خليل إسماعيل رمَّال
لعل سبب احجام البعض عن تأييد هيلاري كلينتون للرئاسة الاميركية، رغم أنَّ ورقة دونالد ترامب ليست «ثمينة» عندهم، يعود إلى سوء الإدارة الحالية وتخبطها في الشرق الأوسط وترددها الذي ساهم في نمو التنظيم الإرهابي «داعش» وغيره من المنظمات الدموية التكفيرية. ولذلك ففوز كلينتون يعني ولاية ثالثة لأوباما والمزيد من الفوضى والتآمر على الساحة السورية.
والمثال على ذلك، العدوان التركي السافر على حدود سوريا الذي دشنه اردوغان بوجود نائب رئيس أميركا جو بايدن. والموقف الأميركي المحير المدَّعي محاربة «داعش» من خلال دعم الأكراد، الذين باعترافه هم الفعالون في صد هجمات «داعش»، يقف مع الشيء ونقيضه أي مع الترك والكرد معاً، فكيف يستقيم هذا؟
الأكراد ينتشرون في أربع دول، وأنقرة هي عدوتهم اللدود المعلنة بسبب المعارك الدموية بينهم وبسبب نزعة الاستقلال والدولة الكردية لدى الأكراد مقابل ميول الإبادة الجماعية لدى الأتراك. ولذلك كل هم اردوغان من اعتدائه على الأراضي السورية هو الحصول على منطقة آمنة على حدوده ودفع الأكراد شرقي الفرات ومنع خطرهم عن بلاده. وقد سارعت إدارة أوباما إلى تأييد العدوان التركي ربَّما لتخفيف نقمة اردوغان بسبب وجود خصمه اللدود غولين في بنسلفانيا وبسبب ما قيل عن تورُّط الاستخبارات الاميركية في محاولة الانقلاب الفاشلة أو المسرحية الأردوغانية لا فرق. لكن كيف سيتم التغلب على الإرهابيين السفاحين وتركيا المدَّعية محاربة الاٍرهاب ما زالت تفتح أبوابها لكل قطاع الطرق من المرتزقة القَتَلة ليذهبوا إلى سوريا، بينما الأكراد وغيرهم يقفون بوجه الإرهابيين؟ لكن للأكراد من ناحيتهم يوجد جانب سيء يتمثَّل بعلاقاتهم القديمة مع العدو الإسرائيلي وهذه لطخة سوداء في تاريخهم.
ثم لن تنطلي خدعة تركيا والولايات المتحدة على أحد بعد سقوط مدينة جرابلس بهذه السرعة أثر انسحاب «داعش»، فمجرمو البغدادي لا يستسلمون بهذه السهولة كما فعلوا في تدمر حيث أعدموا ٢٠ جندياً سورياً في المسرح الروماني وأحرقوا المدينة كما استشرسوا ودفعوا بجحافلهم وقطعانهم للثبات في مواقعهم في المدن الاخرى، ولكن ليس في جرابلس لماذا؟.
والمحير في كل هذه المعمعة ان اردوغان قام باجتياحه للأراضي السورية بعد التقارب التركي الروسي والتركي الإيراني، وبعد ما قيل عن تبدل في موقف أنقرة من الرئيس السوري بشَّار الأسد وتبادل زيارات سريَّة مع دمشق. فهل يكون هذا التحرك العسكري بداية للحل في سوريا أم تعقيد للموقف؟
مهما كانت الإجابة عن هذا السؤال يبقى أنَّ من راهن على شل يد اردوغان بعد الإنقلاب الفاشل لم يحلل جيداً، وان اندفاعته نحو الأراضي السورية تبقى عملاً عدائياً لن يمر من دون أكلاف. والسؤال هو أنَّ أولئك الاخوان المسلمين الذين تظاهروا في لبنان تأييداً لاردوغان بعد الإنقلاب ما رأيهم بالتطبيع التركي مع إسرائيل والعدوانية العثمانية المتزايدة؟ إلا أنَّ هذا السؤال ربَّما غير مبرر بعد الرسالة التبجيلية العاطفية لكبيرهم مرسي، الذي علمهم السحر، الى الجزار شمعون بيريز!
Leave a Reply