عماد مرمل – «صدى الوطن»
يسعى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل الى التمايز فـي سلوكه عن المنتسبين الى نادي الطبقة السياسية التقليدية، محاولاً أن يقدم نموذجاً مغايراً فـي التعاطي مع الشأن العام. يبدو الجميل بالنسبة الى اصحاب المدرسة الواقعية، مثاليا زيادة عن اللزوم، معتبرين أن طروحاته تصلح فـي «جمهورية أفلاطون» لا الجمهورية اللبنانية. وفـي المقابل، يرى المتحمسون له أن «فتى الكتائب» يختزن بُعداً ثورياً، إصلاحياً، ويعكس نبض الشباب وتطلعاتهم الى دولة عصرية.
وفـي انتظار ان يحكم المستقبل على هذه التجربة، يقول الجميل لـ«صدى الوطن» إن الوضع فـي لبنان يبدو سهلاً وصعباً فـي الوقت ذاته، مشيراً الى أن معالجته تصبح سهلة إذا طبقنا النص الدستوري وتغدو صعبة إذا تجاهلنا هذا النص.
ويرى الجميل ان على القوى اللبنانية ان تختار بين السماح للتدخلات الاقليمية بأن تستمر فـي تعطيل حياتنا الوطنية، وبين أن ترفض الخضوع الى إرادة الخارج.. كله متوقف على مدى قدرتنا فـي التحلي بروح المسؤولية ووضع مصلحة لبنان قبل وفوقَ أي مصلحة خارجية.
ويتمسك الجميل برفض انعقاد أي جلسة تشريعية لمجلس النواب، وسط غياب رئيس الجمهورية، مشدداً على الى انه فـي حال الشغور الرئاسي يتحول المجلس بموجب المادتين 74 و75 من الدستور الى هيئة انتخابية حصراً، يحظر عليها أي شكل من أشكال التشريع. ويضيف: نحن لدينا ملاحظات عدة على الدستور وندعو الى تعديله، من داخله، وفق الآليات التي يتضمنها، لكن وحتى ذلك الحين هذا هو الموجود، ولا بد من احترامه وتطبيقه.
ورداً على المتحمسين للتشريع بهدف الاستجابة لمصالح الناس وتحريك عجلة الدولة، يتساءل الجميل: هل أن ادارة شؤون الناس والدولة لا تنتظم إلا على حساب الدستور والقانون.. ما هذه المعادلة التي يريدون لنا ان نستسلم لها؟
ويشدد الجميل على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية فوراً، حتى لو تطلب ذلك اعتماد نصاب النصف+1، فـي الجلسة النيابية، لافتاً الانتباه الى ان المشرّع لم يشترط أساساً نصاب الثلثين، «ونحن فـي «الكتائب» تماشينا مع عرف الثلثين مراعاة للاعتبار الميثاقي ولأننا نفضل فـي المبدأ تأمين أوسع مشاركة فـي العملية الانتخابية، لكن عندما يُستغل هذا العرف لتعطيل موقع الرئاسة، فلا بد حينها من العودة الى النص الحرفـي للدستور حتى نملأ الشغور، ولو على قاعدة النصف +1». ويلفت الانتباه الى أن تعديل الدستور، على سبيل المثال، يستوجب بشكل واضح وقطعي توافر نصاب الثلثين، ولو كان المشرّع يشترط النصاب ذاته فـي انتخابات الرئاسة لكان قد لحظ ذلك فـي الدستور بطريقة مباشرة، لا التباس حولها، لافتاً الانتباه الى انه إذا اعتبرنا أن شرط الثلثين إلزامي، فهذا يعني أن أياً كان يستطيع ان يعطل الرئاسة، تبعاً لمزاجيته ومصالحه. ويتابع: عندما يتعذر التوافق، يصبح لزاماً علينا تطبيق النص الحرفـي كما هو، وإلا فان البديل هو التعطيل الذي نعاني منه حالياً.
ويدعو الجميل الممتنعين عن المشاركة فـي جلسات انتخاب الرئيس الى التوقف فوراً عن المقاطعة، وعندها لا تكون هناك حاجة أصلا للدخول فـي اجتهادات حول النصاب.
ويشبر الى ان المسألة لم تعد تتعلق بالمفاضلة بين رئيس وآخر بل بين وجود رئيس او عدمه، محذراً من مخاطر هذا الواقع الذي يهدد الموقع المسيحي الاول فـي لبنان والشرق، ومنبها الى ان معطلي الاستحقاق الرئاسي، خصوصا على المستوى المسيحي، إنما يلعبون بالنار.
ويلفت الانتباه الى «أن عون يرتكب بمقاطعته خطأً كبيراً بحق لبنان، ولومي على رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع انه يدعم الجنرال، برغم انه يعطل الاستحقاق الرئاسي». ويتساءل: كيف يؤتمن على الدستور من ليس مستعداً لتطبيقه، أقله بحضور جلسات الانتخاب؟ ويعرب الجميل عن اعتقاده بأن حظوظ عون والنائب سليمان فرنجية فـي الوصول الى رئاسة الجمهورية أصبحت معدومة تقريبا، داعياً الرئيس سعد الحريري الى سحب ترشيحه لفرنجية، وجعجع الى سحب ترشيحه لعون.
ويستهجن الجميل كيف ان الحريري وجعجع يهاجمان سياسات «حزب الله» ويتهمانه بتعطيل انتخابات الرئاسة، ثم يدعمان مرشحين حليفـين للحزب، مشدداً على أن المطلوب أن يرشح كل طرف الى الرئاسة من يشبهه، وبعد ذلك ما علينا سوى أن نترك للعبة الديمقراطية أن تأخذ مجراها.
ويدعو الجميل الى عدم حصر الترشيحات الرئاسية بالأقطاب الأربعة، (ميشال عون، سليمان فرنجية، أمين الجميل، سمير جعجع) مطالبا بتوسيع مروحة الخيارات وفتح الباب أمام الشباب وأصحاب الطاقات فـي المجتمع المدني، بدلاً من أن نظل رهائن للقوالب الجامدة والصيغ المعلبة.
ويرى الجميل أن الحيثية التمثيلية لهذه الفئة من المرشحين يمكن ان تتأمن بمجرد ان تدعم الاحزاب المسيحية الوازنة احدى تلك الشخصيات او من يشبهها، لافتا الانتباه الى أن معظم رؤساء الجمهورية السابقين أتوا الى الرئاسة من دون ان يكون لديهم تمثيل مسيحي واسع مسبقاً، باستثناء بشير الجميل.
ويعتبر الجميل أن «حزب الله» يستطيع المساهمة فـي الإتيان برئيس يضخ الامل فـي المستقبل أو المساهمة فـي استكمال التدمير الذاتي للدولة، ملاحظاً ان هناك مفارقة فـي موقف الحزب الذي بات مخيراً على الصعيد الرئاسي بين اثنين من أقرب حلفائه، وبمباركة خصومه، فـي أفضل سيناريو له، ومع ذلك لا يزال يؤخر انجاز الاستحقاق، ما يوحي بانه يتطلع الى أبعد من الرئاسة.
وفـي ما خص فضائح الفساد، يرى الجميل أن مواجهتها العملية تكون بانتهاج طريق القضاء، مستهجنا أن يتبادل وزيران فـي الحكومة الاتهامات بالفساد من دون ان يعتبرها القضاء إخباراً يستحق التحقيق والتدقيق، ومبدياً خشيته من أن تنتهي الامور بتبويس اللحى، مع ما يشكله ذلك من إهانة للشعب اللبناني.
ويقول: أقرب الناس إلي يرحلون من لبنان، عدد كبير من العائلات بات يرزح تحت خطر الفقر، الحكومة تزدحم بالفساد، الفضائح تتلاحق.. هذا واقع ليس مقبولاً أن يستمر، وأنا لم أصل الى رئاسة «حزب الكتائب» حتى أتماشى معه، بل أتطلع الى خط شبابي تطويري، يواجه الفساد ويضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار ويعتمد الحياد عن الصراع السني-الشيعي والسعودي-الإيراني، وهذا الخط سيربح فـي نهاية المطاف، ربما ليس الآن، إنما بالتأكيد على المدى الطويل.
Leave a Reply