خليل إسماعيل رمَّال
لا ادري اذا كان الشعب اللبناني قد اهتم ولو لحظة بأخبار لجنة الحوار التي انفضت عن لا شيء ولم تحل أي شيء عدا الإتفاق في العموم على مجلس شيوخ في بلد فيه فائض من المسؤولين العاطلين عن العمل الذين يستنزفون المال العام من دون طائل. فالشعب منشغل بالحصول على نسمة باردة في فصل الصيف الحار جداً هذا العام، بدل نسمات التفاؤل الآتية كما قيل لنا من حوار الطرشان. وطبعاً لأن هذا النظام المسخ لا يهمُّه أمر الناس بدليل إحباطه لأي نشاط وحراك شعبي، فإنه تآمر مع الطبيعة ضد الفقراء والعائلات المستورة من خلال زيادة تقنين ساعات الكهرباء في المناطق الشعبية والجنوب والبقاع مقابل تخفيضها في مناطق الجبل الجنبلاطي والمصايف هناك من أجل راحة السياح والأجانب والمغتربين والسياسيين المتنعمين الذين لا يمضون دقيقة واحدة من دون مكيفات ورفاهية. حتى المهرجانات مذهبية في لبنان مثل مهرجان بيت الدين وغيره من مهرجانات عاليه وبحمدون التي تلقى اهتماماً وعناية استثنائية من الدولة. وإذا حدث وأُقيمت مهرجانات، لا سمح الله، في مناطق لها تاريخ مديد في الحرمان من خدمات ووجود الدولة مثل بعلبك، فإنك بعدما تحضر مهرجانات بعلبك لا تجد في مدينة الشمس فندقاً واحداً فيها بل عليك أنْ ترتد على آثارك قصصاً إلى بلدة شتورة لتقضي ليلتك هناك.
بلد مركب غلط وبُني على الغلط فكيف ينفع الحوار وكلمة السر تأتي دوماً من الخارج؟ بل أين ومتى كانت اللبْنَنة هي أساس الحل؟! وكيف يفلح حوار فيه فؤاد السنيورة الذي يضع العصي في الدواليب علناً ويسعى من دون ملل لتقويض الحوار بين تياره الأزرق و«حزب الله»؟
لقد تمخض عن إجتماع ثلاثة أيام تاريخية حاسمة قرار واحد هو التخطيط والتهيئة والتحضير لإنشاء مجلس شيوخ يُنتَخَب أعضاؤه على أساس غير طائفي وهذا التحضير طبعاً سياخذ حركة ١٠ سنوات وربَّما أكثر. وبما أن اتفاق الطائف ينص على مجلس الشيوخ، استفاق المتحاورون اليوم على تنفيذه بعد ٢٧ عاماً ولكن ممنوع منعاً باتاً مجرد التفكير بإلغاء الطائفية السياسية التي نص أيضاً عليها الاتفاق. غير أن كل القوى السياسية تقدس الطائف وتستنفر اذا ذُكِرت عبارة مؤتمر تأسيسي او تقرر اتخاذ قرارات بغياب رئيس جمهورية حسب منطق فتى الكتائب! لكن غاب عن ذهنه أن رئيس الجمهورية في لبنان لم يعد يهش ولا يبش والدليل على ذلك ميشال سليمان المسافر والذي كان يمر على البلد بين فترة واُخرى!
ثم ماذا يمكن لهؤلاء الشيوخ ان يقدموا لخدمة البلد اكثر من النوَّاب الُممدِّدِين لأنفسهم عدا عن زيادة أعباء مالية إضافية في بلد لم تُقَر فيه موازنة عامة منذ فؤاد السنيورة والسبب حتى لا يُعرَف مصير مبلغ صغير هو ١١ مليار دولار الذي غادر الخزينة في عهده ولم يعد. على سيرة الشيوخ هناك نكتة تم تداولها في بداية الحرب الأهلية اللبنانية وتتضمن استهجان آل سعود لمحاربة القوى الوطنية «للشيخ» بيار الجميِّل الجد ظنّاً منهم انه كان فعلاً شيخاً.
لكن للأسف اليوم النكتة علينا نحن الشعب المسكين بوجود هكذا طقم سياسي لم يتغير هو ولم يتغير معه شيء منذ الحرب الأهلية. حتى طاولة الحوار التي انعقدت في ذلك الزمن تكاد تتقارب حتى بالأسماء مع المتحاورين اليوم بعد أنْ ورث الأبناء الآباء.
والمؤسف أكثر أنَّ الوقت يمر والتمديد النيابي ينتهي في بضعة شهور بينما لا يوجد أمل في الأفق بفتح كوة في جدار قانون انتخابي عصري جديد وكما قلنا سابقاً فاللبنانيون أمام خيارين أما التمديد المديد للنواب عن جديد أو العودة الى قانون الستين الحجري الصنديد!
Leave a Reply