فاطمة الزين هاشم
انتشرت في الآونة الأخيرة موضة تدخين الأركيلة أو «الشيشة» حسب ما يسمّيها إخواننا المصريون، سواء أكانت في البيوت أو بعض المطاعم أو المقاهي المنتشرة في ديربورن، وخاصّة في جلسات النساء والصبايا على أنها طريقة ترفيهية مع فنجان القهوة في «الصبحية» المتعارف عليها في طقوس الثرثرة وطقّ الحنك ونتف ريش الناس، أو بالأحرى النساء الأخريات غير المواظبات على الصبحيات واللواتي لا يفضلن تدخين الأركيلة.
لم نألف في السابق ولم نرَ سيدة تضع «نربيش» الأركيلة في فمها وتخرج الدخان من أنفها مثل (داخون) السيارة دون أن تفكر بالضرر الذي يلحق من حولها بتنشّقها السموم وخاصة إذا كان هناك أطفال يتنشقون هذا الدخان فيصبحون مدخنين سلبيين.
الأركيلة تفوق أضرارها أضرار السجائر كثيراً، فتدخين أركيلة واحدة يعادل تدخين علبة سجائر كاملة، وقد كانوا في السابق يستعملون فحم الخشب، أما اليوم فيستعملون الفحم الصناعي الذي يحترق بسرعة وهو يحتوي على مادّة القطران التي تستخدم في تزفيت الشوارع، مما يعني أن الحويصلات الرئوية تتزفت جيداً فلو دخّن الفرد نصف ساعة فهو يزفّت شارعاً بأكمله.
يتفننون بوضع المطيبات للمعسّل، فهذا بنكهة التفاح وآخر بالفراولة ويجهلون أنها مواد صناعية يدخل في تركيبها أنواع العطور فتدخل هذه المادة الكيمياوية إلى جسم المدخن أو المدخنة فتهيج الجهاز العصبي من ثالث نفس، كما يطحنون مع المعسل أنواع الأدوية لتعطي المدخن السعادة و«السلطنة».
وللأسف لا يكف البعض عن الترويج لها بشكل غير مباشر بدلاً من محاربة هذه الآفة التي تدمر الإنسان وتقضي على مستقبله.
يروّعني منظر رجل مهتم بإعداد الأركيلة لزوجته، أو بالعكس يعني أنّ الزوجين يشتركان بتقديم السموم لبعضهما البعض، ضاربين عرض الحائط بأضرارها خاصة إذا كان هناك أطفالا في المنزل.
للأسف هناك من يعتبر تدخين الأركيلة نوعاً من التحضّر والعصرية، فإذا كانت السيدة مهتمة بمكانتها الاجتماعية فيجب أن تتعلم نفخ الأركيلة. إنه جزء من الإتيكيت هنا.
ألا تعلمي سيدتي أنّ الأركيلة: أولاً تضر بالأحبال الصوتية وتجعل الصوت خشناً، والمفروض أن يكون صوت الأنثى ناعماً لطيفاً، ثانياً عندما تفتحين فمك أليس من الأفضل أن تكون أسنانك شديدة البياض ملفتة للنظر بدلاً من أن يصبغها التدخين باللون الأصفر المقزّز؟ وثالثاً ألا تريدين أن تتنفسي برئة سليمة لا يجهز عليها السرطان لأن التدخين هو السبب الرئيسي لهذا المرض كما أثبتت الأبحاث الطبية الكثيرة؟ ورابعاً هل تعلمين أن تدخينها يكون في البداية للتسلية وينتهي بالإدمان؟
ثمّ ألا تريدين أن تتمتعي ببشرة نضرة ملؤها الحيوية والنقاء والجمال؟ التدخين يتلفها ويبهت لونها ويكثر من التجاعيد التي تظهر شيخوختها مبكراً لتظهرك أخيراً أكبر سناً وهذا ما لا تريده المرأة، لأنها في الغالب تخفي سنها الحقيقي كي لا تشعر أن صباها قد ولى ودنا خريفها غير المحبّب لقلبها.
وهناك أيضاً ما يدفع للاستغراب عندما ترى شابا لا يتجاوز عمره الثامنة عشر عاما ويقود سيارته بيد وباليد الثانية خرطوم الأركيلة، أي يدخن ويقود بنفس الوقت، ناهيك عن بعض الشباب الذين يأخذونها معهم إلى مكان عملهم إن كانوا من أصحاب مصالح العمل الخاصة.
اخواني وأخواتي كونوا قدوة لأبنائكم وبناتكم، فهم سيدخنون الأركيلة مثلكم في يوم من الأيام، فهل سيكون باستطاعتكم ردعهم عن ذلك وأنتم من أورثتموهم هذه العادة السيئة؟ أبعدكم الله عن هذه الآفة اللعينة ونجّاكم وأولادكم من شرّها.
Leave a Reply