خليل إسماعيل رمَّال
ما أجمل هذا الخبر الذي نشرته الصحف، لأنه يثلج القلب وسط الإحباط من وطن الأزمات والكوارث والسرقات. الخبر يفيد أنه بعد أيام قليلة من الخطاب الذي ألقاه السيد حسن نصرالله في بنت جبيل، لمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لانتصار تموز 2006، كشفت صحيفة للعدو أن الحكومة الإسرائيلية، وتجنّباً لتفجير الموقف مع لبنان، عمدت إلى منع التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المُتنازع عليها. الترجمة: خوفاً من المقاومة وأمن جانبها!
وكان السيِّد نصرالله قد ضمّن خطابه رسالة تحذير «نفطية» إلى العدو، أنهاها بجملة وفهمكم كفاية. هذه الـ«فهمكم كفاية» فعلت فعلها مع إسرائيل المردوعة كما قال السيِّد في مداخلته القيِّمة حول نتائج حرب تموز الإستراتيجية. فالعدو الغاشم لا يرتدع بالدبلوماسية ولا بالسياسة كما يدَّعي قرطة حنيكر في ١٤ آذار (بعدهم عايشين؟) بل بالقوة والرد والتوازن الإستراتيجي.
لقد انتهى الزمن الإسرائيلي الذي كانت فيه قواته تُعربِد في سماء وأرض لبنان وتُغير على مطاره وبناه التحتية وذهب الوقت الذي كنَّا نشاهد فيه المجازر منذ طفولتنا حيث ما زلنا نتذكر بيوتنا في برج البراجنة القريبة من المطار وقد طُلِيَتْ لمباتها وحيطانها باللون النيلي (مثل عيشة اللبنانيين اليوم بسبب وحوش السياسة) تجنباً للغارات المعادية، وكنَّا نشعر دوماً برعب وقلق دائمين كلما قرر العدو شن حروبه الوحشيَّة علينا. أما اليوم فهو يبني الجدران خوفاً على الحدود وينام بكير ويتجنب المواجهة النفطية والعسكرية حتى أنه من «عمى قلبه» وقعت جرافة كان يشق بها طريقاً داخل الخط الأخضر على ناقلة جنود إسرائيليين فأدت الى إصابة ٨ منهم بجروح خطرة. كل هذا بينما شعب الجنوب الفخور المعتز بمقاومته يبني بيوته وحياته قرب الخط الشائك وايسهر آمناً مطمئناً حتى مطلع الفجر.
وعلى صعيد الداخل أطلق السيِّد مبادرة طيبة رغم أنَّ محور المقاومة بدأ فعلياً معركة تحرير حلب بعد استخدام الروس لقاعدة همدان الإيرانية والمشاركة الصينية. مبادرة السيِّد تضمَّنتْ رئيساً مقابل رئيس لإخراج البلد من عنق زجاجة الجمود والمماطلة النيابية من حيث المهل المعطاة قبل وقوع الإنتخابات وكأنَّ هناك مُتَّسعٌ من الوقت بينما التلوث المائي والسياسي والأخلاقي والإنهيار الإقتصادي أصبح واقعاً.
لكن الحريري، الذي «يشم الهوا» في الخارج، ترك الأمر لفؤاد السنيورة عدو كل ما يشبه مقاومة، لتمييع المبادرة التي ستكشف نوايا «المستقبل» وجماعته ورفضهم للحل الذي يرضي الجميع. إلاَّ أنَّ الذي لا تعصى عليه إسرائيل لن تؤثر عليه جماعة التقليد المفلِّسة، ونَفَسْ المقاومة وشعبها، فخر الناس من جميع الملل والنحل طويل، أكثر مما يتصور الأعداء.
Leave a Reply