واشنطن – «صدى الوطن»
شهدت انتخابات الرئاسة الأميركية يوم الثلاثاء الماضي، جولة فـي غاية الأهمية أجريت خلالها المنافسات الحزبية فـي خمس ولايات كبرى، هي فلوريدا، أوهايو، إلينوي، ميزوري، ونورث كارولاينا. ولولا الفوز اليتيم الذي حققه حاكم أوهايو جون كايسيك فـي ولايته، لكان حصاد يوم «الثلاثاء الكبير الثاني» كله من نصيب المرشحين الأقوى فـي السباق، دونالد ترامب جمهورياً وهيلاري كلينتون ديمقراطياً، والتي تمكنت بدورها من اكتساح منافسها السناتور بيرني ساندرز فـي الولايات الخمس.
إقصاء روبيو
وفـي أبرز النتائج حقق ترامب انتصاراً كاسحاً فـي ولاية فلوريدا على حساب منافسه السناتور عن الولاية، ماركو روبيو الذي أعلن انسحابه من السباق بعد هزيمته فـي عقر داره. وجاء فوز ترامب بفلوريدا حاسماً لصالح تفوقه فـي السباق كون الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري فـي هذه الولاية تقام على أساس النظام الأكثري، مما أتاح لترامب الحصول على مندوبي فلوريدا الـ99 بعد أن فاز بـ46 بالمئة من الأصوات مقارنة بـ27 بالمئة لروبيو الذي بدا متوتراً بعد خسارته القاسية أمام ترامب.
ووجه ترامب فور اعلان النتائج شكره الى ولاية فلوريدا، مشيداً بالفوز الذي حققه رغم الإنفاق المالي الكبير لمنافسيه.
ومن بين كل الطرق التي تمكن دونالد ترامب من هزّ النظام السياسي الأميركي بها فان طريقته الأهم هي كيفـية الفوز فـي الانتخابات التمهيدية جولة تلو أخرى بميزانية من أصغر الميزانيات لتمويل الحملات الانتخابية فـي بلد يقوم له التمويل بدور حاسم فـي انتخاباته. وما زال ترامب بلا لجنة عمل سياسي تدعمه، ولديه الحد الأدنى من التنظيم على الأرض والمكاتب الميدانية لادارة الحملة. والأهم من كل ذلك انه انفق على الدعاية التلفزيونية أقل مما انفقه أي من منافسيه الرئيسيين رغم أن هذا الشكل من الترويج السياسي يستهلك تقليدياً أكبر حصة من انفاق المرشحين على حملاتهم فـي الولايات المتحدة، بحسب تحليل أجرته شركة «أس أم جي دلتا» التي تتابع الاعلانات التلفزيونية.
معركة محتدمة
وفاز ترامب مساء الثلاثاء الماضي بولاية نورث كارولاينا بفارق 40 ألف صوت على أقرب منافسيه تيد كروز الذي حل ثانياً، وحصل ترامب بذلك على 29 مندوباً مقابل 27 مندوباً لكروز فـيما حل كايسيك ثالثاً وحصل على تسعة مندوبين.
وجاءت النتائج فـي ولاية إلينوي التي شهدت مواجهات نهاية الاسبوع الفائت بين أنصار ترامب والديمقراطي ساندرز، فـي صالح الملياردير النيويوركي الذي اضطر الى إلغاء مهرجان انتخابي فـي شيكاغو بسبب مخاوف أمنية، وقد تمكن فـي النهاية من تصدر السباق بحوالي 39 بالمئة من الأصوات وحصل على 51 مندوباً من أصل 65 مندوباً سيمثلون الولاية فـي مؤتمر الحزب الجمهوري المقرر فـي تموز (يوليو) القادم لاختيار مرشح الحزب للرئاسة. فـيما نال كروز المركز الثاني بـ30 بالمئة من الأصوات وتسعة مندوبين فقط.
وقالت وكالة «رويترز» إن شرطة شيكاغو نصحت ترامب بإلغاء مهرجانه الانتخابي بسبب «مخاوف أمنية».
وقالت شبكة «سي أن أن» إن متظاهرين تجمعوا بأعداد كبيرة أمام جامعة إلينوي التي كان من المقرر أن يعقد فـيها التجمع.
وأوردت أن اشتباكات بالأيدي وقعت بين مؤيدي ترامب والمتظاهرين إثر إعلان الإلغاء. وفـي ولاية نورث كارولاينا، رفض ترامب الاتهامات الموجهة لمؤيديه بممارسة العنف نافـياً أن تكون خطاباته مشجعة على ارتكاب أعمال عنف.
وقال ترامب إن وسائل الإعلام الرئيسية تقوم باستهدافه وتبالغ فـي تصوير الوقائع من هذا النوع مؤكداً أنها تتجاهل آلاف المناصرين الذين يحتشدون فـي مهرجاناته الانتخابية ويكتفون بالإضاءة على شخص أو شخصين قاما بمقاطعة خطابه.
وكتب ترامب تغريدة على موقع «تويتر» يتهم فـيها الديموقراطي بيرني ساندرز بتحريض مؤيديه على التظاهر ضده. وقال فـي تغريدته «بيرني ساندرز يكذب عندما يقول إن مشاغبيه لم يوجّهوا للذهاب الى مناسباتي، إحذر يا بيرني وإلا سيذهب مؤيديَّ الى مناسباتك».
حرب المندوبين
ولا يزال ترامب يواجه معارضة كبيرة داخل الحزب الذي يبذل عدد كبير من قادته جهوداً كبيرة لمنع ترامب من الوصول الى حاجز 1237 صوتاً ما سيلزم الحزب باعتماد ترشيحه للرئاسة. ويرى المراقبون أن من أهداف بقاء كايسيك فـي السباق حتى هذه المرحلة كان حرمان ترامب من الحصول على مندوبي أوهايو الـ66 الذين فاز بهم جميعهم حاكم الولاية المحبوب الذي من المرجح أنه سيكمل مسيرته الانتخابية فـي الجولات القادمة. ومع دخول السباق التمهيدي نصفه الثاني، يصل رصيد ترامب فـي عدد المندوبين لمؤتمر الحزب عند ٦٧٣ مندوباً بعد فوزه بولاية ميزوري، حيث تقدم ترامب على كروز بفارق ضئيل بحوالي ألفـي صوت فقط. وحصل على أصوات مندوبي الولاية الـ25.
وفـي سياق آخر، أعلن المرشح الجمهوري المنسحب من السباق الرئاسي بن كارسون، الجمعة الماضي، دعمه للمرشح الجمهوري الأقوى دونالد ترامب، وذلك بعد أسبوع واحد من إنهاء الجراح المتقاعد حملته الانتخابية. وكارسون هو ثاني مرشح جمهوري يعلن، بعد انسحابه، دعمه لترامب، بعد حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي. وتقام جولة الانتخابات التمهيدية المقبلة للجمهوريين فـي ولايتي يوتاه وأريزونا يوم الثلاثاء المقبل. وكان كروز قد فاز يوم السبت الماضي بانتخابات الحزب الجمهوري فـي ولاية وايومينغ، وروبيو فـي العاصمة واشنطن.
ليلة هيلاري
تمكنت هيلاري كلينتون من تحقيق فوز عريض فـي فلوريدا بالإنتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وتمكنت من الحصول على اصوات 118 مندوبا، مقابل 58 لمنافسها بيرني ساندرز، وكذلك فـي ولاية نورث كارولاينا حيث تمكن من الحصول على أصوات 56 مندوباً مقابل 24 لساندرز.
وفـي إلينوي فازت هيلاري على ساندرز بأقل من 35 ألف صوت ليقتسما مندوبي الولاية (68 مقابل 67 لساندرز)، غير أن أكثر سباقات الديمقراطيين تقارباً كان فـي ميزوري حيث تقدمت هيلاري على منافسها بحوالي 1500 صوت فقط.
أما فـي ولاية أوهايو، فقد حققت كلينتون فوزا كبيراً بعد حصولها على اصوات 72 مندوباً، مقابل 28 لمنافسها، ويعتبر الفوز الذي حققته كلينتون ليلة الثلاثاء الثاني الكبير مهماً، خصوصا أنه يأتي بعد خسارتها المدوية الاسبوع الماضي فـي ولاية ميشيغن. وتقام جولة الانتخابات التمهيدية المقبلة للديمقراطيين فـي ولايات أريزونا (انتخابات عامة) ويوتاه (كوكيس) وآيداهو (كوكيس)، يوم الثلاثاء المقبل.
وتقيم الولايات، الانتخابات الحزبية إما عبر صناديق الاقترع لجميع ناخبي الولاية، أو عبر المجالس الانتخابية (كوكيس) عبارة التي هي عن تجمع من أعضاء الحزب الذين يناقشون برامج المرشحين الانتخابية، يتم على أثرها التصويت لتأييد هذا المرشح أو ذاك.
وكلمة «كوكيس» هي كلمة كان يطلقها السكان الأصليون (الهنود الحمر) على ما يعرف بـ«تجمع زعماء القبائل».
وسيكون يوم السابع من حزيران (يونيو) آخر يوم فـي التمهيديات الرئاسية حيث ستقام انتخابات الحزبين فـي ست ولايات هي نيوجيرزي وساوث داكوتا ومونتانا ونيو مكسيكو وكاليفورنيا (ونورث داكوتا كوكيس للديمقراطيين فقط). والى ذلك الحين يبدو أن كلينتون وترامب فـي طريقهما لتصدر سباقي الحزبين، وفـي حين أن كلينتون -أو مرشحة «العهد» و«مؤسسة الحزب»- فـي طريقها لنيل ترشيح الديمقراطيين بسهولة، فإن الطريق أمام ترامب للحصول على تسمية الجمهوريين ستكون أكثر تعقيداً فـي حال فشل فـي حصد العدد اللازم من المندوبين.
Leave a Reply