مريم شهاب
جاء في الحديث، أن المسيح عليه السلام، نادى أمه العذراء، عليها سلام الله، بعد موتها، فقال: أجيبيني يا أمي، هل تريدين العودة إلى الدنيا؟ فأجابت: نعم يا بني، أتمنى العودة إلى الحياة، لكي أصلِّي لله في جوف الليل القارس، وأصوم في اليوم الطويل الحارق، يا بني هذا طريق رهيب!
سمعت هذا الحديث، في أحد المجالس، من أحد علماء الدين الأجلاء، وهو يحثنا نحن العباد وخصوصاً “الستات” على الصوم والتأسي بأمنا العذراء مريم لقدرتها وتحملها على الصوم والصلاة. كلام العالم بالدين كلام جميل وعلى العين والراس، لكن المقارنة صعبة جداً لا بل رهيبة. فالسيدة العذراء مريم، كانت منقطعة للعبادة، في بيت العبادة “كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنَّى لكِ هذا، قالت هو من عند الله”. لم تكن مجبورة على مغادرة الصلاة للذهاب من سوقٍ لآخر لتبحث عن الأرخص ثمناً والأجود طعماً. يكفي أنها -عليها السلام- كانت مرتاحة من قيادة السيارة في مدينة مجنونة، وفي شوارع وعلى طرقات ضاقت بما رحبت اكتظاظاً واختناقاً بالسيارات والمركبات.
بعض السيدات مظلومات جداً في صوم هذه السنة، خصوصاً اللواتي يعملن خارج البيت، يركضن بعد الدوام للتسوق ويركضن في البيت للتنظف والطبخ والتحضير لمائدة الإفطار، وصلاتهن تكون كما قال الأصمعي:
إليك اعتذاري يارب عن صلاتي قاعداً
على غير طهرٍ لكن موقناً نحو قبلتي
وصادف الصوم هذه السنة في الأيام الطويلة والليالي القصيرة. وما إن تنتهي من وجبة العشاء، يأتي الجلي والتنطيف وهذا عمل شاق يستغرق ساعات بما يؤدي للنوم لساعات قليلة فقط، وقلة النوم والتعب لساعات طويلة تجعل الجسم منهكاً عاجزاً عن تأدية واجباته الدينية.
أنا شخصياً أتمنى لو أعتكف أو أعتزل هذا العالم الصاخب، هذا العالم المجنون، هذا العالم المترف بالأكل والشرب والحلوى، وأعيش شهراً أصوم وأصلي إلى الله تعالى، تكفيراً عن ذنوب اقترفتها عن جهل وطيش، لم يبق منها إلا الندم، لكن إيماني بالله الغفور، الذي وسعت رحمته كل شيء، قد يشفع لي.
الصلاة والسلام على سيدتنا العذراء، التي كانت تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف. إشفعي لنا يا سيدتي!!
Leave a Reply