بلال شرارة
عندنا لبنان الكبير كبيراً، مساحته لا تقل عن 10452 كيلومتراً مربعاً عدا عن مشاريع تبليط البحر، وعندنا نحو الف بلدية بين (قياس كبير وصغير و مقّمط في السرير). و نظراً للمساحة وعدد البلديات، فالانتخابات تجري على مراحل، إذ أن انتشار نحو ٢٠ ألف عنصر أمني بالكاد يمنع وقوع اشكاليات لا سمح الله في احدى المحافظات. وفي كل الحالات فإن اشكالات أو أحداثاً سوف لا تقع (!) لأن التنافس عندنا شريف! ومنطق الاختيار الديمقراطي هو الذي يقرر بالنتيجة! ونحن حسب إعلام اللوائح، فإن التنمية الشاملة ستسود وستمسك البلديات يدها بيد بعضها لتقرر حلولاً مناسبة مشتركة لقضايا البيئة (النفايات والصرف الصحي) وستطلق مشروع كل مواطن شرطي بيئي، وترشد صرف المياه وستعزز مشاريع «فدراليات» الكهرباء، وطبعاً عندنا في لبنان «موتورات» كهرباء بحجم الطوائف والمذاهب والفئات والجهات.. وعندنا يافطات بلدية مرفوعة بأسماء الشوارع، والسرعة القصوى وممنوع الوقوف وممنوع الزمامير وممنوع رمي أعقاب السجائر والفوط من الشبابيك.
اللوائح عندنا في لبنان تحمل كل اسماء الشرف والفضيلة والوطنية والالتزام الاخلاقي والمسلكي والقانوني، وهي لم تترك شيئاً، كلمة، التزاماً إلا وحملته وكانت لائحة الانتخابات البلدية هي -بلا قياس وتشبيه- لائحة مرشحين لعضوية الكونغرس الأميركي.
ما يجدر ذكره، أن الكوتا النسائية لم تقر في لبنان، وهكذا بقيت المرأة غير ممثلة إلا فيما ندر، وكذلك الشباب.
فقد تشكلت اللوائح كما كانت تتشكل وهي تحمل تعبيرات عمرية لا تؤمن بتداول السلطة مع الشباب الا فيما يعبر عن التوريث السياسي.
نسبة المقترعين في العاصمة بيروت لم تلامس ربع الناخبين (عدد المقترعين في بيروت 470000. الذين شاركوا في الاقتراع 90000 فقط) أما في البقاع فقد سجلت نسباً وصلت الى ما يزيد عن 50 بالمئة من الناخبين، وربما بل من المؤكد لأسباب تتصل بالعصبية الحزبية أو العائلية.
ملاحظات كثيره تسجل: أولها أنه في لبنان لم تعتمد البطاقة الانتخابية (الممغنطة وغيرها) حتى اليوم بما يتيح للناخب الاقتراع حيث كان على الأراضي اللبنانية، وأنه لا بد من الإشارة الى عدم إشراك اللبنانيين المنتشرين (المغتربين) في الانتخابات.
من الملاحظات أن المختار أيام زمان كانت له قيمة وكان عيناً «وجيهاً» أما اليوم فهناك مخاتير «على قفا مين يشيل» مختار لكل 500 ناخب، ففي بنت جبيل مثلا يوجد 15 مختاراً (عجقة مخاتير)، ويتساءل الرأي العام عن جدوى هذا الأمر علماً أن ما يزيد على 65 بالمئة من أهالي البلدة يقيمون في بلاد الله الواسعة، بما يشير الى أن أهالي بنت جبيل المغتربين الى ديترويت مثلاً ربما يجب يكون لديهم من يختم لهم شهادات الولادة والوفاة على الأقل في لبنان.
تؤكد التجارب اننا نحتاج الى إعادة النظر بممارسة الحياة السياسية وبالاعتبار من ضرورة جعل الديمقراطية نهج حياة لا مجرد عملية انتخابية، لذلك فإننا نحتاج الى قانون انتخابات عصري على أساس النسبية، الى إعادة انتاج الانتخابات البلدية والاختيارية على أساس انتخابات برنامج وليس تنافساً عائلياً أو حزبياً.
هل ترانا لا نُقّطِع الوقت بالانتخابات البلدية ونعود لنبني ديمقراطيتنا ابتداءً من انتخاب رأس الهرم (رئيس الجمهورية) ومن إقرار قانون للانتخابات وإجراء الانتخابات التشريعية وإقرار قانون اللامركزية الإدارية وقانون للأحزاب واعادة الاعتبار للانتخابات البلدية والاختيارية، أو أننا بالانتظار ربما علينا أن نعرف ماذا سيجري بشأن اليمن وسوريا والعراق لنعرف ماذا سيجري في لبنان!
هل أن ذلك كافٍ أم أننا يجب أن ننتظر الانتخابات الأميركية؟ اجتماع «النواة الصلبة» بشأن سوريا في باريس؟ محاولة أوروبا إيجاد موقع لها في الشرق الأوسط؟
أنا بخلاف ذلك انتظر اجراء انتخابات ديمقراطية في عدد من أنماط السلطات العربية من أجل أن تُتاح للبنان محاربة ديمقراطية في هذه الغابة العربية!
Leave a Reply