فلنت - زار الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الأربعاء الماضي، لأول مرة مدينة فلنت التي تعاني من أزمة تلوث مياه الشرب، بالرصاص منذ ربيع العام ٢٠١٤. وقد تعهد أوباما فـي كلمة ألقاها أمام حوالي ألف شخص احتشدوا فـي ثانوية «نورثوسترن» بالمدينة، بأنه سيعمل كل ما فـي وسعه لتعويض سكان فلنت عن الكارثة التي أصابتهم، مؤكداً أنه سيتخذ الخطوات اللازمة لمعالجة الأزمة التي تسببت فـي مشاكل صحية واسعة النطاق بالمدينة.
أوباما يحمل كوباً من مياه فلنت أثناء إلقائه خطاباً في ثانوية «نورثوسترن» بمدينة فلنت. |
وارتشف أوباما خلال زيارته رشفة واحدة من الماء المُرشح عبر فلتر وذلك لطمأنة سكان المدينة بأنه صالح للشرب عند استخدام فلاتر المياه.
وقال بعد لقائه مع مسؤولين محليين على رأسهم الحاكم الجمهوري ريك سنايدر إن «المياه المرشحة (المفلترة) آمنة.. وبالتعاون مع حكومة الولاية والبلدية، أصبحت المرشحات (الفلاتر) متاحة الآن للجميع».
وكان المدعي العام فـي ميشيغن، بيل شوتي، قد أعلن الشهر الماضي توجيه اتهامات بارتكاب جنح متعددة ضد اثنين من المسؤولين فـي وزارة البيئة بالولاية ومسؤول فـي بلدية فلنت على خلفـية فضيحة تلوث المياه بالرصاص.
وتشمل الاتهامات التلاعب فـي نتائج اختبارات المياه والتلاعب بالأدلة وتضليل المسؤولين الفدراليين والمحليين فـيما يتعلق بسلامة مياه الشرب التي تبين أنها تحتوي على مستويات خطيرة من الرصاص.
وتعهد الرئيس أوباما بمتابعة جهود المسؤولين على كل المستويات الحكومية إلى أن يتم ضمان سلامة المياه التي تصل إلى المنازل فـي مدينة فلنت.
وقال إنه لن يرتاح له بال حتى التأكد من أن الماء فـي المدينة صالح للشرب ولكافة الأغراض الأخرى، مشيرا إلى أن توفـير مياه صالحة للشرب هي إحدى مسؤوليات الحكومة الأساسية.
إحراج سنايدر
من جانبه، تعرض الحاكم ريك سنايدر لموقف محرج عندما اعتلى المنبر أمام الحضور الذي قابله بصيحات الاستهجان وشعارات تحمله مسؤولية الأزمة وتطالبه بالاستقالة.
وبحسب الناطق باسم الحاكم، لم تكن كلمة سنايدر ضمن برنامج الزيارة الرئاسية، غير أن أوباما اقترح على الحاكم الجمهوري إلقاء كلمة بالمناسبة أثناء توجههما سوياً برفقة رئيسة بلدية فلنت كارين ويفر من مطار «بيشوب» فـي فلنت الى قلب المدينة المنكوبة على متن سيارة ليموزين رئاسية. وقال سنايدر للحضور «إنكم لا تتحملون مسؤولية الأزمة لقد خذلتكم الحكومة»، فرد عليه الجمهور «أنت خذلتنا».
ومع استمرار مقاطعة الجمهور له أنهى سنايدر كلمته التي تعهد فـيها بإعادة إعمار المدينة المنكوبة بشكر الرئيس قبل أن يغادر المنبر مسرعاً وسط صيحات الغضب والاستهجان. وقد بدأ سكان المدينة فـي الشكوى من تغير مذاق ورائحة وشكل المياه إضافة إلى ارتفاع نسبة الرصاص فـي الدم لدى أطفال المدينة، منذ أن قررت سلطات المدينة فـي نيسان (أبريل) 2014 استخدام مياه نهر فلنت غير المعالجة كمياه للشرب، بدلا من شراء المياه من شبكة ديترويت توفـيراً للنفقات، مما تسبب فـي ارتشاح الرصاص من المواسير القديمة.
وكانت فلنت، وهي مدينة يسكنها نحو مئة ألف أميركي من أصول إفريقية، تحت إدارة مدير طوارئ معيّن من قبل حكومة الولاية حين تحولت للحصول على إمدادات المياه من نهر فلنت بدلا من شبكة ديترويت سعيا لتوفـير النفقات. وعادت فلنت لاستخدام شبكة ديترويت فـي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فـيما بدأت عملية إصلاح واسعة لشبكة الأنابيب. ويقول أطباء إن أطفالاً تعرضوا لكميات كبيرة من الرصاص. وأدت مياه النهر التي احتوت على مواد تساعد على التآكل إلى تسرب الرصاص من أنابيب المياه. والرصاص معدن ثقيل يمكن أن يتسبب فـي أضرار بالمخ ومشكلات صحية أخرى.
رسالة من طفلة
وجاءت زيارة أوباما الى فلنت التي سبق وأن تجاهلها فـي زيارته الأخيرة الى ميشيغن، بعد تلقيه رسالة من إحدى أطفال المدينة. أوباما كتب للطفلة، بأنه يريدها أن تكون أول من يعلم بأنه سيتوجه إلى فلنت، حيث سيستمع مباشرة من سكان المدينة عن الأزمة الصحية العامة.
وسيطلع هناك على الجهود الفدرالية للمساعدة فـي تلبية احتياجات الناس، والتحدث مباشرة مع الأهالي.
وكتب الرئيس لـ«سيدة فلنت الصغيرة» أن ليس هناك رتبة أكثر أهمية من المواطن، فـي أميركا.
وكانت الطفلة ماري كوبني قد كتبت إلى الرئيس أوباما الشهر الماضي، ما إذا كان بإمكانها رؤيته خلال رحلة لها إلى العاصمة واشنطن، رغم زحمة انشغالاته.
وقالت فـي رسالتها إنها واحدة من الأطفال الذين يتأثرون بمياه فلنت، وإنها تبذل قصارى جهدها فـي الاحتجاج والتحدث لجميع الأطفال الذين يعيشون فـي هذه المدينة.
Leave a Reply