين الماضي لدعم حملته الانتخابية. |
وذكر مسؤول من إطفائية ديربورن أن منظمي المهرجان اضطروا لعدم السماح للناس الباقين من الدخول الى المبنى بعد أن وصل العدد إلى الحد الأقصى المحدد لاستيعاب النَّاس.
وبعد إدانته لخطاب الكراهية الذي يفرخ داخل الحزب الجمهوري، انتقد ساندرز أيضاً اتفاقات التجارة الحرة، والحملات الفاسدة ونظام التعليم الرديء فـي البلاد أثناء خطابه الذي استغرق ساعة واحدة.
ولمس ساندرز أيضاً عصباً آخر لدى الحشد عندما تطرق الى وحشية الشرطة، وهي القضية التي تشغل حالياً بال سكان مترو ديترويت بعد مقتل اثنين من السود برصاص شرطة ديربورن.
«معظم عناصر الشرطة يقومون بوظيفتهم الصعبة بصدق»، أشار ساندرز، واستدرك قائلاً «ولكن مثل أي موظف عمومي آخر، عندما يخرق ضابط شرطة القانون يجب أن يُحاسب هذا الضابِط المسؤول. علينا نزع العسكريتاريا عن ضباط الشرطة المحليين كما علينا جعل ادارات الشرطة تعددية تشبه المجتمعات التي تخدمها».
ولم يوفر ساندرز منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، منتقداً تأييدها اتفاقيات التجاة الحرة الذي تسبب بإغلاق أكثر من ٦٠ الف مصنع أميركي. كما سلط السناتور الضوء على المقارنة بين حملته لجمع التبرعات الانتخابية وبين حملتها، موضحاً أن حملته الانتخابية لا تعتمد على مساهمات جهات مانحة كبيرة.
وقال «نظام تمويل الحملات الانتخابية فاسد لانه يجعل المليارديريين يقومون عملياً بشراء الانتخابات وأعتقد أن الديمقراطية تعني صوتاً واحداً لكل مقترع».
ردود أفعال عربية
وبعد خطابه، أمضى ساندرز عدة دقائق للاجتماع بالحضور وتحيتهم وأخذ الصور التذكارية مع أنصاره فـي نقابة عمال السيارات التي لم تعلن دعمها حتى الآن لأي من ساندرز أو كلينتون.
وقال نائب رئيس النقابة طوني ريتشارد لـ«صدى الوطن» إن خطاب ساندرز لقي صدى جيداً ليس فقط بين أعضاء نقابة عمال السيارات فـي جنوب ديربورن (ياو 600)، التي تمثل ٩ آلاف من عمال شركة «فورد»، ولكن ايضاً من قبل المجتمع المحلي فـي ديترويت والسكان المسلمين المحليين».
ويظهر العرب الأميركيون فـي مترو ديترويت تأييداً متنامياً لساندرز بوجه كلينتون، وبالنظر الى مستوى المنافسة بين المرشحين فإن صوت العرب الأميركيين قد يكون مرجحاً فـي سباق الحزب الديمقراطي فـي ميشيغن.
إحدى مناصرات ساندرز، العربية الأميركية سمر السالمي قالت «إن القضايا التي يدافع عنها ساندرز هي ذاتها الهموم اليومية التي يفكر بها كل شخص»، أضافت السالمي، وهي من سكان ديربورن، «هو ليس مليارديراً يقف ضد الناس الصغار. هو شخص يهتم بكل واحد. وهو على علم جيد جداً بكل شيء ويخالف دونالد ترامب، وهذاما يصبو اليه العرب الأميركيون».
وقالت فاطمة عبدالله من ديربورن هايتس إن غالبية السكان العرب والمسلمين يدعمون ساندرز ويفضلونه على كلينتون، بسبب سجلها السيء فـي السياسة الخارجية.
وأردفت «انه لم يكن خائفاً للخروج واظهار الدعم لنا. هو لا يخاف من القيام علناً بذكر فلسطين، وهذا شيء كبير فـي عالم السياسة الأميركية. الجميع ينأون بأنفسهم عن ذلك. انه لا يخشى أن يقول إنه لا يدعم نتنياهو. أعتقد أن هذا هو موقف كبير بالنسبة لنا… وخاصة للمسلمين».
«السناتور ساندرز ردد صدى الأفكار والاهتمامات الكثيرة التي تشغل السكان المحليين»، قال أحد سكان ديربورن مهدي عبد الله واستطرد «أنا أقف وراء حملته الانتخابية بسبب نزاهته، ووجهات نظره الثابتة طوال حياته المهنية فـي الخدمة العامة، وتمثيله للمواطن للاميركي العادي الذي يجري تجاهله فـي الكابيتول».
ولكن رغم ذلك لم تمر زيارة ساندرز من دون بعض الانتقادات. فقد أشار بعض الحاضرين إلى أنه لم يتطرق لقضية تلوث البيئة وهي قضية حساسة فـي جنوب ديربورن وجنوب غرب ديترويت حيث تعاني الأحياء من الانبعاثات السامة من المصانع الضخمة المحيطة بالمنطقة.
«بيرني! لا تنسى البيئة»، صاح أحد المارة بينما كان ساندرز يخرج من قاعة النقابة.
فـي إبسيلاني
وقبل زيارته الى ديربورن توجه ساندرز الى جامعة «إيسترن ميشيغن» فـي مدينة إبسيلاني (شرق آناربر)، حيث التقى عدداً من سكان مدينة فلنت المنكوبة بأزمة تلوث مياه الشرب، قبل أن يلقي خطاباً حضره 9300 شخص احتشدوا فـي ملعب كرة السلة التابع لجامعة «إيسترن ميشيغن».
وشدد ساندرز فـي كلمته على أهمية خطته الهادفة الى تخصيص تريليون دولار لإعادة تأهيل شبكات المياه والبنى التحتية فـي جميع أنحاء أميركا، حتى لا تتكرر مأساة أهالي فلنت.
ودعا ساندرز فـي كلمته الى إعادة بناء فلنت قائلاً «إذا كان بإمكاننا إعادة بناء قرى العراق وأفغانستان فلمَ لا نعيد بناء فلنت»، وقد قابل الحضور خطاب ساندرز بالدعوة الى اعتقال ومحاكمة حاكم ولاية ميشيغن الجمهوري ريك سنايدر الذي يحمله الديمقراطيون مسؤولية الأزمة.
وأشار ساندرز الى أنه التقى مع سكان تضرروا بشدة من المياه الملوثة، واصفاً المدينة بـ«الكناري فـي منجم الفحم».
«ما سمعته من هذه الأسر لم يكن مأساوياً فقط بل كان صعب التصديق. تخيلوا أن أمَّاً ترى ابنتها الشابة الواعدة وهي تتدهور عقلياً أمام عينيها… عندما غادرت هذا الاجتماع قلت فـي نفسي: فـي أي بلد نعيش؟ هل هذه هي الولايات المتحدة الأميركية؟». من المتوقع ان يعود ساندرز إلى ميشيغن لمواجهة كلينتون فـي مناظرة تقام يوم ٦ آذار (مارس) فـي فلنت. وستعقد الانتخابات التمهيدية فـي ميشيغن بعد يومين من المناظرة الديمقراطية يوم ٨ آذار (مارس).
Leave a Reply