بلال شرارة
بإستثناءات قليلة تتحدث عن صفقات أسلحة سيجد المنقب في صفحات الاخبار العربية خبرا مركونا في زاوية ما يتحدث عن ضخ اموال (لا تقاس بمبيعات سوق السلاح) لتمويل خط جديد لتصنيع قناني المياه او تمويل خطة لدعم السياحة بعيدا عن المواسم التقليدية او خطط للتنمية (انشاء شبكات مواصلات، شبكات مياه وكهرباء واتصالات جديدة وحديثة) أو سيجد ان الازمة الاقتصادية المتفاقمة والفساد قد دفعا الشركات الاجنبية للهرب، وسيجد انباء مصدرها تنسيقيات الموت العربي وهي تنشر قوائم الموتى بالمئات جراء الحروب القائمة تحت شتى الشعارات.
ليس حجم الموت الكبير المعلن وغير المعلن على مساحة عالمنا العربي، و ليس زيادة او هبوط دقات قلوبنا بشكل يرافق المؤشرات في مسيرة اسعار البترول، وليست الارباح او الخسائر المترتبة على لعبة سوق الاسهم، ليس كل ذلك ما يستدعي الكتابة، ولكن متابعة الارقام المالية المرافقة لمبيعات الاسلحة لعالمنا العربي والاخفاقات المرافقة لتحقيق الاهداف المعلنة، وكذلك غياب ارقام مقارنة لعمليات الاستثمار في التنمية والتعليم هو الامر الذي استدعى تناول موضوع صرف الناتج القومي على التسلح، كما ان المسألة التي استدعت تناول الموضوع هي انه في الوقت الذي تزداد فيه عمليات التسلح والحروب على مساحة عالمنا تشهد اوروبا ادنى مستوى من الانفاق العسكري.
وفي مجال الانفاق العسكري، واستنادا الى ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، فإن المملكة العربية السعودية (مثلا) كانت في العام 2014 رابع دولة في العالم في الانفاق العسكري وتقدمت الى المرتبة الثالثة عام 2015، والذي شحذ همتي شخصيا للكتابة هو ان الانفاق المقارن للفرد في دول الخليج يأتي في المرتبة الاولى في العالم، وهو لم يحقق فائض القوة المشتهى او المأمول لا لدول الخليج ولا لمن التزم سياساتها، بل انه في العديد من البلدان قطع الطريق على التنمية وتطوير البنى التحتية والمرافق الاقتصادية، وزاد من ارتفاع حدة التوترات وسعير الحروب (انتصاراً لمنطق اصحاب الرؤوس الحامية) اضافة الى اطلاق حروب اقتصادية مرافقة استخدم فيها النفط كسلاح عبر دفع الاسعار الى ادنى مستوياتها مما ادى الى نتائج عكسية (زيادة العجز) في معظم ميزانيات الدول الخليجية.
تقول المعلومات ان الانفاق العسكري قد اثر سلبا على مجالات التنمية المختلفة من صحة وتعليم وخدمات لدرجة ان الدول العربية مجتمعة تنفق اقل من 4 بالمئة على التعليم من نسبة الدخل القومي العربي، بينما لا تصل نسبة الانفاق على البحث العلمي في دول المنطقة الى اكثر من ٠,٠٢ بالمئة .
وتشير معدلات الفقر في العالم العربي الى انها تتجاوز 20 بالمئة وان صفقات الاسلحة قد خلقت ازمات مالية شديدة لدى الدول العربية والتهمت الفائض الاقتصادي من عائدات النفط.
بالاضافة الى ان الانفاق العسكري على اوهام القيادة للعالمين العربي والاسلامي خلق العداوات فهو قد ادى الى هدر الموارد الاقتصادية على المدى الطويل والى بدء نضوب الموارد الاقتصادية وارتفاع التضخم وزيادة مشاكل ميزان المدفوعات، كما ان الانفاق العسكري ادى الى زيادة الاسعار على المواد الاستهلاكية، خصوصا في غياب الانتاج المحلي اضافة الى زيادة تكاليف اجور الايدي العاملة.
هذا، وبالرغم من ان اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية تستعدان من جهتهما لتوقيع صفقة العصر الاميركية، الا ان زيادة التسلح في الاقليم لا يمكن وصفها بأنها تدخل في اطار سباق التسلح في سياق الصراع العربي الاسرائيلي (الصفقة المشار اليها تتضمن حزمة من المساعدات الاميركية خلال السنوات العشر القادمة تتجاوز قيمتها 35 مليار دولار) فقد اوردت المعلومات هذا الاسبوع ان وكالة التعاون الدفاعي الاميركية اعلنت ان الخارجية الاميركية اتخذت قرارا بالموافقة على بيع معدات عسكرية للمملكة السعودية تبلغ قيمتها 1,15 مليار دولار تضم 133 دبابة من نوع ابرامز وانظمة الاخلاء الثقيلة (هرقل) ومدرعات ومعدات التدريب والدعم ومدافع رشاشة وقاذفات قنابل وغيرها، وفي السياق نفسه فان الكويت ابرمت 3 صفقات لشراء طائرات عسكرية من فرنسا وايطاليا والولايات المتحدة.
وفي 11 حزيران (يونيو) ذكر ان الكويت اشترت 24 مروحية ثقيلة من طراز كاركال في صفقه تبلغ قيمتها مليار يورو، وتحدثت معلومات عن محادثات كويتية- ايطالية لشراء طائرات من نوع يورو فايتر، اما الصفقة الثالثة المرتقب ابرامها فهي كويتية-اميركية تتضمن سبل تزويد الكويت بنحو 40 طائرة عسكرية مقاتلة من نوع «بوينغ اف اي 18 – ا».
والحديث عن هذه الصفقة يأتي بعد شراء قطر 24 طائرة رافال فرنسية، وكانت مصر قد سبقت الجميع وابرمت صفقة عسكرية مع فرنسا شملت 24 طائرة رافال وفرقاطة من طراز فريم وصواريخ جو- جو (وكان موقع ديبكارويكلي الاستخباري الاسرائيلي قد كشف ان السعودية والامارات تراجعتا عن وعود بتمويل صفقة عسكرية مصرية روسية بقيمة ٣,٢ مليار دولار وتعويض مصر بصفقة اكبر مع فرنسا تتكون من معدات بقيمة اجمالية قدرها 5,5 مليار يورو) .
ويذكر ان مصر اشترت حاملتي طائرات من طراز ميسترال كانتا مخصصتين لسلاح البحرية الروسي، كما وان موسكو والقاهرة وقعتا عقدا لتسليم 50 طائرة مروحية كتلك التي يطلق عليها لقب التمساح.
وتنوي السعودية شراء خمس غواصات من صنع الماني بقيمة 5,2 مليار يورو ومن المحتمل ان ترتفع الصفقة الى 25 غواصة بقيمة 12 مليار يورو على المدى الطويل.
وكانت مصادر قد تحدثت عن مفاوضات سعودية – فرنسية على صفقة تتضمن صواريخ مضاده للطائرات ورادارات بحرية وجوية، كما يذكر ان «سيري» (معهد ابحاث السلام الدولي في ستوكهولم) اصدر تقريرا في اذار (مارس) 2015 كشف فيه ان صادرات الاسلحة الى دول الخليج قفزت بنسبه بلغت حوالي 70بالمئة خلال الفترة من 2005 – 2009 ومن 2010- 2014، مما يمثل 54% من اجمالي واردات الاسلحة الى الدول في منطقة الشرق الاوسط خلال الفترة من 2010- 2014).
Leave a Reply