مريم شهاب
أحد الزعماء الفهمانين في سنغافورة، فرض على شعبه أن يتعلم القليل من الإنكليزية والكثير من النظافة. ومن المعلوم أن سنغافورة دولة صغيرة ويمكن حشرها بأكملها في جزء صغير من أي بلد عربي، مع هذا فإن إنتاجها الوطني لا يضاهيه إنتاج أي دولة عربية، نفطية كانت أم «شفطية»، أي أنها مبنية على «شفط دم الشعب». وفي سنغافورة يوجد قانون صارم يمنع مضغ اللبان (العلكة) ورمي المهملات في الشارع.
وعندنا في القرى مثل بسيط يقول: «اللي أحلى منك.. الله خلقو، بس اللي أشطر منك دمٍ فلقو». يعني جمال الخلقة والطول واللون هي من الله عزَّ وجل، لكن ما المانع من أن يكتسب المرء الشطارة والمهارة في الحياة وينافس الشاطرين والناجحين ويتعلم منهم؟
والتعلم ليس فقط في التجارة والعمارة وكسب المال، بل في نمط الحياة أيضا، وأولها النظافة. أي أن يعتني الإنسان بنظافته الشخصية ونظافة بيته ومحيطه. وهنا في هذا البلاد، التي أنعم الله عليها بالماء والهواء والوجوه الحسنة المبتسمة، المُحبة للحياة، فلماذا لا نتعلم من أبنائها؟
ماذا تقول عندما ترى سيدة عربية بثوبها الطويل الكالح يكنس وراءها الطريق وهي تمشي مع أطفال صغار في ثياب بحاجة إلى غسيل فوري من تراكم الأتربة وآثار فضلات الأطعمة عليها، وابنتها الصغيرة التي عمرها ربما أقل من عشر سنوات، تغطي رأسها بالحجاب! طفلة صغيرة ترتدي شورتاً قصيراً وبلوزة بلا أكمام وتضع حجاباً فوق رأسها الصغير. أليس الأهم أن تعلمها أمها أن تلبس ثياباً مرتبة نظيفة وتمشط شعرها وتزين فمها بابتسامة؟
ولا شك في أن يصادفك رجل، في الأسواق وفي المكاتب وفي الطريق، لابساً دشداشة، كانت بيضاء اللون ذات يوم، وهي الآن سوداء وجيوبها ممتلئة بأوراق عديدة يفرشها على المكتب أو على الكرسي مفتشاً عن ورقة معينة، ورائحة مقرفة تنبعث منه ومن أوراقه ولحيته الطويلة التي تحتاج منجلاً لقصها وتشذيبها، وأكثر ما يضحك ويبكي (في آن) هي الخواتم ذوات الفصوص الكبيرة في أصابعه. سألت أحدهم مباشرة: لماذا لا تستحم؟ ولماذا لا تلبس ثيابا نظيفة قبل خروجك من بيتك؟ هل الماء والصابون مفقودان في الأسواق؟ وكان جوابه بالطبع مقرفا مثل منظره.
قد تقول جنابك، هذه نماذج قليلة وشاذة في ديربورن، لكن هذه النماذج هي التي تدين الجميع وتحرج الجميع، وحين تتأملها تحزن من كل قلبك، وتتساءل لماذا؟ هل هذه النماذج بحاجة إلى معلم ليعلمها النظافة والترتيب؟ أليست النظافة من الإيمان؟
المدن لا تجمِّل نفسها، الناس يفعلون ذلك. النظافة ذوق وحياة، والقباحة اندثار وموت. ونحن لا نريد لهذه المدينة الجميلة -ديربورن- أن تموت . أنا شخصياً أتمنى لو يأتي دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، لماذا؟ حتى يصدر قانوناً يمنع لابسات البراقع من الخروج بالنقاب بتاتاً ولكي يمنع المحجبات بالسواد من الدخول إلى المسابح العامة.
تأمل الفتيات والنساء في الألعاب الأولمبية التي انتهت الأسبوع الماضي في ريو دي جانيرو وتأمل البعض من نسوان الأعراب. قال أرسطو إن التأمل يثير الحزن، أما أنت فتأمل فقط بلا حزن. تأمل ولكن لا تحزن، ما بيستاهلوا!
Leave a Reply