أيمن شحادة
يترقب العالم الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة التي سيتحدد على أثرها العديد من السياسات في المنطقة والعالم بناء على من سيفوز فيها، وسيكون لها تأثير كبير على المنطقة العربية والعالم الإسلامي بشكل عام، إلا أنّ مسارها الداخلي على العرب الأميركيين الذين لديهم مصالح في تلك البلاد، سيكون مختلفًا وهم يقاربونها من منظار آخر، نظرا لواقعهم والضغوطات التي يعانون منها.
تجرى الانتخابات الرئاسية في أميركا ما بين الثاني إلى الثامن من تشرين الأول المقبل، وتعتبر ولايات ميشيغن وفلوريدا وأوهايو من أكثر الولايات التي تضم الصوت العربي المؤثّر، وهي ولايات غير محسومة النتائج لأيّ من المرشحين، الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب، وتعتبر نتائجها محيّرة حتى الساعة، ولهذا فإن للصوت العربي قوّته فيها.
في ولاية ميشيغن الأميركية حيث التجمّع العربي الأكبر هناك 12 ناخبا رئاسيا، ويقدر الصوت العربي بحدود الـ300 ألف صوت، وكانت الولاية في الانتخابات التمهيدية قد اقترعت للمرشّح الديمقراطي بيرني ساندرز.
وفي السياق، أشارت معلومات لموقع «النشرة» اللبناني إلى أن الصوت العربي في هذه الانتخابات منح لساندرز الذي فاز بـ50 بالمئة من الأصوات مقابل 48 بالمئة لكلينتون. وكان المرشح الديمقراطي السابق قد طرح خطابا متقدما بالنسبة الى مصالح العرب والمسلمين خلال زيارته الولاية، كما طالب بانسحاب اسرائيل من الضفة وإنشاء الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وأبدى اهتماما بعدد من شؤون العرب ومطالبهم، كما زار الجالية وصحيفة «صدى الوطن» الأميركية التي تصدر باللغتين، العربية والإنكليزية.
إلا أنه وبعد خسارة ساندرز في الانتخابات التمهيدية لصالح كلينتون وحصر الخيار بينها وبين ترامب، بدأت مباحثات العرب الأميركيين من جديد لتحديد وجهة دعمهم المقبلة، مع الإشارة الى أن هناك عرباً منخرطون بالحزب الديمقراطي وصوتهم سيذهب تلقائيا لصالح كلينتون، صاحبة الحظوظ الأفضل لدى العرب من ترامب المعروف بمواقفه العنصريّة ضد الهجرة وغيرها من الملفات الشائكة.
الصحافي في صحيفة «صدى الوطن» الأميركية علي منصور أشار إلى أن «صوتنا لن يكون تحصيل حاصل لصالح كلينتون، كما أنه لا يمكن لها الاعتماد على ترامب فقط لنيل تأييد جالياتنا، فهناك مرشحون مستقلون من ضمنهم الدكتورة جيل ساين عن حزب الخضر، من الممكن لهم أن يستقطبوا الصوت العربي». واعتبر أن «ليس بالضرورة ان تربح ساين ولكن هناك إثبات للحضور العربي وصوتنا لن يكون بالمجان، واذا لم تتعاطَ كلينتون بجدية مع الملفات العربية لن يُقترع لها، ومسألة حسم الدعم بحاجة الى وقت لبتّه»، مشيرا في الوقت عينه الى أن كلينتون عيّنت عربية من أصل لبناني تدعى زينب حسين نائبة مدير الحملة الانتخابية في ولاية ميشيغن، وهذا الموضوع يشكل عامل استقطاب مهمّ لها في الولاية، إلا أنه لن يشكل فخًّا للعرب. ولفت الى فوز اللبناني عبد الله حمود في الانتخابات التمهيدية لمجلس نواب الولاية عن الحزب الديمقراطي.
وفي ما خص المرشح الجمهوري ترامب، أوضح منصور، أنه لم يتخذ أية خطوة تجاه العرب والمسلمين، وهو قام بمحاولة تهكّم على الضابط الأميركي من أصل باكستاني الذي قتل في العراق، وهذا الموضوع أثار الكثير من الغضب والسخط ضدّه، على الرغم من أن ترامب يتعامل جديا مع موضوع مكافحة الارهاب لاسيما مكافحة تنظيمي «داعش» و«النصرة»، في حين اتُّهمت كلينتون بأنها مسؤولة عن نقل الأسلحة الى المسلحين في سوريا من ليبيا.
وأشار إلى أن هناك العديد من المطالب للعرب، من أهم المواضيع الخارجية هو المطالبة بالتعامل بمعيار واحد بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعدم تغطية اي عدوان إسرائيلي على غزة أو الضفة الغربية، وهذا الحد الادنى من المطالب. كما أن العرب يتعرضون على الصعيد الداخلي لمضايقات كثيرة في المطارات والمنافذ الحدودية وعبر قائمتي «مراقبة الإرهاب» و«حظر الطيران» والمراقبة الإلكترونية الجماعية والتمييز من قبل الدوائر المحلية والفدرالية وجرائم الكراهية وغيرها، وجميعها تعكس الأزمة التي يواجهها العرب والمسلمون في الولايات المتحدة.
وكشف عن وجود أسماء لأكثر من 19 ألف عربي على اللوائح السود وهم ممنوعون من السفر، وعند كل عبور يتعرضون لساعات مطولة من التحقيق قد تمتد لـ5 ساعات في المطارات وغيرها من المعابر الحدودية. وختم قائلا: الأفضل بالنسبة إلى العرب هي هيلاري كلينتون، ولكن لا نريد تصريحات مجاملة من كلينتون بل نريد وعودا واضحة وصريحة.
تجدر الاشارة إلى وجود «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) التي أيدت ساندرز بمواجهة كلينتون، وسوف تجتمع قبل شهر من موعد الانتخابات الأميركية لأخذ قرارها وحسم مرشحها الرئاسي، ولفتت معلومات خاصة بـ«النشرة» الى أن هذه اللجنة لن تؤيد كلينتون إذا لم تطلب منها ذلك، لانّه سيشكّل سابقة مثل «الذي يحضر العرس من دون عزيمة». وأشارت إلى أن كلينتون مُطالبة ألا تفترض أن اقتراع العرب الأميركيين لصالحها أمر مضمون، لمجرد أن خصمها هو دونالد ترامب.
وعلى أمل أن تتحقق المصالح العربية، داخلية كانت أو خارجية، حيث سيكون للانتخابات الأميركية وما سيفرز عنها تأثير واضح على صعيدها الداخلي والعالمي، والتي يمكن أن تغير معادلات في المنطقة والعالم.
نشر هذا المقال في موقع «النشرة» اللبناني
Leave a Reply