خليل إسماعيل رمَّال
أصعب شيء يتعرض له الإنسان في هذه الحياة هو فراق الأم، خصوصاً اذا كانت من صنف أمهات جيلنا الجميل الذي كانت فيه هذه الملائكة البشرية تكدح وتعمل بلا ملل وتضحي أمام عائلتها مِن دون أن تتزين بزينات الحياة ومباهجها وتتبهرج كما تفعل بعض أمهات اليوم، وليس كلهن.
لن أتحدث عن والدتي الحبيبة التي فقدتها في عيد الأم ووافتها المنية في يوم عيد ميلادها في السابع من أيار، بل أريد أن احدثكم عن هذا المخلوق العجيب الذي يجمع كل الأبناء في سرعة زمنية قياسية بشكل لا يستطيع القيم عليهم، وهو الأب، أن يفعل ذلك. فالأم هذا المخلوق الضعيف تشكل أقوى الوشائج والروابط بين أفراد العائلة لأنها تعرف قسمات قلوب ابنائها وتفاصيل حياتهم أكثر من أي إنسان آخر.
لقد احسنت «صدى الوطن» في العدد الماضي في سرد عينات من صنف امهات أصبحن نادرات في تفانيهن وعطاءاتهن وحبهن الكبير. ووالدتي التي عانقت تراب الوطن ظهر يوم الخميس كانت من هذا الصنف النادر المجاهد، فكانت تعمل ليل نهار وتسهر الليالي الطوال من أجل راحة أولادها حتى تقر أعينهم، ودائما على حساب راحتها وصحتها. لذلك فخسارة الأم لا تُعوّّض وهي التي تتسبب بيتم الأبناء مهما بلغوا من السن. ان الأم هي صلة البشر الى الخالق والشمعة التي تحترق لتنير دروب الآخرين.
أمي كم سأشتاق لعطر وجودك وطهارة وجهك وأريج روحك؟ كيف أصرف عمري في عملة ما تبقى من الزمن؟ كيف أذرع الأيام جيئةً وذهاباً ووجهك الباسم لا ينيرها بحنانه؟ كيف أفتح نافذة وجهي من دون ابتسامتك المطمئنة وشمس يديكِ؟ أمي انتِ في قلبي وعقلي دائماً طول ما تبقى من هذا العمر كي أستمر في الحياة. انتِ لنا الدنيا وما فيها حتى الممات!
Leave a Reply