سامر حجازي – «صدى الوطن»
أعلنت مدينة ديربورن الأربعاء الماضي عن إسقاط دعوى فدرالية تقدمت بها امرأة عربية أميركية ادعت فـيها أنها تعرضت للتمييز الديني من قبل شرطة المدينة بإجبارها على خلع حجابها أثناء احتجازها بسبب مخالفة مرورية.
مديرة «أي دي سي – ميشيغن» المحامية فاتنة عبد ربه أثناء إعلانها عن رفع الدعوى خلال مؤتمر صحفي أمام مبنى شرطة ديربورن العام الماضي.(أرشيف) |
ورفعت مها الدليمي -بدعم من «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) فرع ميشيغن- دعوى قضائية ضد بلدية وشرطة المدينة العام الماضي قالت فـيها إن عناصر الشرطة رفضوا تلبية رجاءاتها المتكررة بعدم إجبارها على خلع الحجاب الذي ترتديه التزاما بقناعاتها الدينية، خلال توقيفها فـي شهر أيلول (سبمتبر) عام 2014. وادعت الدليمي أنهم أخبروها بأنها إذا لم تخلعه من تلقاء نفسها فسوف ينزعونه رغما عن إرادتها.
وقالت بلدية ديربورن فـي بيان لها إن كاميرات المراقبة فـي مبنى الشرطة كشفت أن ادعاءات مها الدليمي «غير صحيحة» وفق تحقيقات داخلية أشرف عليها النقيب عيسى شاهين، وهو ما دفع محامي «أي دي سي»، شريف عقيل، الى التنازل عن الدعوى فـي العاشر من آذار (مارس) الجاري، بحسب بيان البلدية. إلا أن عقيل قال إن التنازل عن الدعوى جاء لأنها حققت مقاصدها بتغيير سياسة شرطة ديربورن بالتعاطي مع الموقوفات المحجبات.
ومن جهته، عبر قائد الشرطة رونالد حداد عن سعادته لما أفضت إليه التحقيقات فـي القضية التي استقطبت «اهتماماً إعلامياً سلبياً بديربورن دام لعدة أسابيع»، وقال: «كنا نعلم أن هذه القضية لا مصداقية لها، وإننا نشعر بالسعادة حين يتأكد الناس الذين نخدمهم بأن عناصر دائرتنا قد تصرفوا بالطريقة الصحيحة فـي هذه الحادثة».
وأكد البيان «التزام شرطة المدينة باحترام حقوق جميع الناس الموقوفـين» والتزام شرطة المدينة بسياسة خاصة إزاء الموقوفات المحجبات.
مفاجأة وخيبة أمل
من ناحيته، عبر المحامي عقيل عن خيبة أمله من البيان الذي أظهر «الفريق القانوني للمدعية بطريقة سيئة»، وقال: «عندما رفعت الدعوى لم يكن المحامون على علم بأن ثمة تغييرات قد حصلت فـي سياسة التعاطي مع الموقوفـين».
وكشف عقيل لـ«صدى الوطن» وثيقة تظهر أن قائد الشرطة رونالد حداد قد طالب فـي شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2011، بتنفـيذ سياسة يجري بمقتضاها خلع حجاب الموقوفات أثناء التقاط صورهن فـي قسم الشرطة. ونصت السياسة المعتمدة حينها أنه عند توقيف امرأة محجبة فـي شرطة ديربورن، يتوجب خلع حجابها لأسباب أمنية مع توفـير قبعة خاصة (Tyvek Hood) للنساء اللواتي يردن ذلك، ولكن يجب خلع تلك القبعة عند التقاط صورة للموقوف.
وقال عقيل إن شرطة ديربورن غيرت سياستها فـي كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥، بعد أربعة أشهر من اعتقال الدليمي، وذلك من دون إعلام المحامين بذلك. وأضاف «لقد فاجأني البيان الذي وصف القضية بأنها زائفة، ولكن هذا الوصف -بكل أسف- ليس دقيقاً».
وفـي التعديلات المستحدثة أصبح للموقوفات الخيار بالاحتفاظ بالقبعة الخاصة عند التقاط الصور، إضافة إلى مراعاة تفتيش الموقوفات من قبل شرطيات حصراً.
وأشار عقيل إلى أن «أي دي سي» كانت تهدف من خلال هذه القضية أن تفاوض دائرة الشرطة من أجل تغيير سياساتها (فـي التعامل مع الموقوفات المحجبات)، وهذا تم من دون إعلام فريق اللجنة القانوني.
وأكد عقيل أن الدعوى قد أسقطت لأن موكلته شعرت بأن دائرة الشرطة قد استجابت لما كانت تطمح له، وقال «إنها تشعر بالراحة لأن ما حدث معها لن يتكرر مع أي موقوفة مسلمة فـي المستقبل، فـي مدينة يعيش فـيها العرب منذ حوالي 100 سنة». ووصف تغيير شرطة المدينة لسياساتها فـي هذا الخصوص «بالمناسبة الرائعة» وأنها تمثل «شهادة لنجاح دعوى موكلته».
شكوك
وفـي سياق مواز، كان المحامي أمير مقلد قد نجح بدفع دائرة شرطة ديربورن هايتس إلى إجراء تسوية قضائية تبنت بموجبها تعديلات مماثلة لدى توقيف النساء المسلمات المحجبات، وذلك على خلفـية دعوى ضد شرطة المدينة التي أجبرت فتاة على خلع حجابها أثناء توقيفها فـي الحجز.
ورحب مقلد بالتعديلات التي أعلنت عنها شرطة ديربورن مثيرا فـي الوقت ذاته تساؤلات حول اعتمادها فعلا، قائلا: «لقد أجريت التعديلات منذ عام مضى، ولكن لا أحد على علم بها.. إنني لاأزال أشعر أن شرطة ديربورن لا تلتزم بتلك التعديلات، وإنه ليقلقني أن بعض النساء لايزال يُطلب منهن نزع الحجاب».
وأشار إلى أن السياسة الجديدة تعكس خصوصية مجتمع المدينة، ولكن تصرفات عناصر الشرطة تناقض هذه الخصوصية، مؤكدا أن توظيف المزيد من العرب الأميركيين فـي دائرة الشرطة هو الطريقة المثلى لحل هذا التناقض فـي مدينة يشكل العرب أكثر من نصف سكانها.
وأنحى باللائمة على قائد الشرطة الذي -على حد تعبيره- لا يعمل بنية صادقة مع الجالية العربية لتوظيف المزيد من العرب الأميركيين فـي دائرته رغم كونه عربياً أميركياً، مشيراً إلى أنه يعرف العديد من الشبان العرب الذين تقدموا بطلبات توظيف لدى الدائرة، ولكن لم يتم توظيف أحد منهم.
ومع أنه فـي السنوات الأخيرة تم توظيف بعض العرب الأميركيين لدى الدائرة، إلا أن مقلد اعتبر أن أعدادهم ليست كافـية. وكان قائد الشرطة رونالد حداد قد أخبر «صدى الوطن»، فـي وقت سابق، أن دائرته تبذل المزيد من الجهود لتوظيف أعداد إضافـية من المؤهلين من العرب الأميركيين، لكن أغلب المتقدمين لم تتوفر فيهم الشروط المطلوبة.
Leave a Reply