بلال شرارة
هل سينعكس بعض الانسحاب العسكري الروسي من سوريا نفسه على لبنان سلباً أو إيجاباً؟ اللبنانيون يحاولون ربط اكتشاف كريستوف كولومبس لأميركا بلبنان، وكذلك ربط الحوار السوري-السوري فـي جنيف بهم كما يربطون مصير لبنان والانتخابات الرئاسية فـيه بالمفاوضات اليمنية المقبلة.
نقول فـيما احتفل أكراد سوريا بالفدرالية، وفـيما رأت موسكو أن الظروف باتت مؤاتية لإلحاق هزيمة بـ«داعش» فـي تدمر وفـيما قدرت مصادر أن «داعش» خسر 40 بالمئة من سيطرته على العراق بالترافق مع استعدادات الجيش العراقي لاقتحام مركز قضاء هيت غرب الرمادي بعد تدمير آخر دفاعات «داعش» فـي بلدة المحمدي.
وفـيما رأى المبعوث الدولي ديمستورا أن إجراء الانتخابات فـي سوريا امر يتطلب دستوراً جديداً يتم التوصل اليه فـي المفاوضات بين الحكومة ووفود المعارضات وفـيما تم التوصل الى «صفقة بروكسل» الأوروبية-التركية، وفـيما تتساقط صواريخ الإرهاب على المنشآت الغازية فـي الصحراء الجزائرية، وفـيما يقتحم الصدريون التحصينات الى المنطقة الخضراء فـي بغداد ويعتصمون ضد الفساد أمام القصر الحكومي، وفـيما تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة المزيد من عمليات الاستيطان والطعن ورشق الحجارة والاعدامات على الشبهة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد الشبان الفلسطينيين، وفـيما يستعد لبنان لاستقبال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ومعه رئيس البنك الدولي ووفد نيابي من البرلمان الأوروبي، يربط لبنان كل ذلك به وهو -لبنان- لم ينتبه الى الانعكاسات المتوقعة لزيارة أوباما الى كوبا مثلاً ولا الى العملية الإرهابية ضد الجيش المصري فـي العريش.
فـي الواقع لا جديد لبنانياً.. لا جديد على صعيد ملء الشغور الرئاسي ولا جديد على صعيد تحريك عجلة التشريع وتنشيط العمل الحكومي.. لكن الجديد تلقي دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة جوابية من جون كيري وزير الخارجية الأميركي رداً على رسالة للرئيس أوباما عقب توقيعه لقانون الكونغرس رقم 2297، وقد أكد كيري فـي رسالته «التزام بلاده ازدهار لبنان الاقتصادي وأمنه أكثر من أي وقت مضى».
ولبنانياً، وفـيما توجه وزير المالية علي حسن خليل الى واشنطن من أجل محاولة رفع الهواجس الأميركية وردم هوة المخاوف اللبنانية التي تطال حركة التحويلات المالية للمغتربين نحو لبنان، وفـيما يبدأ رفع النفايات ويتواصل الخرق الاسرائيلي وابعاد اللبنانيين من الخليج،، فـيما كل ذلك، يتراجع الاحساس بالمسؤولية فـي لبنان.
لا شيء سوى تحويل الأنظار نحو الانتخابات البلدية «إيقاظ المشكلات العائلية والسياسية والطائفـية والمذهبية فـي المدن والبلدات والقرى».
لبنان جرب قبل الأكراد فدرالياته فـي الأمن والكهرباء والصلاة والصوم وما الى ذلك، ولبنان متحرر من «داعش»، وعنده دستور غير مطبق «أحلام ديمستورا بدستور سوري جديد مجرد رؤية حالمة فـي القيلولة السياسية»
لبنان لم يشهد أي تحول رافق التدخل الروسي فـي سوريا أساساً، وهو لم يحقق أي استفادة من قيام تحالف جوي بقيادة الولايات المتحدة فـي العراق وسوريا.
لبنان دفع ثمن تشظي الأزمة السورية، مليون ونصف مليون نازح على أرضه وأمن مضطرب على حدوده الشرقية والشمالية وعلى حدوده مجتمعة.
لبنان فـي الثلاجة الى لحظة ما، إذ ربما يكون ساحة اثبات لحسن النوايا وتطوير الحوارات الجارية فـيه بين «حزب الله» و«المستقبل» لحلحلة استحقاقات ساخنة ولكن كل شيء يتوقف على إشارة انطلاق لإعادة بناء علاقات الثقة السعودية-الإيرانية وهو الأمر المرهون الآن على مساعي الدبلوماسية الكويتية، أو ربما يدخل لبنان الى ساحة الحرب الساخنة كما يدخل لاعب السيرك رأسه فـي فم الأسد.
نسأل الله ألّا تغلب غريزة الأسد عقله وأن ينجّينا من إطباقه بأنيابه على رأس لبنان.
Leave a Reply