طارق عبدالواحد – «صدى الوطن»
أطلق نشطاء يمنيون أميركيون ويمنيون مقيمون فـي الولايات المتحدة حملة واسعة لمقاطعة «الخطوط الجوية الملكية الأردنية» بسبب ما يتعرضون له، من «إهانة وإذلال وسوء معاملة» من قبل السلطات الأردنية ومسؤولي «مطار الملكة علياء» فـي العاصمة الأردنية، عمان.
وبحسب النشطاء الذين يقودون الحملة، فقد أصبح الأردن محطة شبه إلزامية أمام المسافرين اليمنيين لاسيما القادمين من الولايات المتحدة، بسبب الحملة العسكرية التي تشنها السعودية على اليمن، منذ شهر آذار (مارس) 2015، إذ باتت معظم الدول المجاورة لليمن تحتم على المسافرين اليمنيين الحصول على تأشيرات دخول، أما المملكة الأردنية فتفرض عليهم الحصول على «تأشيرة عبور» (ترانزيت) حتى يسمح لهم بالسفر الى بلادهم المحاصرة منذ حوالي العام.
ولا تقتصر شكاوى المسافرين اليمنيين على سوء المعاملة التي يتلقونها من قبل السلطات الأردنية خلال مرحلة انتظار الرحلة الثانية (فترة الترانزيت) التي قد تطول لعدة أيام، فهم يتعرضون للتمييز والإهانة والإذلال، من لحظة حجز التذاكر مروراً بركوب الطائرة ووصولاً إلى لحظة هبوطهم فـي المطار، حيث يتم عزلهم فـي طوابير طويلة وجمعهم فـي صالات انتظار تفتقر لأبسط الشروط الصحية، حيث لا مقاعد ولا دورات مياه، مما يدفعهم إلى افتراش الأرض لعدة ليال. هذا بالإضافة إلى تأخر مواعيد إقلاع الطائرات، وتأخر وصول حقائبهم وأمتعتهم، وفقدانها فـي بعض الأحيان، وسرقة بعض محتوياتها، ومنعهم من مغادرة المناطق المخصصة لهم ضمن المطار، وسحب جوازات سفرهم، ومعاملتهم بتعال واحتقار، بحسب نشطاء الحملة.
كما لا تقتصر المضايقات وسوء المعاملة على اليمنيين الحاملين لجوازت السفر اليمنية، ولكن تتعداها إلى المجنسين بجنسيات أخرى، بمن فـيهم اليمنيون الأميركيون، الذين دعوا، الأربعاء الماضي، إلى عقد اجتماع فـي مدينة هامترامك، جددوا فـيه الدعوة إلى مقاطعة الخطوط الجوية الأردنية. وقال الناشط عبد الحكيم السادة: «عندما فرض الأردن على اليمنيين حصولهم على تأشيرات دخول، لم تقم الحكومة الأردنية بإيضاح القواعد والشروط الجديدة، مما فتح الباب واسعاً أمام الفساد والاستغلال». وأكد أنه لا توجد تعليمات واضحة تحدد كيفـية التعامل مع المسافرين اليمنيين، فالمسألة اعتباطية ومزاجية تتعلق بالأشخاص العاملين فـي المطار، وهذا غير مقبول.
وأضاف بالقول: «لقد خلقوا حالة من الفوضى، وفـي أجواء كهذه يصبح كل شيء ممكن الحدوث.. إنها هيستيريا».
من جانبه، أشار عضو المجلس البلدي فـي مدينة هامترامك سعد المسمري إلى أن أمتعة المسافرين اليمنيين كانت عرضة للسرقة من قبل مفتشي الحقائب فـي المطار، وعلى مدار السنوات السابقة.
وقال: «فـي الفترة الأخيرة أصبح الأمر أسوأ حالاً». وأضاف مؤكداً أن موظفـي المطار الموكلين بتفتيش الحقائب كانوا يقومون -بطريقة متكررة- بسرقة الهدايا التي يحملها المسافرون اليمنيون لعائلاتهم… لقد كانوا يسرقون الهواتف والكمبيوترات والكاميرات والأشياء الثمينة من حقائب المسافرين القادمين من الولايات المتحدة، وفـي بعض الأحيان كانت تختفـي حقائب بأكملها، من دون حسيب أو رقيب.
تمييز ممنهج
ووصف الناشط وليد فدامة تعرض اليمنيين للتمييز من قبل أشقائهم العرب بأنه «وصمة عار»، وقال: «إن سلطات المطار تقوم بحشر النساء المسنات والأطفال الصغار فـي غرف ضيقة وتمنعهم من تناول الأطعمة واستخدام دورات المياه، التي بات الدخول إليها يتطلب إذناً خاصاً».
وأشار إلى أن «سوء معاملة المسافرين اليمنيين فـي المطار الأردني هو قرار سياسي» يأتي فـي سياق الضغط على الشعب اليمني، على خلفـية الصراع الدائر فـي اليمن، لاسيما وأن الأردن هي عضو فـي التحالف الذي تقوده السعودية.
وأضاف: «لقد كان المسافرون اليمنيون يتغاضون عن تعرض أمتعتهم للسرقة خلال الأعوام الماضية، ولكن الوضع الآن أصبح لا يطاق، ويجب على المنظمات اليمنية الأميركية أن تضع استراتيجيات لكي توصل صوتها إلى المعنيين من أصحاب القرار».
وفـي السياق ذاته، أكد السادة أن السلطات الأردنية تقوم بتضييق الخناق على المسافرين اليمنيين الذين تعتقد بولائهم ودعمهم للرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثيين. ووصف هذا التصرف بأنه «تمييز ممنهج» ضد بعض اليمنيين.
وخلال «اجتماع هامترامك» أجمع العديد من النشطاء وقادة الجالية اليمنية على أن دعوات المقاطعة ليست قابلة للتفاوض، حتى يتم إيجاد حل لهذه المسألة العالقة، ودعوا المهاجرين اليمنيين إلى تأجيل رحلات عودتهم إلى الوطن الأم ريثما يتم إيجاد الحلول الكفـيلة بتيسير أمور المسافرين وحسن معاملتهم، كما دعوا المضطرين للسفر منهم، إلى تجنب اختيار الأردن كمحطة للعودة إلى وطنهم، وقالوا: «ليس صحيحاً أن الأردن هو الممر الوحيد إلى اليمن فـي هذه الأوقات». وتعبيراً عن مدى الإهانة التي يواجهها اليمنيون من قبل السلطات الأردنية، قال فدامة: «إن الموت، وعدم رؤية اليمن ثانية، هو أفضل من التعرض للإهانة والإذلال فـي المطار الأردني».
واتفق الحضور على ضرورة التواصل مع شركات طيران أخرى لإيجاد بدائل تمكنهم من السفر إلى اليمن، دون المرور بالأردن، كما دعوا إلى وضع خطة لتوثيق الوقائع التي تثبت تعرض المسافرين اليمنيين للاستغلال، والمطالبة بالتالي بالتعويضات القانونية، كما عبروا عن عقدهم العزم على التواصل مع مسؤولي الخارجية الأميركية ومطالبتهم القيام بالإجراءات الضرورية لتأمين سلامتهم وصيانة كرامتهم كمواطنين أميركيين، عند هبوطهم بـ«مطار الملكة علياء» فـي عمان.
قضايا دبلوماسية
ويستخدم المهاجرون اليمنيون وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن إحباطاتهم المتزايدة من جراء ممارسات السلطات الأردنية الجائرة بحقهم والمتحيزة ضدهم، وقد أثارت دعوات المقاطعة الالكترونية السفارة اليمنية لدى العاصمة الأميركية واشنطن، التي أصدرت بيانا تدين فـيه بعض التهجمات اللفظية ضد الحكومة الأردنية.
وجاء فـي البيان أن تلك التهجمات لا تعكس طبيعة العلاقات الرسمية بين اليمن والأردن، وأن الأخير يبقى وجهة مفضلة لليمنيين الراغبين بالدراسة والاستطباب والسياحة.
وأشار المدير التنفـيذي لـ«الجمعية اليمنية الأميركية الخيرية» علي بلعيد المكلاني إلى أنه وعلى الرغم من الصعوبات التي يعانيها اليمنيون فـي العاصمة الأردنية عمان، إلا أن المواطنين الأردنيين لا يتحملون أي جزء من المسؤولية فـي هذا المضمار. وأضاف: إن المشكلة تكمن فـي السياسات التي تنتهجها الحكومة الأردنية ومسؤولو المطار. وقال: «عندما ترى طابورا طويلا من المسافرين اليمنيين يمنعون من دخول صالات المطار غير المخصصة لهم، بينما يستطيع بقية المسافرين من حاملي الجنسيات الأخرى أن يتجولوا فـي حرم المطار كيفما يشاؤون، فهذا يثير علامة استفهام كبرى.
وأكد بالقول: كنشطاء وكمنظمات ليس لدينا خيار آخر، سوى إيصال شكاوى الناس، والدعوة إلى المقاطعة كخيار أخير.. إننا نفعل ذلك والألم يعتصر قلوبنا.
«صدى الوطن» حاولت الاتصال بمقر شركة «الخطوط الجوية الملكية الأردنية» ولم تلق رداً قبل موعد النشر.
Leave a Reply