مريم شهاب
استوقفني أحدهم يوم الأحد الماضي بعد حضور مناسبة دينية فـي أحد الجوامع هنا فـي ديربورن، وسألني سؤالاً مباشراً وطالبني بالإجابة عنه عبر مقال. والسؤال: هل يدخل الفقراء الجنة؟
أقول للقارئ العزيز، بحسب المنطق القروي الذي جئت منه، وبعد هذا العمر الطويل، لن يدخل الفقراء الجنة ولو حتى بالحلم، فالمنحوس فـي الدنيا متعوس فـي الآخرة، حتى أنه يقال إن الله سبحانه وتعالى فضّل المؤمن القوي على المؤمن الضعيف. ومنذ بدء الخليقة فإن الفقراء والبسطاء والمتعبين هم الورعاء والمترفعون عن ممارسة ضروب المكر والخداع والغش، وهم أيضاً المهزومون دوماً أمام الإقطاع المتعدد الرؤوس، من تجّار الأوطان الى تجّار الأرواح وتجّار الأرض وفجّارها الى تجّار الهيكل.. أي تجّار الدين الطائفـيين والمتعصبين.
يحدث كل ذلك، لأن العدل خاضع لتأثير ذوي النفوذ والسلطات وأصحاب الكنوز والمال الذين يرتكبون جميع أصناف المظالم دون أن يردعهم أحد، تحت مسميات الدهاء والذكاء واللباقة. لماذا؟ لأنهم يمتلكون الوساطات التي تمكنهم الاستفادة من سلطات المسؤولين، الذين، وبدون مواربة يشجعون على الفساد والإجرام وانتهاك القوانين على الرغم من وضوح نصوصها، والتي لا تخيف إلا الفقراء والضعفاء ولا تطبق إلّا عليهم،و أما الأقوياء والأغنياء من اللصوص والسراقين والدجالين والمفسدين والبعض من رجال الدين، أي دين كان، فإنهم يخرقون حرمة هذه القوانين دائماً ولا يعاقبون، لأن العدالة مغمضة العينين ولا تنطق إلّا بالأباطيل ولا تجرؤ على تسمية فاسق أو فاسد واحد.
الكثير من الفقراء هم شرفاء، لكنهم لا يملكون إلّا الدعاء،و السماء لا تستجيب للدعاء، تستجيب للدعاء مقروناً بالإحسان، الأغنياء يحسنون ويتبرعون والسماء تحب المحسنين، وهم وحدهم الذين يظفرون بالإنعامات والكرامات الكثيرة والناس منذ بدء الزمان وإلى الآن
يسمون أقبح الرجال وأكثرهم شراً وسطواً على أموال الفقراء وحقوق العباد «خدام الوطن والشعب» ويغدقون عليهم ألقاب التعظيم والتقديس،خاصة إذا انحرفوا 180 درجة نحو التدين وبنوا الجوامع والكنائس وتابوا الى الله توبة نصوحاً .. وعفا الله عما مضى، والحسنات يذهبن السيئات «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ». (آل عمران – 135-136)
الفقير يعيش فقيراً ويموت فقيراً.. مجرّد ذرة من تراب هذه الأرض.. هل تتصور ، يا سيدي السائل، أن لمليارات الفقراء مكاناً يتسع لهم فـي السماء؟
Leave a Reply