ديربورن، ديترويت – «صدى الوطن»
على هامش زيارته الرسمية للعاصمة الأميركية واشنطن، قام مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم -الأسبوع الماضي- بزيارة تفقدية للجالية اللبنانية في منطقة مترو ديترويت التي وصل إليها على رأس وفد من الضباط الأمنيين الكبار، الذين اُستقبلوا بحفاوة بالغة في مطار ديترويت الدولي، يوم الجمعة الماضي، من قبل فعاليات رسمية ومجتعمية وشخصيات عامة تقدمها قنصل لبنان العام في ديترويت بلال قبلان.
وصبيحة اليوم التالي، تجول اللواء ابراهيم في موكب رسمي وتفقد أعمال اللبنانيين ومؤسساتهم التجارية في مدينة ديربورن التي يسجل فيها اللبنانيون حضوراً تاريخياً عريقاً يعود إلى عشرينيات القرن الماضي، والذي تميز خلال العقدين الأخيرين بنمو دورهم الاجتماعي والاقتصادي وحضورهم السياسي الفعال لاسيما في مدينة ديربورن المعروفة بإسم «عاصمة العرب الأميركيين» في الولايات المتحدة.
جولة اللواء ابراهيم والوفد المرافق له شملت أيضاً مدينة ديترويت، عاصمة صناعة السيارات في العالم، حيث قام بجولة في وسطها التجاري الذي يشهد طفرة تجارية وعمرانية، قبل أن يتوقف في زيارة لكنيسة مار مارون في ديترويت، التي تعتبر من أقدم الكنائس المارونية للجالية اللبنانية في ميشيغن، حيث كان في استقباله عدد من رجال الدين المسيحيين والشخصيات المارونية.
ولدى عودته إلى ديربورن، قام بزيارة لصحيفة «صدى الوطن»، والتقى بناشرها ورئيس تحريرها الزميل أسامة السبلاني الذي أطلعه على ظروف تأسيس الصحيفة، قبل أكثر من ثلاثة عقود، وعلى دورها الإعلامي المعروف في أوساط الجاليات العربية والمجتمع الأميركي عموماً، بالدفاع عن حقوق العرب الأميركيين وقضاياهم الوطنية والقومية، سواء تلك المتصلة بوجود العرب في أميركا أو تلك المتعلقة بشؤون العالم العربي.
وبعد ظهر يوم السبت الماضي، نظمت مجموعة من اللبنانيين حفل غداء على شرف الضيف اللبناني الكبير والوفد المرافق له، وتحول حفل استقباله إلى مظاهرة وطنية بامتياز جمعت كافة أطياف الجالية اللبنانية من مسلمين ومسيحيين، ومن مختلف المشارب السياسية، قدموا من بعض مدن ولاية ميشيغن للمشاركة في مأدبة الغداء التي حضرها رسميون أميركيون أمنيون ومنتخبون فدراليون ومحليون، إضافة إلى فعاليات عربية، اقتصادية ومجتمعية ودينية.
وفي حفل الاستقبال الذي أقيم في قاعة مطعم حبيب في ديربورن، ألقى كل من: المربي عماد فضل الله ورجل الأعمال اللبناني لويس الغفري ورئيس «المجلس الاغترابي اللبناني الأميركي» نسيب فواز وناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني والأب جورج شلهوب والشيخ محمد مارديني كلمات ترحيبية أشادت بدور اللواء ابراهيم في حفظ الأمن والاستقرار والتوازن السياسي في لبنان، في وقت يعتبر من أصعب الأوقات وأكثر حساسية وإحراجا على الإطلاق.
واعتبر المتحدثون أن الإجماع الوطني على شخصية اللواء ابراهيم ليس مسألة عابرة، أو عاطفية، ولكنها تعبير عميق عن تطلع اللبنانيين وإيمانهم بوحدة وطنهم التي تهددها الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الشخصية، وأن اللبنانيين باتوا يرون في اللواء ابراهيم شخصية استثنائية عابرة للطوائف والمذاهب والانقسامات السياسية.
دحرنا الإرهاب
ودعا اللواء ابراهيم -خلال الكلمة التي ألقاها في الحفل- المغتربين اللبنانيين إلى مساعدة وطنهم والوقوف إلى جانبه مؤكدا أمام الحضور «أن الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية ستبقى العين الساهرة التي ترصد ما يحيط بلبنان من تحديات». وقال: «أنتم اليوم، كما في كل يوم، أقرب إلى لبنان من أبنائه المقيمين».
ووصف لبنان بالبلد السبّاق إلى تأسيس نظام ديمقراطي مبني على صيغة العيش الواحد وثقافة الحياة، في العالم العربي، رغم معاناته من «الشقاق والفرقة جراء آفة الطائفية والمذهبية الفتاكة التي علينا ان نتحد متضامنين لنتصدى لها بالمعرفة والوفاق والإرادة الطيبة».
وأضاف: لقد استطاع لبنان بأجهزته العسكرية والأمنية -من جيش وأمن داخلي وأمن عام وأمن دولة، أن يدفع جحافل الارهابيين عن حدودنا ويجفف بؤرهم في المناطق القريبة منها، ويكشف الخلايا النائمة المبثوثة في كل لبنان في عمليات استباقية نوعية جنّبت الوطن وأبناءه الكوارث والمآسي، وهو يرصد ما تبقى من خلايا ويطبق عليها الخناق.
وأكد أن النتائج التي حققها لبنان في مجال مكافحة الإرهاب تعجز عنها الدول المقتدرة التي تمتلك كافة الوسائل المتطورة لمواجهة هذا الخطر المستفحل، وذلك رغم ما يعانيه بلد الأرز من أزمات سياسية خانقة، نتيجة الشغور الرئاسي والتخبط السياسي والتعثر الرسمي.
وأشار إلى أن تحديد مكامن الخلل والعقبات الداخلية والخارجية التي تعيق مسيرة بناء لبنان للمضي نحو مستقبل أكثر اشراقاً وهدوءاً، ينقصه مواكبة لبنان الجغرافيا والديموغرافيا لـ«لبنان الإغتراب»، بوصفه قيمة وثروة ثقافية ومعرفية واقتصادية واجتماعية، «ولأنكم الاقرب الى لبنان، مهما تناءت المسافات، نتكل دائماً على دعمكم ومساندتكم، لأن لبنان من دون أبنائه المغترين هو نسر بجناح واحد».
وأكد أن الأوضاع الصعبة لن تدفع اللبنانيين إلى اليأس بوطنهم وأن لبنان سيبقى رغم كل ما يجري كطائر الفينيق يُبعث حيّاً من الرماد، وينطلق مجددا ليعيد دوره التاريخي كبيئة حاضنة للحضارات المتعددة والاديان والثقافات والعيش المشترك.
وتوجه إلى الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة بالقول: «لبنان–الرسالة» بحاجة اليكم، يناديكم فلبّوا النداء ولا تديروا له ظهوركم.
وختم ابراهيم كلمته بالقول: نحن لن نيأس بالرغم من كل ما يجري. ولبنان، الوطن والكيان الذي عرفتموه، سيبقى بلد الحريات والانسان مهما اشتدت عليه المحن والازمات، طالما أن شعبه الأبي المقيم والمغترب، يرفض الذل والانصياع، ومتمسك بصيغة العيش الفريدة في العالم، التي ارتضاها ليؤسس من خلالها نظاماً ديمقراطياً برلمانياً يرتكز على تداول السلطة وانتظام عمل المؤسسات الرسمية والقضائية وحماية حرية التعبير والاقتصاد الحر. باختصار، وطنكم سيكون في ألف خير اذا كنتم له قولا وعملا وإنكم لفاعلون.
دروع تكريمية
وفي نهاية الحفل، قدم رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي مفتاح المدينة للواء ابراهيم تعبيراً عن المحبة والاحترام، كما قدم له رئيس شرطة المدينة اللبناني الأصل رونالد حداد درع شرطة ديربورن، إضافة إلى درع تذركاي قدمه له المستقبلون باسم الجالية اللبنانية في ولاية ميشيغن.
وبعد الغداء توجه اللواء ابراهيم إلى عدد من المراكز الإسلامية، فبدأ بـ«المجمع الإسلامي الثقافي» في ديربورن والتقى مع هيئته الإدارية ومجلس أمنائه وإمامه الشيخ عبداللطيف بري، ثم توجه بزيارة إلى «المركز الإسلامي في أميركا»، والتقى بمسؤوليه والقائمين على تسيير شؤونه.
وفي نهاية برنامج الزيارة، توجه اللواء ابراهيم والوفد المرافق له إلى مطار ديترويت في موكب رسمي بمرافقة شريف مقاطعة وين وعدد من قيادات الجالية لوداع الضيف الكبير.
جدير بالذكر أن زيارة اللواء ابراهيم والوفد المرافق له للولايات المتحدة جاءت تلبية لدعوة أميركية رسمية، تخللها اجتماع الوفد الأمني اللبناني بعدد من المسؤولين الأمنيين والسياسيين الأميركيين، كان في مقدمتهم مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي أي) جون برينان ومديرة «قسم الشرق الأدنى في وزارة الخارجية» آن باترسون والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن جيمس أوبراين وكبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي روبرت ماللي، إضافة إلى مسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية.
كما زار ابراهيم السفارة اللبنانية في واشنطن والتقى القنصل حسين حيدر.
أما زيارته إلى ولاية ميشيغن فقد تم تنسيقها من قبل الصيدلاني المقيم في لبنان جهاد فضل الله الذي شكل لجنة لإعداد برنامج الزيارة تكونت من لويس الغفري وسليم ساسين وعباس طليس.
Leave a Reply