علي حرب – «صدى الوطن»
دعا البطريرك الماروني، الكاردينال بشارة بطرس الراعي، القوى المتنفذة في العالم إلى إنهاء الحروب والصراعات في منطقة الشرق الأوسط وطالب المهاجرين واللاجئين الهاربين من بلادهم بالمحافظة على روابط قوية مع أوطانهم وثقافتهم، وذلك خلال «الصلاة من أجل السلام» التي رفعها في «كنيسة مار مارون في ديترويت» بمناسبة خمسين عاماً على تأسيسها.
![]() |
البطريرك الراعي خلال مراسم ترفيع القس لويس باز إلى رتبة مطران في كنيسة مار مارون بديترويت. (صدى الوطن) |
وترأس غبطته يوم الأربعاء الماضي الذبيحة الإلهية بمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس، في مقر الكنيسة الكائنة بمدينة ديترويت، بحضور حشد كبير ومتنوع من أبناء الجاليات العربية.
وقال الراعي: «إننا نصلي معاً من أجل الشرق الأوسط، ومن أجل سلامه العادل والدائم.. إننا نصلي لله العلي القدير أن يوقظ ضمائر المسؤولين عن تلك المآسي فيوقفوا الحروب ويجدوا الحلول السياسية لتلك الصراعات».
ووصف البطريرك أزمة اللاجئين التي فجرتها الحروب الدائرة في عدد من البلدان العربية بـ«وصمة عار على جبين الإنسانية»، وقال: «إنه من العار أن يطرد ملايين الأبرياء من منازلهم وأن يضيعوا على طرقات العالم وعلى أبواب السفارات وحدود الدول»، مؤكداً على حق هؤلاء بالعودة الى ديارهم.
وخلال القداس، استعاد الراعي توصيف البابا الراحل بولس الثاني للحرب بأنها مجرد «تجارة أسلحة» وقال: «يكفي دماء.. يكفي فوضى.. يكفي استغلال ويكفي تجارة أسلحة».
وبعد انتهاء القداس، دعا الراعي العرب المسيحيين عموماً للحفاظ على تقاليدهم الشرقية وإغناء المجتمع الأميركي بقيمهم، وخاطب اللبنانيين قائلا: «حافظوا على وحدتكم وعلى روابطكم العميقة بوطنكم الأم لبنان، ولا تنسوا أنكم أبناء حضارة نهلتم قيمها في دياركم الأصلية، حتى ولو أنكم لم تولدوا هناك» (في لبنان).
وشدد البطريرك الراعي على ضرورة زيارة لبنان والاستثمار فيه واستعادة الجنسية اللبنانية لمن فقدوها وتمريرها للأجيال المولودة في الخارج.
كما دعا إلى «الصلاة على نية لبنان شاجباً كل أنواع الاعتداءات والجرائم التي تجري في الشرق الأوسط أكانت تستهدف المسيحيين أو غيرهم».
وطالب غبطته القوى العالمية باحترام شعوب المنطقة التي من حقها أن تتخذ القرارات المتعلقة بمصيرها بنفسها، بدل أن تفرض عليها من قبل الدول الأجنبية.
وفي لقاء مع صحيفة «صدى الوطن» طالب الراعي المهاجرين من العراق وسوريا ولبنان أن يكونوا أصواتاً لبلدانهم «لأن الأميركيين يحصلون على المعلومات من خلال وسائل الإعلام التي لا تقول دائماً الحقيقة».
كما استعاد الراعي توصيف البابا بولس للبنان الذي زاره في العام 1997 بأنه «أكثر من بلد.. إنه رسالة»، في إشارة إلى التعايش التاريخي بين المسيحيين والمسلمين في بلد الأرز، وأكد الراعي على أنه «لا يمكننا أن نستمر بوجود دين للدولة أو الاعتماد على نص ديني كمصدر للتشريع».، وأضاف «نحتاج الى فصل الدين عن الدولة مع الحرص على احترام جميع الأديان».
وهنأ الراعي المسلمين حول العالم بحلول شهر رمضان المبارك وقال: «إن هذا الشهر الفضيل هو فرصة لتأكيد القيم القرآنية الحقيقية وشجب الإرهاب الذي يرتكب باسم الإسلام».
ولدى سؤاله عما إذا كان متخوفا من مخاطر التطرف على المسيحيين اللبنانيين بعد تفجيرات القاع الأخيرة، أجاب الراعي بأنه يتخوف على جميع الناس: «إننا قلقون على كل شخص، فعندما نفقد مسلماً أو مسيحياً لبنانياً، أو سورياً، أو عراقياً، أو فلسطينياً، فإننا نخسر كل شيء.. لدينا هوية صغناها معا، ولدينا حضارة بنيناها معاً، ويجب علينا حماية بعضنا البعض».
وبمناسبة زيارة غبطته لديترويت، أعلن المغترب اللبناني الدكتور ضاهر الراعي عن تخصيصه منحا دراسية بقيمة 50 ألف دولار كما تبرع بـ50 ألف دولار أخرى وضعها في عهدة البطريرك كي يوزعها على المحتاجين في لبنان.
وفي ختام القداس، أعلن البطريرك الراعي عن منحه رتبة الأسقفية للقس الماروني لويس باز تقديراً لخدمته الكهنوتية، وقبيل بلوغه سن التقاعد.
وكان الراعي قد بدأ زيارة رعوية إلى الولايات المتحدة الأميركية، واستهلها في أبرشية مار مارون في مدينة بافالو بولاية نيويورك، يرافقه راعي الابرشية المطران غريغوري منصور والنائب البطريركي المطران بولس الصياح والنائب العام في الابرشية المونسنيور مايكل توماس ومدير مكتب الاعلام والبروتوكول وليد غياض.
وتشمل زيارة الراعي أيضاً مدن دايتون وسنسيناتي في ولاية أوهايو، ولوس أنجلوس (كاليفورنيا) قبل مشاركته في مؤتمر الكنائس المارونية في أميركا، المقرر إقامته في مدينة سان فرانسيسكو بين الخامس والعاشر من تموز (يوليو) الجاري.
Leave a Reply