سامر حجازي – «صدى الوطن»
فاز دونالد ترامب فـي الإنتخابات التمهيدية عن الحزب الجمهوري فـي ميشيغن بأغلبية ساحقة يوم الثلاثاء الماضي. من بينها ديربورن وديربورن هايتس ومنح الفوز المرشح المثير للجدل دفعة قوية فـي السباق الرئاسي بعد مفاجأة فوز سناتور تكساس تيد كروز يوم السبت الماضي فـي ولايتي كانساس وامين.
مسلمات أميركيات يتابعن نتائج الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية في المتحف العربي الأميركي بديربورن يوم الثلاثاء الماضي.(صدى الوطن) |
وقبل أيام من الانتخابات اصطف مئات من المتظاهرين خارج «مسرح فوكس» فـي ديترويت للتنديد بترامب وخطاب الكراهية الصادر عن الحزب الجمهوري خلال مناظرة للمرشحين الجمهوريين، الخميس قبل الماضي، ولكن نتائج التصويت على ما يبدو تروي قصة مختلفة. فقد أقبل الناخبون بكثافة لدعم ترامب ومساعدته على الفوز فـي السباق المحموم.
وإن لم يكن فوز ترامب فـي ميشيغن مفاجئاً للملياردير النيويوركي نفسه، الذي أكد منذ أسابيع أنه سيفوز بالولاية بسبب خطابه الداعي لإعادة صناعة السيارات الأميركية الى ميشيغن بدل إنشاء المصانع فـي المكسيك وأماكن أخرى فـي العالم. إلا أن النتيجة الساحقة التي حققها ترامب فـي مناطق تعج بالأقليات، ومن بينهم المسلمون، مثل ديترويت، كانت مفاجئة للكثيرين.
فـي ديربورن، حصد ترامب ٣٩.٢ بالمئة من الاصوات وهو انتصار ملحوظ باعتبار أن المدينة تضم نسبة كبيرة من المسلمين الأميركيين الذين يعتبرون ترامب رمزاً للعنصرية وكراهية الإسلام. وفـي ديربورن هايتس، التي تسكن فـيها ايضاً جالية عربية إسلامية كبيرة، حاز ترامب على ٤٨.٣ بالمئة من اصوات الناخبين فـي السباق الجمهوري.
وعند التدقيق بالنتائج الصادرة فـي المقاطعات التي تضم أقليات متنوعة، تبيَّن ان ترامب حاز على أعلى نسب من الأصوات بين الجمهوريين فـي مقاطعات مترو ديترويت الثلاث: بنسبة ٤٠.٥٣ بالمئة فـي وين، و٣٦.٢٤ بالمئة فـي أوكلاند و٤٨.٤٣ بالمئة فـي ماكومب.
ديمقراطيون مسلمون ينتقدون ترامب
بالنسبة للكثير من المسلمين الأميركيين فـي ولاية ميشيغن، كان خبر فوز ترامب مقلقاً. ففـي حفل انتخابي للديمقراطيين العرب أقيم يوم الإنتخابات فـي المتحف الوطني العربي الأميركي لمتابعة نتائج فرز الأصوات، أصيبت إحدى الناشطات المسلمات المحليات بالدهشة بعد الإعلان عن فوز ترامب السهل فـي ميشيغن.
وقالت الناشطة نور آشا «انه من المؤسف جداً أن نرى مرشحاً رئاسياً يصل إلى هذا المكان من خلال الخطاب المدمر الذي يقوم باستخدامه»، واعربت عن إعتقادها بأن مشاركة أعداد كبيرة فـي التصويت لترامب تعكس شعور الناخبين بالاستياء من الجماعات العرقية المتنامية فـي ميشيغن.
وأضافت أن «بعض الناس فـي ميشيغن يشعرون بالتهديد من حقيقة وجود عدد كبير من المسلمين والعرب» قالت نور، وأضافت «وهذا التصويت هو بيان واضح من جانبهم. والاقتراع لترامب من قبلهم يعني: نعم نحن غير مرتاحين لوجود المسلمين والعرب. نعم، نحن سنقوم بانتخاب المسؤول الذي يقمع ويهمش هؤلاء».
غير أن نتائج الانتخابات كشفت أن ترامب تفوق على منافسيه فـي المقاطعات التي تضم أعداداً كبيرة من المهاجرين ولاسيما المسلمين مثل ديربورن وديربورن هايتس.
الناشط العربي الأميركي رشيد بيضون يعتقد أن الناخبين فـي ميشيغن سيتخذون قراراً أكثر حكمة إذا أصبح ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة.
وأضاف «أعتقد ان الناخب الأميركي، وتحديداً الناخب فـي ولاية ميشيغن، يحتاج إلى أن يكون حذراً جداً من هذه الظاهرة. دونالد ترامب هو شخص سيء. والناخبون فـي ميشيغن يحملون بشكل واضح نفس السوسة التي يحملها بقية الناخبين فـي أميركا. اعتقد انه مجرد سوسة علينا ان نتركه يرحل». وأكد بيضون انه «عندما يتعلق الأمر بالانتخابات الوطنية، فإن الأميركيين سيستيقظون ويختاروا الخيار الحقيقي».
وعلى الرغم من أن ترامب تفوق أيضاً على منافسيه فـي ديربورن بفضل أدائه الجيد فـي أقلام شرق المدينة، حيث يتركز المسلمون، قال داوود وليد، المدير التنفـيذي لـ«مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير-ميشيغن) ان الاقبال الكثيف من قبل أنصار ترامب فـي منطقة مترو ديترويت يعكس تاريخ الفصل العنصري فـي المنطقة.
وأردف «هناك جدران غير مرئية. هناك مناطق بأغلبيتها عربية تقريباً ومناطق كلها يسكنها البيض الأميركيون الذين هم من المسيحيين. ولا يفاجئني أن هناك عدداً كبيراً من الناس الذين صوتوا لصالح متعصب ضد المسلمين».
وأعرب وليد عن قلقه أيضاً من أن بعض المسلمين والعرب يدعمون ترامب علناً، واصفاً إياه بأنه يشبه «متلازمة ستوكهولم». وهناك شريحة صغيرة من النَّاس الذين ينحازون للشخص الذي يهمّش مجتمعهم. وهذا ليس شيئاً جديداً أو فريداً من نوعه. هناك عدد من العرب الأميركيين الذين يدعمون أناساً من ذوي السوابق العنصرية المعروفة». ويعتبر الدكتور مزمل أحمد، رئيس «مجلس الجالية المسلمة فـي ميشيغن» (MMCC)، ان قافلة ترامب الانتخابية تتجاوز معاداة الهجرة والخطاب الإسلامي الذي يغذيه. فالكثير ملوا من النظام السياسي ويجدون فـي ترامب مرشحاً جذاباً ضد المؤسسة الحزبية.
واستطرد «الناس الذين يؤيدونه يعربون عن خيبة أملهم من النظام السياسي ويتمسكون بقشة أي بديل عنه. وهناك أشخاص يأملون منه الا يفعل ما يقول انه سيفعله وأن يصبح أكثر اعتدالاً ويسود بعض المنطق فـي سياساته. وبينما أنا أحيي الأعضاء العرب والمسلمين لكونهم يشاركون فـي كلا الحزبين»، واستدرك بالقول إن ترامب كمرشح هو «اقتراح مثير للقلق للغاية ويحتاج إلى من يعارضه».
وأضاف أحمد أن فوز ترامب مؤشر على مدى غياب التواصل بين المسلمين وجيرانهم مؤكداً أن فوزه فـي الانتخبات التمهيدية «قد يشكّل لنا حافزاً إضافـياً للتصويت فـي نوفمبر».
وعشية نصر ترامب فـي ميشيغن ، نشرت صحيفة «ديترويت نيوز» مع شبكة «زي بي سي» استطلاعاً الأسبوع الماضي، وجد أن ٦١ بالمئة من الجمهوريين فـي ولاية ميشيغن يؤيدون موقف ترامب الداعي الى منع المسلمين من دخول البلاد مؤقتاً.
ليس عنصرياً
ويرد بعض مؤيدي ترامب بأنه لا ينبغي تسمية الناس الذين يؤيدون حملته بالمتعصبين، وان هناك مضمون أوسع من خطاب الكراهية الذي يروج له الإعلام الأميركي ويلبسه لترامب.
وقال بول صوفـيا وهو المرشح الجمهوري العربي لمجلس نواب الولاية عن ديربورن (الدائرة ١٥) لـ«صدى الوطن» إن المدينة وقفت فـي صف بقية ناخبي الولاية الذين اختاروا المرشحين النقيضين عن كل حزب (ساندرز وترامب).
وفـي حين فاز ترامب على صعيد الجمهوريين فـي ديربورن وديربورن هايتس، ارتفعت أيضاً نسبة تأييد ساندرز على الجبهة الديمقراطية فـي المدينتين.
ويقول صوفـيا «لم أسمع أية تصريحات مهينة عن الناس فـي الشرق الأوسط أو المسلمين فـي حملة ترامب الانتخابية بميشيغن»، وتابع «لقد سمعت قوله اننا نحن بحاجة لوضع البلد على المسار الصحيح من خلال خلق وظائف صناعية. نحن فـي حاجة لشخص يهتم بذلك فـي ديربورن. وأود أن أرى قرار الانتخاب يبنى على أساس الاقتصاد أكثر من أي شيء آخر».
وعبر صوفـيا عن حيرته قليلاً من فوز ترامب، بعد أن قدر فوز كايسيك فـي ميشيغن، وأضاف «لا نستطيع أن ننكر أن هناك بعض الناس يتحدثون بذلك لكن ديربورن كانت دائماً مدينة التشمير عن السواعد والقيام بالمهمة على اكمل وجه. أنا أعيش فـي الجانب الغربي، ومن الواضح أنه لا تزال هناك وصمة المدينتين. واذا كانت الوصمة موجودة، فإنها لن تطفو على السطح لانه فـي منطقة ديربورن، يبدو أن الناس يتعايشون معاً».
Leave a Reply