حسن خليفة – «صدى الوطن»
في الوقت الذي يسود فيه الإحباط أوساط المنظمات العربية الأميركية والنشطاء العرب الأميركيين الحقوقيين لعدم جدوى الحوار مع المسؤولين الفدراليين بشأن التمييز الممنهج الذي يتعرض له العرب والمسلمون في الولايات المتحدة لاسيما في المطارات والمعابر الحدودية، اجتمع ممثلون عن الجالية في مترو ديترويت يوم الأربعاء الماضي بوزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش الى جانب عدد من المسؤولين الفدراليين الرفيعين.
وناقش لقاء «بريدجز» الذي عقد في قاعة «النادي اللبناني الأميركي» بمدينة ديربورن، عدة مواضيع تثير قلق العرب والمسلمين الأميركيين، وفي مقدمتها لائحتا «مراقبة الإرهاب» و«الممنوعين من الطيران» وإغلاق الحسابات المصرفية بشكل تعسفي، إضافة الى المضايقات الأمنية في المطارات وعند المعابر الحدودية.
وزيرة العدل لوريتا لينش متحدثة أثناء لقاء «بريدجز» في « النادي اللبناني الأميركي» بمدينة ديربورن يوم الأربعاء الماضي.(صدى الوطن) |
وكان موقع «انترسبت» الالكتروني قد قام في العام 2014، بتسريب تقرير صادر عن «مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي) يزعم بأن مدينة ديربورن تضم ثاني أعلى نسبة من المشتبهين المحتملين بالتورط بالإرهاب بعد مدينة نيويورك، وأن اللائحتين تضمان حوالي 19 ألف شخصاً من سكان المدينة ذات الكثافة العربية. ورغم عدم تأكيد المسؤولين الفدراليين لدقة الأرقام التي نشرت، إلا أنها تظل مبعث قلق حقيقي للجالية.
وقد بذلت منظمات الحقوق المدنية جهودا جبارة لإزالة بعض الأسماء الواردة في اللائحتين من الأبرياء الذين ليس لديهم أي سجل إجرامي أو وثائق تبثت علاقتهم بالإرهاب، وقد تبين أن اللائحتين تحتويان أسماء أطفال إضافة إلى إسم شخص يعاني من الشلل.
وخلال الاجتماع الذي حضره ناشطون حقوقيون وقادة مجتمعيون من الجالية العربية وجهت عضو مجلس النواب الأميركي ديبي دينغل (ديمقراطية-ديربورن) لوزيرة العدل رسالة مقتضبة وواضحة، قائلة: نريد صديقاً!
وأضافت: إن العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي ليس لديهم أدنى فكرة عما يعانيه مجتمع العرب الأميركيين من جراء ورود بعض الأسماء بشكل خاطئ على لائحة مراقبة الإرهاب، وأن العديد من المشرعين يعتقدون أنه من السهولة إزالة بعض الأسماء من اللائحة عبر اجراءات استئناف ميسرة. وقالت: إن وزارة العدل تنظر في كيفية ترسيخ الأمن الوطني، ولكن علينا أيضا العمل من أجل حماية الحريات المدنية للأفراد، وهنالك الكثير من الناس لا يدركون ما الذي يجري لهذا المجتمع والطريقة التي يتم بها استهدافه.
لينش بدورها، تطرقت عبر حديث مقتضب للوائح المراقبة، وقالت إنها على دراية بأشكال التمييز الذي يتعرض له المجتمع العربي الأميركي، كما أقرت بدور «لائحة حظر الطيران» وإغلاق الحسابات البنكية في عزل المجتمع والتسبب بالإحباط لدى أفراده، مضيفة بأن هاتين المسألتين بحاجة الى حلول شفاف.
وأضافت: «إن البعض منا، في وزراة العدل، ممن كانوا يعملون على إصلاح تلك اللوائح شعروا بخيبة الأمل -السنة الماضية- عندما أدركوا أن الجهود التي بذلوها لإيجاد نظام وإجراءات للمراجعة تتعرض للمماطلة في الكونغرس.. ولكن هذه القضية التي استقطبت اهتماماً كبيراً في وزراة العدل خلال الأشهر الأخيرة غير أن الحل ما يزال بعيداً».
من ناحيته، قال المحامي والناشط الحقوقي نبيه عياد: إن العرب الأميركيين مُنيوا بانتكاسات عديدة لأن وكالات إنفاد القانون المحلية والوطنية التي تواصلوا معها عبرت عن محدودية صلاحياتها في إصلاح اللوائح، وأكد بالقول: «إن مجتمع العرب الأميركيين هو «غراوند زيرو» (لتعرضه) للعنصرية والكراهية». وحثّ عيّاد مسؤولي وزارة العدل لبذل جهود فعالة لأن شعور المستهدفين بلامبالاة السلطات يقلل من ثقة الناس بالحكومة. وأضاف: «إن المضايقة في المطارات تدفع العديد من الناس للعدول عن الاستثمار في المنطقة».
وقال العميل الخاص ديفيد جيليوس، مدير «مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي) في ديترويت لـ«صدى الوطن» إن ثلاثة من موظفي مكتبه يقومون بالتواصل مع الجالية العربية لتقوية الروابط بين المجتمعات والمؤسسات الفدرالية.
وعبر عن صدمته من العدد الضخم للأشخاص الواردة أسماؤهم على لوائح المراقبة من مدينة ديربورن (19 ألف إسم)، مؤكداً أن مكتبه مسؤول عن إيراد أفراد قلائل في تلك اللائحة. وقال: «في نظامنا، إذا تم ترشيح إسم لإدراجه على اللائحة فإن ذلك الترشيح ليس اعتباطيا، إنها توصية قائمة على حقائق دفعتنا لإلقاء نظرة تفحصية مبنية على أدلة واضحة».
وقالت رئيسة دائرة الحقوق المدنية في وزارة العدل فانيتا غوبتا (التي تحقق وتقاضي منتهكي الحقوق المدنية) إن اتساع المشاعر المعادية للعرب يشكل تحديا كبيرا يأتي في رأس أولويات وزارة العدل، وأضافت إن دائرتها تصدر تقارير عن ارتفاع مستوى المضايقات في المدارس وأماكن العمل، وأنها تقوم برصد عدد متزايد من الأفراد الذين يعارضون بناء المساجد وأماكن العبادة الأخرى في مجتمعاتهم.
كما أشار مدير الخدمات والعلاقات الاجتماعية في وزارة العدل، بول مونتيرو، إلى أن مكتبه يتحرّق من أجل العمل مع المدن ودوائر الشرطة المحلية والمدارس من أجل تثقيف الأفراد وتدريبهم على التعامل السوي والمنصف مع العرب والمسلمين والسيخ وتفهم ثقافاتهم. وقال: «لقد شهدت الأشهر الثمانية الماضية ارتفاعاً في معدلات جرائم الكراهية التي تستهدف الأقليات في كامل أنحاء البلاد، مؤكداً أن دائرته تسعى لإيجاد حلول لقضايا التمييز وتقوم بتقديم الدعم للمجتمعات المستهدفة لكي تجد بنفسها الحلول الملائمة، قبل اللجوء الى ملاحقة المعتدين قضائياً.
وقال الرئيس المشارك في «مجلس الجالية المسلمة في ميشيغن» الشيخ مصطفى ترك إن أحد الأشخاص الذين تحولوا إلى الإسلام اكتشف مؤخرا أنه ممنوع من الطيران، حيث تم توقيفه في أحد المطارات وتم استجوابه لعدة ساعات. وأضاف بأن ابنة ذلك الشخص، وهي محامية تعمل في وزارة الخارجية وقد اعتادت السفر إلى عدد من البلدان، اكتشفت بدورها أن اسمها مدرج على لائحة مراقبة الإرهاب.
وكان لقاء «بريدجز» قد تشكل في أعقاب هجمات ١١ أيلول (سبتمبر) للحوار وتعزيز التعاون بين الوكالات الحكومية والجاليات العربية والإسلامية المتواجدة بكثافة في منطقة جنوب شرقي ميشيغن.
Leave a Reply