موسكو - تعتبر موسكو متفوقة على جميع شخصيات «ديزني» و«نيكولودين» وغيرها من المنتجات الهوليوودية للأطفال، حيث تسجل شخصيّة كرتونيّة روسيّة تدعى «ماشا» أعلى نسبة مشاهدةً عبر «يوتيوب» حول العالم.
«ماشا والدب» مسلسل رسوم متحركة روسي، مبني على قصة شعبيّة روسيّة. ابتكر شخصياته ألي كوزافكاف، وأنتجته شركة Animaccord الروسيّة للرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد. انطلق الموسم الأول منه العام 2009، واليوم يجري إنتاج الموسم الثالث الذي سيستمر العمل عليه إلى منتصف 2017. ترجم المسلسل إلى 25 لغة، ويُشاهد فـي أكثر من 100 دولة حول العالم، فـي مقدمتها ألمانيا والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
قبل أيّام، حققت إحدى حلقات العمل بعنوان «ماشا والعصيدة»، أكثر من «مليار» مشاهدة على «يوتيوب»، لتصبح بذلك واحدة من بين عشرين مقطع فـيديو، شوهد أكثر من مليار مرة فـي تاريخ الموقع، إلى جانب أغنية «هللو» لأديل، وأغنية «غانغام ستايل» الشهيرة. وبالرغم من أن الحلقة يعود إنتاجها إلى العام 2012، إلا أن استمرار جماهيريتها يعبّر عن حجم الإقبال الذي يلقاه العمل.
حبكة المسلسل بسيطة، وأبطالهُ دب سيركٍ متقاعد، استقر فـي الغابات وبدأ يستعد لحياةٍ جديدة هادئة مطمئنة، حتى التقى بفتاة صغيرة مغامرة وشقيّة تدعى «ماشا»، «خرّبت عليه حياته»، ومنحتها فـي ذات الوقت مزيداً من «الطعم والحيوية». الحوارات فـي المسلسل قليلة، إذ يعتمد بالأساس على اللقطات السريعة التي تتوافق مع إيقاع حركة «ماشا» النشيطة، حين تتسلق الأشجار، وتقفز فـي كل الاتجاهات.
يستقي العمل بعض مفرداته البصرية من الثقافة الروسيّة التقليدية، فالدب يشرب الشاي من «السماور» الروسي الشهير، وجميع أواني المطبخ تحوي النقوش التقليدية الملونة. الأمر ذاته ينطبق على ثياب ماشا الصغيرة التي تعقد على رأسها المنديل التقليدي لنساء الأرياف الروسيات.
فـي ظل هيمنة شركات «ديزني» و «بيكسار» على إنتاج الرسوم المتحركة الكبرى فـي العالم، يعيد «ماشا والدب» التذكير بالإرث الروسي العريق فـي إنتاج الرسوم المتحركة. حيث تربت أجيال السبعينيات والثمانينيات فـي سوريا والعراق على أعمال مثل «عقلة الأصبع»، و«حكايات الديك الذهبي»، و«الأوز السحري»، و«حكاية أليونوشكا وأخيها إيفانوشكا». تميّزت تلك المسلسلات بسحر رسوماتها الملوَّنة وخيالها الخصب وخفّة دمها، إلى جانب مضمونها العميق. حضور رسوم الكارتون الروسية كان مفهوماً فـي ذلك الحين، فـي ظلّ العلاقات المتقاربة التي كانت تجمع الاتحاد السوفـياتي بدول المنطقة. لكن اليوم الوضع مختلف تماماً، ففـي الوقت الذي تتسم فـيه علاقات الكثير من دول الغرب مع روسيا بالتوتر، يشق «ماشا والدب» طريقه إلى قلوب المشاهدين كباراً وصغاراً حول العالم. يحاكي العمل فـي براعته إنتاجات الشركات الكبرى، ويحجز له مكاناً ضمن برامج شبكة «نتفليكس». بهذا المعنى، لا يقدم العمل نموذجاً بديلاً، كما كان فـي السابق، وإنما يندمج ضمن سوق إنتاج «أفلام التحريك» بوصفه منافساً.
Leave a Reply