بلال شرارة
هنا فـي الفراغ لا أدق على باب أحد ولا أحد يدق على بابي، قلبي لا يخفق البتّة ولا أتشوق إلى لقاء أحد حتى أنتِ، هنا لا تحضرني الذاكرة، وليس عندي جدول أعمالٍ للمراثي.
فـي الفراغ لا أشعر بالفراغ، أبتعد عن أذية الناس لي وأبتعد عن أذيتهم ، هنا فـي الفراغ لا يصلبون الأنبياء ولا من تشبه بهم، وهنا لا يقطعون رأس الحواريين على النطح ولا يضعون السم فـي الدسم.
هنا فـي الفراغ، لا يستيقظ الأولاد باكراً، ولا يلبسون المراييل فـي طريقهم إلى يومهم المدرسي الطويل، بصراحة نحن لا نكوي لهم النهار ونجبرهم على ارتدائه إلى المساء وهم -الأولاد- لا يحملون على أكتافهم حقائبهم المدرسية ولا يهتمون لحصة قواعد اللغة العربية ولا لحصة «الكونجكيزون». هنا لا يشربون قهوة الصباح ولا القهوة البيضاء ولا القهوة ولا تلزمهم مياه الشفة ولا مياه الاستخدام ولا فرشاة الأسنان. هنا لا تتفتح الورود ولا الزنابق ولا تغني الأطيار على الأفنان وهنا لا تمر السيارات مسرعة على الطريق العام ولا نضع لها «المطبات» لتخفف من سرعتها.
هنا فـي الفراغ لا تقف قامة الشمس فـي كبد السماء ولا يفضح القمر الصبي حركة العشاق بين قصب النهر.
فـي الفراغ…
هنا فـي الفراغ لا نحتاج الى خزانة للملابس، مكتبة للكتب، للكتب نفسها، للكتاب، لاوراقهم، لمخيلتهم، لنصوصهم..
هنا لا سلام ولا كلام، لا حب و لا حرب، لا بكاء ولا فرح، لا ضجيج ولا سكوت، ولا من يحزنون..
هنا لا أنتم ولا نحن ولا أنا.
هنا فـي الفراغ الشديد ينعدم الوزن ولا نعود نسمع أو نرى شيئاً.
يموت العقل، يصيبه اليباس، يعود لا ينبض، لا يتنفس، لا يشعر، لا يتذوق…
هنا فـي الفراغ، لا نحتاج الى شرطة مرور، ولا الى شرطة آداب…
هنا لا مجتمع ولا دولة، لا قانون ولا فساد.
هنا لا فضائيات.. لا برامج «توك شو»، ولا إعلام مكتوب أو مرئي أو مسموع.
هنا لا وطن، لا عاصمة، لا حدود سيادة برية، لا مياه اقليمية ولا مجال جوي.
هنا فـي الفراغ لا سلسلة رواتب ولا سلسلة رتب، لا موازنة، لا مديونية، لا صكوك معدنية أو ورقية ولا صكوك غفران.
هنا لا نوم ولا سهر ولا فجر، لا نهارات ولا مساءات..
لا بطاقات هوية أو تعريف ولا بطاقات صفراء أو حمراء…
Leave a Reply