خليل إسماعيل رمَّال
عندما ادعى ما يُسمَّى «ثوار» سوريا في بداية الأحداث في درعا أنَّ النظام قتل الفتى حمزة الخطيب وعمره ١٤ عاماً قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن وكانت جريمة لا تُغتَفَر، وهي كذلك إنْ صحَّتْ. لكن ذبح طفل في حلب لم يبلغ الحلم وسط صيحات التكبير والتهليل والضحك وكأن مجرمي الزنكي الذبَّاحين التابعين للجيش الحر «المعتدل» بالمعيار الأميركي يحتفلون بمناسبة دينية، مسألة فيها نظر فلم تُستنفر حقوق الإنسان في الغرب وأميركا! تصوروا وحشية هؤلاء الأفاكين وساديتهم أمام توسل الفتى المريض المسكين بعد سحبه من المستشفى وطلبه أنْ يُعدَم بالرصاص لا بالذبح فلم يكترثوا لحقيقة انه جريح وقاصر فمثَّلوا بجثته وحملوا رأسه ملوحين به في مشهد شمري تقشعر له الأبدان. ومهما حاول المأفونون الزعم ان العمل كان فردياً فالفيديو يكذبهم ويظهِر ثمانية مجرمين يؤكدون على فعلتهم. كذلك لم تهتم المنظمات الإنسانية بقصف الطيران الفرنسي للمدنيين في منبج السورية ردَّاً على مجزرة نيس الإرهابية التي سببها سياسة رئيس فرنسا الأخرق الذي يدفع لحلَّاقه ١١ ألف دولار بالشهر ويرتضي أنْ يكون خادماً لمصالح آل سعود. أما مجزرة الكرادة في العراق واستشهاد ٣٠٠ من الأهالي الفقراء وهم يتبضعون لعيد الفطر ثم التفجيرات الاجرامية اللاحقة في بغداد فلم تُذكر على لسان أحد من المتشدقين بالمبادىء بل هؤلاء مشاركون بالمذابح لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس!
والذي يحيِّر أكثر موقف حركة «حماس» التي رضيت ببيع أردوغان لغزة مقابل الغاز الإسرائيلي، وتحمَّست واحتفلت بفشل الانقلاب عليه وكأنها حررت فلسطبن، مثلها مثل «الجماعة الاسلامية» في لبنان، كما قام إسماعيل هنية بقطع قالب حلوى رسم عليه صورته مع الطاغية الإخونجي العثماني، وكذلك حمدَ خالد مشعل ربَّه على نجاة سيده من الموت. «حماس» هذه لم تتفوَّه بكلمة حول ذبح الطفل الفلسطيني عبدالله موسى إبن الثانية عشرة سنة ولا تقوم بأي إجراء يمنع تمدد التكفيريين السفاحين في المخيمات الفلسطينية في لبنان حيث قد تكاد تتحول إلى بؤرة للقتلة مما قد ينجم عن ذلك فتنة كبيرة وخطيرة على لبنان والقضية الفلسطينية، كما لا تقوم بأي جهد لمنع الداعشيين القريبين من فكرها الإخونجي، الذين يطمئنون على أعراضهم لدى اليهود في القدس المحتلَّة ويخرجون إلى سوريا والعراق لتفجير أنفسهم. بل إنَّ مؤتمر القوى الوطنية العربية الذي انعقد في بيروت مؤخراً دعماً للمقاومة ورفض تصنيف آل سعود لها بالإرهاب، امتنعت «حماس» عن حضوره وفاءً لالتزام قطعته مع دول الخليج ولكن ماذا عن وفائها لسوريا والمقاومة وإيران الذين وقفوا معها ومع فلسطين وما زالوا رغم انحيازها الأعمى لشياطين التكفير، بينما كانت مملكة عائلة سعود وباقي المشيخات تتفرج على مذابحها في غزَّة من قبل العدو الصهيوني الذي يتحالف مع دول الردَّة اليوم؟
لكن قافلة المقاومة سائرة بقوة ولن يؤثر فيها موقف «حماس» ولا الرجعيون، وليتمعن العرب جيداً بكلام نتنياهو الذي صمت دهراً بلغ ١٦ سنة ونطق كفراً ردَّاً على توصيف السيِّد حسن نصرالله لكيانه بأنه أوهن من بيت العنكبوت، عندما قال «صمدنا ٣٤ يوماً في حرب تموز». فالصمود هو فعل المدافع والمتصدي للهجوم لا الذي يشن الهجوم المباغت. ذلك ان المقاومة هي التي كانت في موقع المنتصر والمبادر وما زالت تمتلك المفاجآت حتى اليوم بدليل إطلاق طائرة استطلاعية من الجولان حلقت في سماء فلسطين المحتلَّة ساعة واحدة فتصدت لها صواريخ القبة الحديدية ومقاتلات «أف ١٦» بلا جدوى وعادت سالمة في عز جهوزية القوات الإسرائيلية التي كانت تجري مناورات عسكرية وكانت تتمرجل وتتبختر عارضةً عضلاتها على الحدود مع لبنان، فجاءتها هذه المفاجاة الصاعقة من حيث لم تحتسب!
لكن من سوء حظ المقاومة في لبنان انها في نظام ممسوخ فاسد تابع لا قرار له في مسألة حيوية كالنفط الذي تتنازعه المصالح والأهواء ومياه الشرب لديه ملوثة في بلد غني بالأنهار، والانترنيت مسروق بل أنَّ وزير الصحة أعلن أنَّ قرار استشفاء الكبار في السن هو «هدية من وليد جنبلاط» وكأنها منة من الأخير. تصوروا ان يُقال مثل هذا الكلام في الغرب لكن لبنان مع ذلك مبهور بالخارج، فلا حرج عنده أنْ يحتفل بالثورة الفرنسية مع الوزير الفرنسي وهناك لبناني أسير معتقَل لدى باريس، ولا أنْ يضيء صخرة الروشة بعَلَم فرنسا وبلجيكا لا عَلَم العراق وسوريا واليمن والبحرين بعد سقوط الشهداء عندهم.
بالتأكيد لن يهم لبنان والعرب والغرب ذبح الفتى عبدالله عيسى البريء الذي ستنتصر دماؤه ودماء كل الشهداء المظلومين على قوى الظلام والإجرام!
Leave a Reply