سامر حجازي – «صدى الوطن»
أكد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، جيمس كومي أثناء مؤتمر صحفـي عقده فـي ديترويت يوم الثلاثاء الماضي، أن تنامي ظاهرة «الإسلاموفوبيا» بات يشكل مصدر قلق حقيقي للوكالة الفدرالية، داعياً المسلمين الأميركيين الى إبلاغ السلطات عن أية تصرفات مشبوهة ضدهم، مشدداً على إنه من أهم مسؤوليات الـ«أف بي آي» هي «تأمين سلامة الناس، من الاعتداء أو البلطجة أو الأذى أو الترهيب، الذي قد يلحق بهم بسبب المظهر أو مكان العبادة أو حتى بسبب سلوكهم الشخصي».
وجاءت تصريحات كومي فـي ختام زيارته الثانية لمدينة ديترويت حيث التقى بعدد من المسؤولين الحاليين وقيادات من الجالية العربية، قبل أن يعقد مؤتمراً صحفـياً مشتركاً فـي مكتب «أف بي آي» بديترويت، وذلك بعد اجتماعه مع مسؤولين أمنيين وفدراليين وقادة من المجتمع المحلي فـي مترو ديترويت حيث تطرق الى عدد من القضايا المتعلقة بأوضاع المسلمين واللاجئين والأقليات عموماً.
وشارك كومي فـي المؤتمر الصحفـي غداة الاجتماع كل من المدعية العامة باربرا مكوايد، وقائد شرطة ديترويت جيمس كريغ، وشريف مقاطعة وين بيني نابليون، ورئيس مكتب الـ«أف بي آي» فـي ديترويت العميل الخاص ديفـيد جيليوس، وذلك تأكيداً على التعاون القائم بين المكتب الفدرالي ووكالات الشرطة المحلية.
ومن جهة أخرى عبّر المدير الوطني للـ«أف بي آي» عن دهشته وسروره بمستوى العلاقات المميزة بين المجتمع المحلي ومسؤولي سلطات إنفاد القانون فـي مترو ديترويت، منوهاً الى أن «العلاقات القائمة هنا تعتبر نموذجاً» يجب أن يحتذى فـي جميع المناطق الأخرى بالولايات المتحدة.
وقال كومي إن الرسالة التي أوصلها له المسؤولون المحليون وممثلو المجتمع المحلي خلال الاجتماع الذي سبق المؤتمر الصحفـي كانت «مفاجئة» بالنسبة له. وأضاف «لقد أخبروني أن هذه المنطقة تعد نموذجاً للتعاون فـي علاقات تشهد كثيراً من المشاكل فـي مناطق أخرى من البلاد».
وتابع بالقول إنه يأمل فـي أن يتمكن من «سرقة هذا الإكسير السحري المنتشر هنا بين المجتمع المحلي والشرطة، وأرشّه فـي أماكن أخرى بالبلد».
وحضر الاجتماع مع كومي عدد من القادة المجتمعيين العرب، بينهم رجل الأعمال علي جواد والدكتور يحى الباشا ونابي يونو والناشطة سهيلة أمين والمحامية منى فضل الله والدكتورة هدى الأمين إلى جانب ناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني الذي أثار مع كومي قضية تضخم لائحتي «الممنوعين من السفر» و«مراقبة الإرهاب» اللتين تضمان عدداً كبيراً من أسماء المسلمين والعرب الأميركيين فـي منطقة ديترويت، وبالأخص ديربورن.
ورد كومي بالقول إنه ليست لديه معلومات حول هذا الموضوع وإنه سوف يتحقق من الأمر ويجيب على هذه الاستفسارات.
«داعش» يجنّد
وشدد كومي على أن مكافحة الإرهاب تقع فـي رأس سلم اهتمامات المكتب الفدرالي، خاصة مكافحة جهود تنظيم «داعش» الإرهابي لتجنيد مواطنين أميركيين يعانون من اضطرابات يعمل التنظيم الإرهابي على استغلالها من خلال ترغيبهم بالسفر الى الخارج حيث يتم دفعهم الى التطرف.
وقال: «يأتون إلينا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ويحاولون تجنيد الأميركيين ليسافروا إلى أرض خلافتهم المزعومة وليعيشوا المجد من خلال مشاركتهم فـي المعركة الأخيرة بين الخير والشر، الى جانب الرب»
وأضاف كومي إن هذه الدعاوى «تلقى صدى لدى بعض الأميركيين المضطربين».
وإلى جانب محاولات «داعش» تجنيد الأميركيين، أشار كومي إلى أن التنظيم التكفـيري «يشجع» الأميركيين على تنفـيذ هجمات دموية فـي أميركا، خاصة عبر موقع «تويتر»، لافتا إلى أن هذا النشاط يدفع الـ«أف بي آي» الى فتح تحقيقات فـي جميع أنحاء البلاد.. إننا نحاول أن نفهم أين يقف الناس فـي الطريق الممتد بين استقبال المعلومات والتصرف حيالها».
وأضاف أن المكتب الفدرالي يتعاون بشكل دائم مع السلطات المحلية وسلطات الولايات لمساعدتها فـي التعرف على الأفراد المشبوهين ومراقبتهم الكترونيا، وقال: هذا الأمر يتطلب منا أن نقوم بمراقبة هؤلاء الأفراد لكي نعرف ما سيقومون به، وبالتعاون مع شركائنا المحليين والفدراليين، نحاول أن نقتفـي آثار هؤلاء الأشخاص الذين يتم توجيههم للقيام بأعمال عنفـية.
ولفت كومي إلى أن الكونغرس الأميركي يمارس ضغوطا على مكتب الـ«أف بي آي» ليجري مسحاً أمنياً شاملاً للاجئين الذين استقروا فـي البلاد وضمان الوكالة بعدم ضلوع أي منهم فـي الإرهاب، مؤكداً على أنه من المستحيل تحقيق ذلك.
وكشف كومي أن الـ«أف بي آي» يفتقد إلى التنوع المطلوب بين العاملين فـيه، مؤكداً أنه سيضع على رأس أولوياته توظيف المزيد من أبناء الأقليات فـي الوكالة بما يعكس التنوع العرقي والإثني والديني فـي الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن ٨٣ بالمئة من عملاء المكتب هم من الأميركيين البيض.
لائحة مراقبة الإرهاب
وتطرق كومي بشكل موجز إلى القضية التي رفعت ضد الـ«أف بي آي» من قبل «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير-ميشيغن) بإسم 18 شخصا أميركيين مسجلين على «لائحة مراقبة الإرهاب» بدون أسباب معلنة، ودون إبلاغهم بذلك. (تفاصيل ص 7) وأضاف قائلا: «من الصعب أن نرى كيف يتم ذلك من الناحية الإجرائية، حتى أن أكبر منتقدي «لائحة مراقبة الإرهاب» سوف يتفقون معنا على أن بعض الأشخاص يشكلون قلقا حقيقيا بالنسبة لنا، فإذن كيف سينجح عملنا إذا قمنا بإخبار هؤلاء الأشخاص بأننا نعلم أنهم أشخاص سيئون؟».
ونوه إلى ضرورة وجود إجراء ضمن النظام يمكّن الأشخاص المشتبه بهم خطأً من المطالبة بإزالة أسمائهم من اللائحة، وقال: «أعتقد أن الطريقة المثلى لنا جميعا هي أن نجد الإجراءات التي تمكّن الأفراد الذين لا يوجد سبب مقنع لضمهم إلى اللائحة من أن يطالبوا بإزالة أسمائهم منها».
وأشار كومي فـي نهاية المؤتمر إلى أن مكتب الـ«أف بي آي» يعتمد على الناس ومسؤولي سلطات إنفاد القانون والمتعلمين ورجال الدين لمساعدته فـي التعرف على الأشخاص الذين يجنحون نحو التطرف». وقال: مهمتنا هي بناء علاقات وبالتالي مشاركة المعلومات، وامتلاك أواصر علاقات جيدة تمكن الأفراد الذين لا يرغبون برؤية العنف من أن يقوموا بإبلاغنا عندما يشاهدون شيئا مثيراً للقلق».
يشار الى أنه سبق لكومي أن زار منطقة ديترويت فـي نيسان (أبريل) 2014، وتعتبر هذه زيارته الثانية للمنطقة منذ توليه رئاسة جهاز الشرطة الفدرالية «أف بي آي» الذي يشرف على 56 مكتباً إقليمياً، من بينها مكتب ديترويت الذي يديره حالياً العميل الخاص ديفـيد جيليوس.
Leave a Reply