خليل إسماعيل رمَّال
يعجبني كثيراً في «شبه الوطن» تيار «المستقبل» وقرطة حنيكر الذين رفعوا شعار «لبنان أولاً» فكانوا كجحا الذي أطلق الكذبة وصدَّقها. فعن أي لبنان وأي سيادة يتحدثون وهم غارقون لشوشتهم في خدمة آل سعود؟ لا بل بالسابق رفعوا شعار «حب الحياة» وكأن شعب المقاومة يحب الموت بلا سبب وهو يدافع بالدم عن سياج الوطن، لكننا شاهدنا حب «١٤ آذار» وهيام تيار «المستقبل» بالحياة وها هو الحريري يُكافيء العاملين الذين صمدوا معه على المر قبل الحلو ولم يقبضوا منذ سنة، بصرفهم من الخدمة بينما هو يعشق الحياة مستجماً بين سردينيا وباريس منتظراً قراراً من آل سعود. لقد فتح له السيِّد حسن نصرالله الباب لكي يأخذ المبادرة بشجاعة ويمشي في الحل، لكن زعيم «لبنان أولاً» يخشى القيام بأي خطوة من دون موافقة السعوديين! هل هذا بلد يستحق الحياة وينتظر كلمة من راعي الطويسة؟
هذا النظام اللبناني الؤسف له هو عبارة عن جثة متحلِّلة لأنه بالأصل وُلد جهيضاً بلا سيادة، وقد حان اليوم موعد دفنه من دون جنازة! لا يمكن لهذا النظام ان يحكم نفسه بنفسه إلا من خلال قوى خارجية، منذ بداية التاريخ حتى اليوم إلى درجة أنَّ وحوش السياسة كانوا يأملون بدور مصري مؤخراً بعد زيارة وزير خارجية السيسي المغفَّل الذي استثنى المقاومة من سجل زياراته وعاد بخفي حنين من دون أثر يُذكَر. للأسف ربَّما انتهى وذهب دور مصر إلى غير رجعه بعد استسلام السيسي واستزلامه لآل سعود.
النظام اللبناني يجب دفنه بلا أسف عليه بعد أنْ ارتاح فرقاء السياسة في لبنان من التمثيل على الشعب في مسرحية الحوار الهزلية ولعب دور الحريصين على الدولة-العصابة وحقق فؤاد السنيورة مبتغاه! فالحكومة مهددة بالسقوط بعد تعامل تمَّام سلام وجماعته الفظ مع شريحة واسعة من المسيحيين والاصرار على عدم إعطائهم أي شيء بل كسرهم ومنعهم من تحقيق إنجاز واحد. ومهما قال البعض عن العماد عون وحربه المدمِّرة إلا أنه حقَّق إنجازاً تاريخياً واحداً كان الموارنة يحاربونه كل حياتهم (حسب ما كشفه كتاب جديد مستقى من وثائق الاستخبارات السرية الأميركية)، وهو احتضان المقاومة ضد إسرائيل!
إذاً، الحكومة قيد السقوط، وبالناقص، ومجلس نواب معطَّل بينما نوابه يقبضون كل رواتبهم ومخصصاتهم لآخر قرش، والحوار الذي كان النافذة الوحيدة للتكاذب المشترك، مُعلق على مشانق الخلاف، والحراك الداخلي، الذي سبق الحوار وتسبَّب به من أجل تفريغه من مضمونه، في غيبوبة ونزاع، بينما عدَّاد الأيام يمشي بسرعة لنصل إلى موعد الإنتخابات النيابية من دون قانون عصري يلبِّي حاجات المستقبل.
كل هذا يحصل وتمَّام يريد زيارة نيويورك مكلِّفاً خزينة الدولة أعباءاً إضافية من دون طائل لأنه لن يقوم بشيء ولن يغير شيئاً من المعادلة ولن يفيد البلد، مثله مثل المصاب بفقد الكاريزما ميشال سليمان «مسبِّع القارَّات».
الوضع اللبناني خطير جداً ويقف على كف عفريت وقد يؤدي التصعيد الى حرب أهلية جديدة بينما وحوش السياسة غير مهتمين وغير مبالين إلا بأنفسهم بدليل عودة النفايات إلى الشوارع أما الشعب فقد تخدَّرَتْ حواسه إلى درجة اللاعودة. وإزاء هذا الوضع المزري، لم يبق إلا أنْ نردِّد مع عبَّاس في مسرحية «نزل السرور» لزياد الرحباني: «وليه كيف طايقين حالكن؟».
Leave a Reply