يحضّ من ألمانيا على محاربة «داعش» ووحدة أوروبا والتبادل التجاري الحر
هانوفر - وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما، الأحد الماضي، إلى مدينة هانوفر بشمال ألمانيا، فـي زيارة استمرت ليومين التقى خلالهما زعماء أوروبيين فـي مقدمتهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وفـي خطاب القاه فـي معرض هانوفر الصناعي تحدث أوباما بإسهاب عن أهمية القارة الأوروبية باعتبارها كياناً موحداً، وقال إن ما يحدث فـيها له تداعيات على جميع أنحاء العالم، لذا فإن الولايات المتحدة والعالم بحاجة إلى أوروبا موحدة ومزدهرة. ويأتي حديث أوباما بهذا الصدد فـي وقت يواجه الاتحاد الأوروبي تناميا للتيار الشعبوي وخطر خروج بريطانيا منه.
ويشكل وضع أوروبا الهش بسبب التحديات الكثيرة التي تواجهها مصدر قلق متنام للإدارة الأميركية، فإلي جانب احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثمة ازمة الهجرة التي تغذي الحركات الشعبوية وتهديد تنظيم «داعش» والوضع فـي اوكرانيا الذي لا يزال غير مستقر والتباطؤ الاقتصادي فـي القارة الأوروبية. وتابع مخاطباً الأوروبيين، «ربما تحتاجون إلى شخص من الخارج، مثلي، لتذكيركم بالتقدم الذي أحرزتموه»، وذلك قبل اجتماع مع المستشارة ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيسي الوزراء البريطاني ديفـيد كاميرون والإيطالي ماتيو رينزي.
وحضّ أوباما القادة الأوروبيين الأربعة على عدم الاعتماد على الولايات المتحدة فقط لضمان الدفاع عنهم فـي اطار الحلف الاطلسي وكذلك على زيادة نفقاتهم الدفاعية.
وقال أيضاً إن أوروبا قوية وموحدة، ضرورية لأميركا وللأمن العالمي، فإذا «بدأت أوروبا موحدة وسلمية وديموقراطية وموجهة إلى اقتصاد السوق، تشكك فـي نفسها وتعيد النظر فـي التقدم الذي أحرز فـي العقود الأخيرة، فإن هذا التشكيك سيعزز مواقف من يقولون إن الديموقراطية لا يمكن أن تنجح». وأشاد أوباما بالعلاقات التاريخية القوية بين الولايات المتحدة وأوروبا، وقال إن التعاون بين الجانبين على مر السنين أسهم فـي حل الكثير من الأزمات والمشاكل فـي العالم. وأوضح أن الأميركيين يرون فـي مدن أوروبا امتدادا لمدنهم، ويشعرون أيضاً بالانتماء للقارة وسكانها.
«داعش»
وأعلن أوباما فـي خطابه قراراً عن نشر قوات إضافـية فـي سوريا. وقال أوباما إن القوة الأميركية لن تقود المعركة على الأرض، لكنها ستقدم المساعدة والتدريب لقوات المعارضة التي تحارب «داعش». وستنضم وحدات تضم 250 عسكرياً أميركياً إلى 50 آخرين أرسلوا إلى سوريا العام الماضي.
وأوضح أن على المجتمع الدولي فعل ما بوسعه للتصدي لداعش، «فهو أكبر تهديد يواجهه العالم اليوم». ولفت إلى أن أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) يستطيعان القيام بالمزيد فـي هذا الصدد. وتطرق الرئيس الأميركي أيضا إلى الأوضاع فـي العراق، وقال إن البلاد بحاجة إلى مزيد من التدريب العسكري والمساعدات، لكسر دوامة العنف هناك والحيلولة دون عودة «داعش» بعد القضاء عليه.
وجدد أوباما موقف بلاده الرافض لإقامة منطقة حظر جوي فـي سوريا، عازيا ذلك إلى صعوبة تنفـيذها على أرض الواقع. وأردف قائلاً إنه «سيكون من الصعب للغاية تخيل نجاح ما يطلق عليها «منطقة آمنة» فـي سوريا من دون التزام عسكري كبير». وأضاف «لا يتعلق الأمر الخاص بإقامة منطقة آمنة فـي سوريا باعتراض أيديولوجي من جهتي. لا علاقة للأمر بعدم رغبتي فـي تقديم المساعدة وحماية عدد كبير من الأشخاص. الأمر يتعلق بظروف عملية بشأن كيفـية تحقيق ذلك». فـي المقابل، قالت ميركل إنها لا تؤيد إقامة منطقة آمنة وفق المفهوم العسكري التقليدي.
وصرح أوباما خلال زيارته إلى ألمانيا السبت، بأنه من الخطأ إرسال قوات غربية برية إلى سوريا من أجل إسقاط حكم بشار الأسد.
التبادل الحر
أما بالنسبة لاتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، فقد قال أوباما خلال المؤتمر الصحافـي مع ميركل «توافقنا أنغيلا وأنا على حاجة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى المضي قدما فـي المفاوضات حول الاتفاق التجاري عبر الأطلسي» رغم التباينات والانتقادات.
واستبعد أن تتم المصادقة على اتفاق بحلول نهاية العام، لكنه توقع أن «تنتهي المفاوضات حوله وعندها سيتمكن الناس من تحديد لماذا هو إيجابي بالنسبة إلى بلدينا». من جهتها، أعربت ميركل عن اعتقادها بأن الاتفاق بمثابة «فرصة أوروبية ومساعدة كبيرة للسماح بتوسع اقتصادنا».
يذكر أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يجريان مفاوضات منذ 2013 لإعداد اتفاق للتبادل الحر. وعقدت الجولة الـ13 من تلك المفاوضات فـي نيويورك الاثنين الماضي. لكن المشروع يثير مزيداً من الاعتراض داخل المجتمع المدني. وقد تظاهر عشرات الآلاف من رافضيه فـي شوارع هانوفر تزامنا مع زيارة أوباما. وحرص أوباما عشية زيارته إلى ألمانيا على الإشادة بميركل «حارسة أوروبا» التي تبنت موقفا «شجاعاً» فـي أزمة المهاجرين، مؤكدا «إنني أفتخر بكون أنغيلا ميركل صديقة لي». ورحب أوباما من جهة أخرى بالسياسة التي تنتهجها المستشارة الألمانية فـي ملف الهجرة رغم الانتقادات، وقال إن ميركل «فـي الجانب الصائب من التاريخ وتجسد المبادئ التي تجمع بدلا من تلك التي تفرق». وأعرب أيضا عن «اعتزازه بالشعب الألماني» للدعم الذي قدمه للمهاجرين منذ صيف 2015 مع تدفق مئات الآلاف منهم على شمال أوروبا هرباً من الحروب والاضطهاد والفقر. وعاد الرئيس الأميركي إلى واشنطن مساء الاثنين الماضي فـي ختام جولة خارجية قادته أيضاً إلى السعودية وبريطانيا.
أوباما وزوجته ميشيل يلتقيان الملكة اليزابيث وزوجها الأمير فيليب في حديقة قصر ويندسور بلندن حيث أقيم حفل غداء لهما يوم الجمعة الماضي. |
يدعو البريطانيين الى البقاء في الاتحاد الأوروبي .. ويسلّم بالدور الروسي في سوريا
قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، إنه «بحث جميع الخيارات المتاحة فـي سوريا ولم يجد أية واحدة منها جيدة»، لكنه أكد أنه سيحاول «إنجاح وقف الأعمال القتالية»، معتبراً انه «ليس بالإمكان إنهاء الأزمة فـي سوريا من دون تحريك المسار السياسي ومن دون موسكو».
ووصف أوباما، خلال مؤتمر صحافـي عقده السبت الماضي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفـيد كاميرون فـي لندن التي يزورها للمرة الخامسة خلال رئاسته، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه «أكثر الداعمين لنظامٍ قاتل فـي سوريا»، ولكنه أكد أنه «ليس بالإمكان حل الأزمة السورية من دون موسكو». وقال إن «التوصل إلى حل فـي سوريا سيتطلب التعامل مع أشخاص أنا لا اتفق معهم أبداً»، مضيفاً ان بوتين سيدرك بأن الأزمة السورية «لا يمكن حلّها بالوسائل العسكرية».
ولفت أوباما إلى أنه «لا يعتزم نشر قوات على الأرض فـي ليبيا»، مشدداً فـي الوقت ذاته على انه «ليس بوسعنا أيضاً الانتظار لنرى تنظيم الدولة الإسلامية يكسب له موطئ قدم هناك»، معتبراً أن «دعم حكومة الوفاق الليبية يمثل تحدياً».
كما حذّر الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن بلاده ستفضل إبرام اتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، وأن لندن ستصبح بالنسبة للولايات المتحدة «فـي ذيل القائمة» فـي ما خص الاتفاقات التجارية إذا ما قررت الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ووصل أوباما إلى لندن قادماً من الرياض، حيث التقى الملك سلمان بن عبد العزيز بحضور وليي عهده محمد بن نايف ومحمد بن سلمان وسط أجواء متوترة بين البلدين، كما حضر القمة الخليجية، معتبراً فـي ختامها أن لا مصلحة لأحد بالدخول فـي نزاع مع إيران.
وناقش أوباما وكاميرون، الحرب على الإرهاب وأزمة اللاجئين والحرب فـي سوريا والوضع فـي أفغانستان، لكن الرئيس الأميركي، الذي لطالما عبّر عن رغبته ببقاء بريطانيا فـي الاتحاد الأوروبي، استغل زيارته للتعبير عن هذا الرأي بشكل أكثر صراحة ووضوحاً.
واعتبر أوباما أن «وحدة أوروبا تتعرض لضغوط ولكنها ليست فـي أزمة»، محذراً من أن الانقسامات فـي أوروبا «ستؤدي إلى إضعاف حلف شمال الأطلسي».
وقال أوباما إنه يريد أن يكون كاميرون خلال مناقشات أزمة الهجرة «داخل الاتحاد الأوروبي وليس خارجه»، مضيفاً أن عضوية بريطانيا فـي الاتحاد تعظم نفوذها فـي العالم».
من جهته، أكد كاميرون، المؤيد لبقاء بريطانيا فـي الاتحاد الأوروبي، أن «عضويتنا فـي الاتحاد تمنحنا أداة قوية لتحقيق الرخاء والأمن الذي يحتاجه شعبنا ولمساندة القيم التي تشترك فـيها دولنا». وكان أوباما أعلن بوضوح من لندن رغبته ببقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، ما اثار انتقادات من مؤيدي خروج المملكة من الاتحاد.
وفـي مقال طغت عليه نبرة شخصية، ونشرته صحيفة «ديلي تلغراف» بعد ساعات من وصوله إلى لندن قادماً من الرياض، كتب أوباما أن «الاتحاد الأوروبي لا يقلل من نفوذ بريطانيا، بل على العكس يعطيه بعداً أكبر»، معرباً عن موقفه بشكل مباشر وصريح قبل شهرين من الاستفتاء حول الانتماء الى الاتحاد الأوروبي الذي ستنظمه بريطانيا.
وأكد أوباما «ان الولايات المتحدة والعالم بحاجة الى استمرار نفوذكم الكبير، بما فـي ذلك داخل أوروبا»، فـي موقف منحاز قلما يتبناه أوباما حيال الشؤون الداخلية لدولة ثالثة.
يتجنّب وصف «مجازر» الأرمن بـ«الإبادة»
وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي ما سمي بـ«مجازر» تعرض لها الأرمن فـي عهد الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى بـ«المذبحة المروعة» متجنبا استخدام كلمة «إبادة» وذلك قبل ساعات من إحياء الأرمن الذكرى المئوية لهذه «المجازر». وقال الرئيس الأميركي فـي بيان بدا أن كلماته اختيرت بعناية فائقة إن «أرمن السلطنة العثمانية تعرضوا للترحيل والقتل والاقتياد نحو الموت. لقد تم محو ثقافتهم وإرثهم فـي وطنهم القديم». وأضاف أنه «فـي ظل أعمال العنف الرهيبة هذه، التي شهدت معاناة من جميع الجهات، هلك مليون ونصف مليون أرمني».
وكان أوباما وعد خلال حملته الانتخابية للسباق الرئاسي عام 2008 بأن يعترف بالإبادة، ولكنه حين أصبح رئيسا لم يف بوعده ولم يأت على لسانه كرئيس يوما هذا اللفظ، ولا سيما فـي البيانات التي تصدر سنويا فـي ذكرى «المجازر» الأرمنية التي تحييها يريفان وأرمن الشتات.
وعام 2014، وصف أوباما «المجازر» التي تعرض لها الأرمن بأنها «واحدة من أسوأ فظائع القرن العشرين».
وطالب البيت الأبيض الثلاثاء الماضي باعتراف «كامل وصريح وعادل» بـ«المجازر» التي تعرض لها الأرمن فـي عهد السلطنة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، ولكنه تجنب فـي الوقت نفسه استخدام مصطلح «الإبادة» لوصف هذه «المجازر».
بالمقابل، يعترف الكونغرس الأميركي بـ«المجازر» الأرمنية منذ وقت طويل، وذلك بموجب قرارين أصدرهما مجلس النواب عامي 1975 و1984. وعام 1981، وصف الرئيس -فـي حينه- رونالد ريغان «المجازر» الأرمنية بـ«الابادة».
وتحيي أرمينيا الذكرى المئوية لتلك «المجازر» فـي 24 نيسان (أبريل)، اليوم الذي جرى فـيه عام 1915 اعتقال مئات الأرمن قبل ذبحهم لاحقا فـي إسطنبول، وشكل بداية «المجازر».
Leave a Reply