علي منصور
ليس النقاش في هذه العجالة حول أحقية سوزان دباجة حمود في الترشح لمنصب قضائي في مدينة ديربورن، مبدئياً فهذا من الحقوق الطبيعية والمُسَلم بها، لها ولأي فرد يرتقي خوض غمار العمل العام. إنما يحق لنا التساؤل عمَّا دفع السيدة دباجة لإتخاذ قرار ترك رئاسة المجلس البلدي في ديربورن الذي لم تنتهِ ولايته بعد، سيما أنه يمثل مصلحة حيوية للعرب الأميركيين في المدينة بخلاف المنصب القضائي المحصور، رغم أهميته، في إطار مُحدد الصلاحيات ويندرج ضمن الوظائف الشبه بيروقراطية التي تدُّر المال الوفير على صاحبها ولا تتطلب جهداً وتعباً!
قد نتفهم خطوة دباجة هذه لو أنها كانت قد أنهت الفترة المتبقية لها في رئاسة المجلس البلدي ثم قررت الترشح لمركزٍ آخر. وأيضاً قد نتفهم خطوتها هذه، ولو دون إقتناع كامل، لو لم تسبقها السيدة آبي بزي للترشح بدعم من «أيباك» و«صدى الوطن». ولكن على أي أساس (غير المادي) وبأي حق تترك مركزاً وصلت إليه بدعم عربي واسع لم تكن لتحوزه لولا دعم «أيباك» و«صدى الوطن» وسائر المؤسسات العرببة-الأميركية، ولولا تجنيد كل القدرات والطاقات والإمكانات لإيصالها إليه، ثم بعد ذلك تترشح بوجه من دعمها بالأمس ووضع كل إمكاناته في تصرفها!.
لو حصل ما سلف ، لربما كنا تفهمنا خطوة السيدة دباجة، ولكانت وفرت على العرب وعلى اللبنانيين منهم تحديداً كماً كبيراً من المشاكل والانقسام والتشرذم، ولكنَّا أول المباركين والمهنئين لها بتحقق حلمها بوظيفة ذات ١٥٠ ألف دولار…
مهلاً، ١٥٠ ألف دولار سنوياً، أضعاف ما تتقاضاه في المجلس البلدي. حسناً، توضحت الرؤية الآن، خاصة إذا علمنا بأن السيدة دباجة حاولت إزاحة إحدى العربيات من منصبها في حكومة مقاطعة وين لتحلَّ مكانها مستخدمة ألاعيب سياسية انتهازية لإزاحة زميلة لها من منصبها، لكن مساعيها خابت لاعتبارات عائلية تخصّها.
إذن، هي الوظيفة المريحة (الحلم) ذات المرتب المحترم . هنا بيت القصيد : الأنانية والمصلحة الشخصية الضيقة والتسلق على حساب العرب الأميركيين للوصول إلى الرفاهية المادية والترف الاجتماعي. وفي سبيل ذلك تسقط كل المحرمات وتباح كل المحظورات ويطلق العنان لحفلة السب والشتم على مواقع التواصل الإجتماعي..
بالمحصلة، ضربت دباجة عرض الحائط وقررت كيفما كان، ومهما كان، وبأي ثمن الترشح دون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه مجتمعها ودون تقدير للثقة التي منحت لها، ودون اكتراث لسنوات من العمل المضني من أجل توحيد الصوت العربي وتفعيله.
لم تصغِ لكل الأصوات الناصحة التي حذرتها من مغبة السير بترشيحها لما سيكون له من إرتدادات سلبية على المجتمع العربي الأميركي في المدينة. لكن لا حياة لمن تنادي، كمن يحرق غابة ليشعل سيجارة كَيف، فكيفَ لا يكون من البديهي، بل من الواجب التصدي لهذه النزوة كي لا تتحول إلى سابقة يُعمل بها ومثال يحتذى به عند كل مستهترٍ عديم الوفاء والمسؤولية، غير منضبطٍ ومتفلت من أخلاقيات وأدبيات العمل الإجتماعي والسياسي.
هذا فيما خَص قرار الإنفراد بالترشح التعسفي، أما والأهم فهو الحملة الشعواء التي شنتها المرشحة العتيدة على «صدى الوطن» وعلى ناشرها أسامة السبلاني ، مستعينة بشذّاذ الآفاق من المتطفلين على العمل الصحفي والإعلامي، ومتلطية وراء بعض الفارغات شكلاً ومضموناً، والذميمات خُلُقا وأدباً. لتطلق حفلة سبٍ وشتمٍ وتجريح بحق «صدى الوطن» وناشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، حفلة سبٍ دميتها إحدى الموتورات الأجيرات من مخلفات تكنولوجية الشبكة العنكبوتية اللواتي لم يستوعبن درس التحضر والرقي الأخلاقي، وراقتهنَّ فكرة السلفي واللايڤ من دورِ المياه والمراحيض. لتتحول صفحة إحداهن إلى مطمرٍ للنفايات البشرية يجمع كل الأوساخ اللافكرية المكتومة والمكبوتة، منذ زمن قريبٍ و بعيد، عندما كان أسامة السبلاني يتصدى لكل محاولات المس بحقوق العرب والمسلمين، ليس فقط في ديربورن إنما في ميشيغن وعموم الولايات المتحدة، وعندما كان أسامة السبلاني يحمل قضايا العرب وعلى رأسها فلسطين، وعندما كان أسامة السبلاني ينادي بالفم الملآن وعلى رؤوس الأشهاد بأن مقاومة المحتل الإسرائيلي هو حق لنا ولا زال، وعندما وقف أسامة السبلاني في حرب تموز وقال كلمته الشهيرة بأنهم «لن يستطيعوا اقتلاعك لأنك في قلوبنا»…
سبٌ وشتمٌ وأحقاد دفينة من مذهبية ودونية وعُقَدية انصهرت في مكبٍ فيسبوكيّ شكل محور الحملة الإنتخابية لــ«مرشحتنا العظيمة». إن كان ذلك هو ما ارتضته لنفسها فلا يسعنا إلا القول : إن الطيور على أشكالها تقع.
كما تراني يا جميل أراك.. وكما تدين تُدان ولكل شيء ثمن، لكن للسب والشتم والذم والقَدْح والكذب والتطاول ثمناً باهظاً جداً ليس أقله العودة من إنتخابات تشرين الثاني بخفي حنين ..
Leave a Reply