بلال شرارة
«كأنه لا يكفـي الميت موته إلا وعصة القبر عليه» هكذا تبدو صورة حركة الواقع اللبناني فـي دنيا الاغتراب والانتشار. فقد وقع اللبنانيون فـي بلاد الغربة تحت ضغط التجاذبات السياسية الاقليمية والسياسات المالية التي أدت الى تهاوي أسعار النفط والبورصات والذهب كما وقعوا تحت رحمة المرض وأصبح ينطبق عليهم المثل «المصائب لا تأتي فرادا»:
– تهاوي أسعار العملة الوطنية فـي غير بلد من البلدان المضيفة بسبب انهيار أسعار النفط الأمر الذي ضغط على موازناتها وأدى بالتالي الى صدور قرارات محلية بتقييد التحويلات المالية مما ترك انعكاسات صعبة على بلد المنشأ (لبنان المقيم الذي كان يتلقى التحويلات وعلى لبنان المغترب الذي كان يضخ التحويلات). ولا بد من ملاحظة أن التعقيدات النفطية وانعكاساتها على أوضاع الجاليات اللبنانية تشمل بلدانا كثيرة فـي إفريقيا وأميركا اللاتينية والخليج العربي.
– القرارات التي صدرت عن وزارة الخزينة الأميركية والتي طاولت عدداً من اللبنانيين وصولاً الى توقيع الرئيس باراك اوباما للقانون 2297 الصادر عن الكونغرس والذي كان واضحاً انه يستهدف اللبنانيين عامة وخصوصاً طيفاً معيناً منهم، هذا الامر الذي استدعى تحرك دبلوماسية برلمانية لبنانية عالية نحو الكونغرس والإدارة الاميركية بتوجيه من دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استبق زيارة الوفد وبعث برسالة بنفس الخصوص الى الرئيس أوباما. وقد لاحظ الوفد أن الادارة والكونغرس يدعمان استمرار المساعدات للبنان ومنع انزلاقه نحو التوترات.
– إبعاد جماعي لأعداد من اللبنانيين من دول مجلس التعاون الخليجي والتسبب بمخاوف من شمول عمليات الإبعاد لأعداد كبيرة من الجاليات المقيمة (الشيعية خصوصاً) مما يؤدي الى هجرة معاكسة نحو لبنان الذي يعاني أساساً من ضائقة اقتصادية ليس ما يعبر عنها فقط سبعين مليار من الديون بل البطالة العالية ووقوع المزيد من اللبنانيين تحت خط الفقر. ولا بد من ملاحظة أن ما يجري إنما يقع فـي إطار ضغوط مالية على الحاضن الشعبي (الشيعي لحزب الله) وفـي نفس الاطار يصب القرار السعودي الجديد الذي صدر يوم الاحد الماضي والمتضمن القول «إن كل مواطن أو مقيم يؤيد أو يظهر الانتماء الى ما يسمى حزب الله او يتعاطف معه أو يروج له أو يتبرع له أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستر على من ينتمي اليه فسيطبق بحقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة بما فـي ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله إضافة الى إبعاد أي مقيم تثبت إدانته بمثل تلك الأعمال».
– وقوع ضحايا لبنانيين فـي افريقيا نتيجة اصابتهم بأمراض (الملاريا، التيفوئيد، ومؤخرا الحمى الصفراء).
– الاصابات اللبنانية نتيجة الهجوم الارهابي الذي استهدف منطقة «غران بسام» فـي ساحل العاج.
إن ما اشرنا اليه اضافة الى صعوبة الحصول على تأشيرات سفر واقامة فـي عدد كبير من البلدان التي كانت تستقبل موجات كبيرة من اللبنانيين، كل ذلك زاد من الصعوبات فـي لبنان المقيم الذي يعيش فـي واقع أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية والتي زاد عليها أيضاً وجود ما يزيد عن مليون ونصف مليون نازح سوري فـي لبنان. وقد اقترن ذلك خلال الأيام الماضية بقرار أوروبي غير معلن بتعليق المساعدات الى لبنان حتى لا يبرز الأمر وكأنه تناقض مع سياسة الضغط السعودي على لبنان حيث ان استمرار ضخ المساعدات أو زيادتها سيبرز و كأنه دليل على رفض اوروبا للسياسات السعودية.
لبنان فـي واقع الأمر أصبح محروما من وطنه وفـي وطنه فبمن تراه يستجير وقد تخلى عنه حتى أشقاؤه ساعة الشدة؟
Leave a Reply