طارق عبد الواحد – «صدى الوطن»
أطلقت الفنانة التشكيلية الفلسطينية جميلة الهيب والنحات اللبناني عبد الرحمن المحمد مبادرة فنية، بإسم «الوجه الآخر»، تتضمن إقامة معارض تشكيلية في مختلف المدن الأميركية والكندية للتعريف بالفن التشكيلي العربي المعاصر، وتقديم صورة ثقافية حقيقية، بديلة عن الصورة النمطية السائدة حول الثقافة العربية في المجتمعات الغربية التي روّجها وعمقّها «إعلام التيار الرئيسي» (ماين ستريم ميديا) على هامش تغطياته للصراعات والأزمات التي تعصف بالعالم العربي التي ازدادت وتيرتها بشكل ملحوظ خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
وكانت أولى محطات «الوجه الآخر» في مدينة آكرون بولاية أوهايو، حيث أقيم معرض فني في غاليري «ساميت آرت سبايس»، بمشاركة أعمال فنية، من نحت وتصوير وزخرفات ومنمنات وخط عربي وتصوير فوتوغرافي، لأكثر من 100 فنان تشكيلي، من لبنان ومصر والعراق وسوريا وفلسطين والمغرب والسعودية والإمارات والأردن والجزائر، إضافة إلى فنانين عرب مقيمين في الولايات الأميركية، وقد افتتح المعرض رئيس بلدية المدينة دانيال هوريغان بحضور أساتذة جامعيين وفنانين عرب ومحليين وحشد كبير من أبناء المدينة، من متذوقي ومحبي الفنون الجميلة.
كما أقيم معرض ثان في مدينة نيويورك منتصف الشهر الماضي، في غاليري «داسيا» بمنطقة منهاتن، وسوف يقام معرض بمدينة تورنتو الكندية في الخامس من شهر آب (أغسطس) القادم، وفي 28 آب سيشارك «الوجه الآخر» في احتفالات الذكرى المئوية لإنشاء الحدائق التراثية في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو، ممثلا الحديقة اللبنانية.
ويخطط الهيب والمحمد، لإقامة معارض مماثلة في منطقة مترو ديترويت، وسوف تكون مدينة ديربورن في رأس قائمة المدن التي ستستضيف فعاليات «الوجه الآخر»، حيث يتم العمل حالياً مع إدارة الـ«سيفيك سنتر» للتحضير لإقامة المعرض.
ووصفت الهيب، وهي صاحبة المبادرة، الفعالية التشكيلية بأنها جهد ثقافي يتطلع إلى جسر الهوة بين الثقافتين والعالمين العربي والغربي، مؤكدة أن هذا النوع من المبادرات ضروري للغاية «خاصة في هذا الوقت الذي تتعرض فيه الثقافة العربية للتشويه، سواء عن قصد أو عن جهل».
وأضافت الفنانة الفلسطينية الأصل والحاملة للجنسيتين الأميركية والكندية، بالقول: إن الفكرة انطلقت أساسا بسبب عدم وجود مؤسسات ثقافية عربية فاعلة في المهجر الأميركي، وبالتالي فإن على الأفراد، من نشطاء ومثقفين وفنانين، أن يسدوا هذه الثغرة ويبادروا إلى التعريف بحضارة أوطانهم وثقافتها وفنونها ومنجزاتها الإبداعية، في مختلف المجالات.
وأكدت -في لقاء مع «صدى الوطن»- على الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن، والثقافة عموماً، في تصحيح التشويهات التي تشوب الصورة العربية في الولايات المتحدة، من حيث كونهما منجزاً راقياَ، يسمو بالأحاسيس والمشاعر البشرية، ويقدم صورا صادقة على مزاج الثقافات وأصالتها ونزوعاتها الجمالية، مشيرة إلى أنها لمست منذ اللحظات الأولى لعرض الأعمال الفنية ردود أفعال إيجابية، وصلت إلى حد الإعجاب والدهشة.
وأشارت إلى أن الجمهور الأميركي بغالبيته العظمى ليس مطلعا بما فيه الكفاية على الإنتاجات الفكرية والفنية العربية، وعزت أسباب ذلك إلى رغبة معظم المثقفين والفنانين بالتوجه إلى المدن الأوروبية لنشر أعمالهم وإنتاجاتهم، وخاصة العاصمة الفرنسية باريس، التي كانت على مدى قرون عاصمة للثقافة والفن في العالم، وأكدت الهيب على أن مدينة نيويورك باتت منذ ثمانينات القرن الماضي مدينة جاذبة للفنون والثقافات، وعلى العرب أن يستفيدوا من هذه الفرصة لكي يعرفوا الأميركيين على ثقافتهم وتراثهم.
من ناحيته، أكد النحات المحمد على أهمية هذه التظاهرة الفنية، وتوقع أن تعود بالفائدة على كلا الثقافتين، العربية والأميركية، وقال: «لقد لمسنا من اللحظات الأولى اهتمام الأميركيين بالأعمال المعروضة، وقد عبروا عن إعجابهم العميق بالمعروضات».
وأكد على قدرة الفنون الجميلة على ترسيخ الصورة الصادقة عن الأمم وحضارتها، كون الأعمال الفنية، على عكس الأعمال الأدبية، لا تحتاج إلى ترجمة و«بالتالي فإن رسائلها الإبداعية والجمالية تصل إلى الجميع، بدون وسطاء».
Leave a Reply