بلال شرارة
تجتهد الجالية اللبنانية فـي ديربورن (ديترويت) الولايات المتحدة الاميركية فـي ابراز تعبيراتها الديمقراطية عبر مرشحين لمناصب تربوية او قضائية او بلدية جلّهم من النسوة.
ويوماً بعد يوم تشتد الحملات الانتخابية والاصطفافات المتصلة بحملات المرشحين وضمنا التبرعات لحملاتهم.
عندنا هنا فـي لبنان يجري تركيب الماكينات الانتخابية او «تزييتها» وكذلك يتم «الصبّ» على المفاتيح الانتخابية ليس لان معارك انتخابية صغيرة او كبيرة ستجري، بل لأن ذلك من مقتضيات الفلكلور الانتخابي.
الفرق بين الانتخابات عندنا والانتخابات حيث تقيم الجالية اللبنانية الاميركية بسيط!
عندنا يتم التوافق السياسي الطائفـي أو المذهبي أو الجهوي أو العائلي على لوائح العمل البلدي ثم يجري إبلاغها لجمهور الناخبين، أي أننا ننتخب من يجري تفصيله لنا. وبمعنى أوضح، أن الديمقراطية عندنا مجرد عملية. أما عندكم فـي اميركا فالديمقراطية نهج حياة، والانتخابات تجري على قاعدة المصلحة فـي الانحياز لهذا المرشح او ذاك لأنه سيحقق لناخبيه المزيد من المكاسب والمطالب.
طبعاً أنا لا أجرد «هنا» من كل شيء، ولكن التمديد عندنا جعلنا نكاد نقع على قفانا من الضحك عندما يجري الحديث عن اي انتخابات من الرئيس حتى البوليس. وصحيح انه بات من المستحيل التمديد للرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان ولكن جرت محاولة لتحقيق ذلك، وقد وقع حتى الآن التمديد للمجلس النيابي مرتين، والآن لا احد يصدق ان الانتخابات البلدية ستجري واذا جرت فإنها ستمزق الناس «شذر مذر» ليس بسبب التنافس على الأحسن بل على الأسوأ.
عندكم فـي «دير بورن» الانتخابات حدث جميل، عمل يجري تحت سقف القانون والانتخابات تأخذ بعين الاعتبار الاسباب الموجبة والمصلحة فـي تشكيل المجالس التربوية او البلدية أو مجالس القضاء أو حتى اختيار المحلفـين فـي المحاكم.
النظافة عندكم مركزية، عندنا النفايات مركزية. البرد عندنا مركزي وأنتم عنكم التدفئة مركزية.
عندكم ترامب واحد، عندنا ترامب على كل ناصية.
عندكم بالكاد حزبان ديمقراطي وجمهوري، عندنا الأحزاب تتوالد كالأرانب، عندكم ولايات متحدة عندنا انقسامات عمودية وأفقية.
أنا كنت سآتي الى ديربورن ولكن لأسباب تتصل بحقي فـي الانتخاب ودوري فـي اختيار لائحة بلدية حال دون إسراعي الى لقاء حفـيدي، أعرف أن شيئاً هنا سوف لن يتغير (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وأعرف أن إعادة تشكيل الدولة وأدوارها لا يمكن أن يبدأ من الانتخابات البلدية وأن الأساس هو إقرار قانون للانتخابات وزيادة مشاركة المرأة والشباب، ولكن -أنا- مثل الجميع عندنا، لا أستطيع إلا أن أشارك فـي تقطيع الوقت، لذلك أرجو المعذرة على مشاركتي هنا فـي جنازة الديمقراطية.
الأستاذ محمد حسنين هيكل كشف منذ نصف قرن على الأقل أن مشكلتنا نابعة من: «الديمقراطية الغائبة والسلام المفقود».
السلام سيبقى مفقوداً فـي غياب اعتراف أنماط السلطات العربية ومعارضاتها بحقوق الانسان وعدم إقرار شرعة الانسان العربي والالتزام بها وعدم اقرار خطط وطنية لحقوق الانسان.
بشكل أو بآخر ما سيجري فـي لبنان هو تعويم للمجالس البلدية، مع بعض التغييرات الشكلية.. لا برامج ولا من يحزنون. لماذا لا نحتفل بعيد جديد؟ عيد المجالس البلدية والمختارين عندنا.
فـي بلدتي واحد وعشرون عضو فـي المجلس البلدي (أكثر من اعضاء مجالس بلديات سان باولو والقاهرة واسطنبول)، وثلاثة عشر مختاراً (على الأقل)، وصراحةً، لا يوجد عندنا صفٌ أول فـي قاعات الاحتفالات قادر على استيعاب مثل هذا العدد من الفعاليات.
هل نحتاج الى العدد أم الى الفعل؟
أود من صميم قلبي ان اتعلم الديمقراطية.
هل لديكم مدرسة تتسع لاسئلتي؟
Leave a Reply