هانغزو - لم تكن مشاركة الرئيس الأميركي في قمة العشرين التي أقيمت في الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على قدر التوقعات، لاسيما بعد الاستقبال المهين الذي حظي به أوباما والوفد المرافق في هانغزو (شرق الصين)، الى جانب تعقيدات المحادثات مع روسيا بشأن الأزمة السورية التي تظل مفتوحة.
باستثناء توقيع اتفاق مناخي مع الصينيين، لم يخرج أوباما من القمة بأي تقدم على المسارات المتأزمة حتى أن الاتفاق المناخي مع بكين ظهر باهتاً، حيث ألمحت التصريحات والمواقف الرسمية إلى وجود خلافات قائمة بين أكبر اقتصادين في العالم، مع تركيز الاستراتيجية الأميركية على احتواء «الأطماع الصينية» في منطقة الهادئ وجنوب شرقي آسيا.
وقد أعلنت الصين والولايات المتحدة، السبت الماضي، مصادقتهما على اتفاقية باريس للمناخ خلال لقاء الرئيسين شي جين بينغ وباراك أوباما على هامش قمة العشرين. وسلم رئيسا أكبر بلدين ملوثين في العالم معا إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وثائق التصديق على الاتفاقية، التي وقع عليها نحو 180 بلدا خلال مؤتمر باريس للمناخ في نهاية 2015، وتهدف إلى احتواء التغير المناخي.
وبينما كان يقف بجوار نظيره الصيني، قال أوباما «هذه ليست معركة لا يمكن لأي بلد مهما كانت قوته أن يخوضها بمفرده.. يوما ما، سنرى أن هذه هي اللحظة المناسبة التي قررناها لإنقاذ كوكبنا».
وتؤكد وثائق التصديق على أن الولايات المتحدة والصين اتخذتا الخطوات الضرورية للانضمام إلى اتفاق باريس، الذي يضع مستهدفات دولة بدولة للحد من انبعاثات الكربون.
ويعني هذا الإعلان أن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ بحلول نهاية العام الجاري، وهي وتيرة أسرع من الجدول الزمني الذي كان متوقعا.
الأزمة السورية.. مفتوحة
وخيمت المحادثات التي أجراها أوباما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على فعاليات القمة، ولاسيما المفاوضات بشأن الملف السوري الذي عقدت له اجتماعات مغلقة متعددة الأطراف دون التوصل لاتفاق لوقف الحرب هناك.
وكان الزعيمان قد ناقشا الوضع السوري سابقاً في اجتماعات مغلقة متعددة الأطراف، إلا أنهما لم يستطيعا التوصل لاتفاق، غير أن الزعيمين اتفقا على «مواصلة المفاوضات» حتى اجتماعهما الأخير قبيل انتهاء عهد أوباما.
وبعد اجتماع استمر 90 دقيقة، وجه الزعيمان كبار دبلوماسييهما إلى مواصلة المحادثات بسرعة، وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية للصحافيين إن ذلك سيتم في الأيام القادمة.
وصرح الرئيس الأميركي بأن الاجتماع الأخير كان «صريحاً ويشبه اجتماعات العمل»، غير أنه لم يتم التوصل لاتفاقية بشأن حلب التي تزامنت مع تقدم ميداني للجيش السوري وحلفائه مكّنهم من إعادة تثبيت طوق حلب والتقدم في الريف الجنوبي الغربي للمدينة.
وقال أوباما في مؤتمر صحفي عقده في ختام قمة العشرين، إن واشنطن وموسكو تسعيان للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا «ذي مغزى وجديًّ ويمكن التحقق من تطبيقه»، إلى جانب بحث السبل الكفيلة بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب هناك.
وقال الرئيس الأميركي في ختام قمة مجموعة العشرين إنه أوضح للرئيس الروسي أن العقوبات المفروضة على روسيا ستستمر لحين تنفيذ اتفاق مينسك لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وكشف أوباما أيضاً أنه عبّر لنظيره الروسي بوتين عن مخاوفه تجاه مشكلة الأمن الإلكتروني، ولكن لم يدخل في تفاصيل المناقشة.
جاء اللقاء، بينما يحقق مسؤولو المخابرات الأميركية في الادعاءات التي تزعم بأن روسيا تحاول التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يرأس التحقيق جيمس كلابر مدير المخابرات الوطنية بالولايات المتحدة.
مراضاة أردوغان
في اللقاء الأول بينهما منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، تعهد الرئيس باراك أوباما، الأحد الماضي، بأن بلاده ملتزمة بجلب منفذي المحاولة الانقلابية ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام العدالة، متحدثاً خلال لقاء بينهما على هامش قمة مجموعة العشرين في الصين.
وقال أوباما «سنضمن ان تتم مقاضاة الاشخاص الذين قاموا بهذه الأعمال».
وتتهم أنقرة الداعية الاسلامي المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية، فتح الله غولن، بأنه وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في تموز (يوليو) الماضي.
وصرّح الرئيس التركي بأن أوباما اقترح عليه تعاونا مشتركا فيما يخص مدينة الرقة السورية، مضيفا أنه بدوره أبدى استعداد بلاده للعرض المقترح.
جاء ذلك في معرض إجابته عن أسئلة الصحفيين على متن الطائرة في أثناء عودته من قمة العشرين، تطرق خلالها إلى ما جرى خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي، لا سيما فيما يخص الأزمة السورية.
وفي هذا السياق قال أردوغان: «داعش الذي أُجبر على ترك جرابلس يتجه نحو الباب، ومن أهم المراكز بالنسبة إلى داعش مدينة الرقة، أوباما يريد تعاونا مشتركا بشكل خاص حول الرقة، ونحن بدورنا بيّنا له أن لا مشكلة لدينا في هذا الصدد».
وتزايدت التوترات بين أنقرة وواشنطن، الحليفين في حلف شمال الاطلسي، منذ المحاولة الانقلابية ضد اردوغان في 15 تموز (يوليو)، والتي اطلقت بعدها انقرة حملة قمع واسعة وطالبت بتسليمها غولن إضافة الى تغيير مواقفها من روسيا وإيران والأزمة السورية.
ونفى غولن الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا، نفيا قاطعا أي ضلوع له في المحاولة الانقلابية.
ويؤكد مسؤولون أميركيون انهم سيسلمون غولن اذا قدمت تركيا دليلا على ضلوعه.
ويعتبر اللقاء في هانغزو، الاول بين أوباما وأردوغان منذ المحاولة الانقلابية.
وقال أوباما إن واشنطن ملتزمة بـ«التحقيق وجلب منفذي هذه الاعمال غير الشرعية أمام العدالة»، مطمئناً أردوغان الى تعاون بلاده مع السلطات التركية.
ومنذ تموز اعتقلت انقرة وأقالت عشرات الآلاف في القضاء والجيش والتعليم والشرطة لاتهامهم بالارتباط بحركة غولن والمحاولة الانقلابية.
Leave a Reply