سامر حجازي – «صدى الوطن»
ليس سراً بأن العرب والمسلمين الأميركيين غير متحمسين لترشيح هيلاري كلينتون الى الرئاسة الأميركية بقدر الحماس الذي أبدوه لمنافسها الديمقراطي السابق بيرني ساندرز، حيث لعب الصوت العربي في ميشيغن دوراً حاسماً في ترجيح كفة سناتور فيرمونت على وزيرة الخارجية السابقة في الانتخابات التمهيدية التي أقيمت في الولاية يوم الثامن من آذار (مارس) الماضي.
ورغم نيلها ترشيح الحزب الديمقراطي لمنافسة الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات العامة المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لا يزال العرب الأميركيون مترددين في دعم حملتها للرئاسة، وهذا بالضبط ما تحاول حملة كلينتون في ميشيغن العمل على معالجته من أجل حشد الاصوات العربية لها في معركة حامية الوطيس، يعوّل الديمقراطيون فيها على حصد أصوات الأقليات لكبح طموحات ترامب الرئاسية.
والآن تركز حملة كلينتون على تحشيد حراك عربي أميركي يلتف وراء مرشحة الحزب الديمقراطي قبل شهرين فقط من الإنتخابات.
وللوصول لهذا الهدف قامت ادارة حملة كلينتون في الفترة الأخيرة، بتعيين موظفين عرب أميركيين في مناصب بارزة في حملتها لتعزيز التواصل مع قواعد الجاليات العربية والإسلامية في ميشيغن وعموم الولايات المتحدة.
أفضل من ترامب
«خلاصة القول، انها -هيلاري- الأكثر تأهلاً والأكثر خبرة» تقول زينب حسين، التي عُينت مؤخراً نائبة المدير السياسي لحملة كلينتون في ميشيغن، وأضافت «اننا نواجه الكثير من الترويج للتعصب والخوف وقد خبرناهما معاً أكثر من أي وقت مضى، ونحن بحاجة إلى الوقوف إلى جانب الشخص (المرشَّح) الذي هو مع جاليتنا. وهي (هيلاري) وضعت ديربورن ضمن أولوياتها حرصاً منها على الاستماع الى أصواتنا واهتماماتنا».
وزينب حسين شابة ناشطة سياسياً وقد أخذت إجازة لمدة ثلاثة أشهر من عملها في إدارة محافظ مقاطعة وين، وورن إيفانز، للانضمام الى حملة كلينتون في ميشيغن.
وسبق لزينب حسين أن شغلت منصب مديرة خدمات الناخبين في مكتب السناتور الديمقراطي في مجلس شيوخ الولاية، ديفيد كنيزيك، الذي يمثل مقعد مدينة ديربورن هايتس في المجلس التشريعي بالعاصمة لانسنغ.
وصرحت حسين لـ«صدى الوطن» أنه ينبغي الاعتراف بالجهود التي تبذلها كلينتون للتواصل مع الجاليات العربية والإسلامية، الى جانب «مجابهتها الدائمة لترّهات ترامب الإسلاموفوبية برسالة الوحدة والمساواة».
وأوردت حسين أنه في الشهر الماضي، أرسلت كلينتون رسالة شخصية لعائلة خالد جبارة، وهو لبناني مسيحي أميركي يبلغ من العمر 37 عاماً قتل على يد جاره العنصري الأبيض في مدينة تولسا (أوكلاهوما).
«هجوم من هذا القبيل هو اعتداء علينا جميعاً» أشارت رسالة كلينتون، وأضافت «يجب أن نتوصل معاً لضمان عدم ثكل أسرة أخرى بفقدان فلذة كبدها الحبيب بسبب التحيز والتعصب».
ترامب، الذي غالباً ما يصوّره الإعلام على أنه مؤجج موجة الجرائم المدفوعة بالكراهية التي تستهدف المسلمين الأميركيين، لم يأت على ذكر مقتل جبارة رغم أن الجريمة المروعة تصدرت اهتمام وسائل الإعلام الوطنية.
وحتى الآن، لم يقم ترامب بأي محاولة لإشراك الجاليات العربية والإسلامية في حملته الانتخابية، على الرغم من العديد من الزيارات التي قام بها لمنطقة ديترويت خلال حملته الانتخابية. وفي هذا الصدد تقول حسين «لدينا مقعد على طاولة كلينتون»، وتابعت «في نهاية المطاف، هذا ما هو مهم. ترامب تهجم عدة مرات على الجالية وهذا يكفى».
تردد عربي
وفي حين أن كلينتون تحظى بدعم هائل من مجموعات الأقليات الأخرى، مثل اللاتينيين والأفارقة الأميركييين، لكن يبدو أن بعض العرب الأميركيين والمسلمين لا يزالوا مترددين في منحها دعمهم، لاسيما بسبب سيرتها الزاخرة بالمواقف المؤيدة لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية عموماً.
فمواقف كلينتون الخارجية، لا سيما المتعلقة منها بالصراع العربي-الإسرائيلي، تركت العديد من الناخبين العرب يشعرون بالمرارة. إذ يُنظر الى كلينتون على أنها تجاهلت حقوق الفلسطينيين وتعاملت بشغف وتنسيق وثيق مع المسؤولين الاسرائيليين خلال فترة توليها منصب وزيرة الخارجية التي شهدت العديد من الأزمات والكوارث في المنطقة العربية، ومن بينها تدمير ليبيا ونشوء تنظيم «داعش».
من جانبه، التقى السناتور ساندرز مع تطلعات العرب والمسلمين الأميركيين بإقراره بالنضال الفلسطيني وضاعف في وقت لاحق من موقفه العادل عندما قاطع مؤتمر لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (آيباك) وهو اللوبي الإسرائيلي القوي. لكن كلينتون كانت أول من حضر هذا المؤتمر وألقت خطاباً حاز على إشادة قوية من قبل مؤيدي اسرائيل. لكن مسؤولي حملة كلينتون في ميشيغن قالوا إنهم يقومون بمحاولات حثيثة لجذب أنصار ساندرز الى جانب كلينتون. أما نجاحها في ذلك من عدمه فيبقى سؤالاً مفتوحاً.
جهود ديمقراطية
في الأسبوع الماضي، زار النائب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي كيث أليسون (عن ولاية مينيسوتا) منطقة ديربورن، في مسعى منه لحشد التأييد لحملة كلينتون كونه أول نائب مسلم يتم انتخابه لعضوية مجلس النواب الأميركي، علماً بأنه كان مؤيداً قوياً لساندرز ضدها. وألقى أليسون كلمة في المتحف الوطني العربي الأميركي كما التقى برجال دين ونشطاء مسلمين في أحد المراكز الإسلامية بديربورن هايتس، حاثاً المجتمع المحلي على دعم كلينتون.
«نريد التواصل مع ناخبي بيرني ساندرز وإشراكهم» قالت حسين حول زيارة أليسون، مستدركةً «نحن نبذل كل ما في وسعنا لننجز ذلك. جاء كيث إليسون الى هنا وقام بعمل هائل والتقى الزعماء الدينيين، وكانت فرصة عظيمة لإشراك الجالية. وحصل على الكثير من ردود الفعل الإيجابية الكبيرة».
يُذكر أن زينب حسين ليست العربية الأميركية الوحيدة المنضوية في حملة كلينتون بولاية ميشيغن.
زيد السواح تمت تسميته مؤخراً سكرتيراً صحافياً إقليمياً للحملة وهو يعمل جنباً إلى جنب مع وسائل الإعلام المختلفة لايصال رسائل كلينتون إلى الناخبين.
السواح هو ناشط سياسي معروف أيضاً لدى الجالية بانتمائه للحزب الديمقراطي، وقد عمل بمنصب نائب السكرتير الصحفي للسناتور الأميركي عن ميشيغن غاري بيترز. وقد حصل على إجازة من وظيفته للانضمام إلى حملة كلينتون.
أيضاً انضمت للحملة نيرمين فهمي، التي عُينت مساعدة إعلامية. وقبل توليها هذا المنصب، عملت فهمي في مجال إدارة العلامات التجارية في القطاع الخاص بواشنطن العاصمة.
ولفت السواح في حديثه لـ«صدى الوطن» الى أن «كلينتون كان لها تاريخ من العلاقات الوثيقة مع الأميركيين المسلمين» مستدلةً بحضور مجموعة من المندوبين المسلمين الذين حضروا الموتمر الوطني للحزب الديمقراطي نيابة عنها، كما تتولى المسلمة الأميركية، هوما عابدين، منصب نائبة كلينتون في إدارة الحملة وطنياً.
وفي الشهر الماضي، زارت عابدين مدينة ديربورن، والتقت مع قادة المجتمع المحلي لحشد الدعم لكلينتون.
«العرب الأميركيون والمسلمون يريدون شخصاً يحترمهم» قال السواح، وتابع قائلاً «يريدون شخصاً يمثلهم فعلاً ويتفاعل معهم» لافتاً الى أن هيلاري كلينتون كانت دائماً الشخص المستعد للقيام بهذه المهمة مستدلاً بحضور «عائلة خان في مؤتمر الحزب ونائبتها (عابدين) التي هي مسلمة فخورة بنفسها».
وزادت فهمي على هذا القول بأن الحملة الآن هي بصدد التواصل مع قواعد الناخبين في ميشيغن «وسوف تغتنم كلينتون المزيد من الفرص في الأسابيع القادمة للتواصل مع الناخبين».
وبحسب المتحدثين من حملتها تضع كلينتون ميشيغن نصب عينيها، وسوف تستمر بإرسال المبعوثين عن حملتها لحشد التأييد في منطقة مترو ديترويت. وكان الرئيس السابق بيل كلينتون قد قام بزيارة المنطقة مطلع الشهر الجاري حيث حضر النزهة السنوية لعيد العمال التي تنظمها نقابة عمال السيارات.
التنوع
وقال ميتشل ريفارد مدير الإتصالات في حملة هيلاري في ميشيغن، ان الحملة قد شكلت فريقاً شاملاً في ميشيغن لتمثيل كافة مكونات المجتمع بدقة.
وأضاف «لقد بنينا فريقاً متنوعاً في ميشيغن، ونحن جميعاً نعمل على مدار الساعة للتأكد من انتخاب هيلاري كلينتون يوم 8 تشرين الثاني (نوفمبر) واشراك أكبر عدد من الأشخاص في هذه الحملة. إن الحملة تقوم على الأفكار والحلول لا على الشتائم، مثل خصمنا».
وكانت حملة «هيلاري لأميركا» افتتحت مؤخراً مكتباً لها في مدينة ديربورن وتمت دعوة الناخبين لزيارة المكتب اذا كانوا يريدون المساهمة في الحملة التطوعية أو معرفة المزيد عن ترشيح كلينتون. (عنوان المكتب: ٢٣٤٠٠ ميشيغن أفنيو – سويت ١١١).
وخلص ريفارد الى القول «إننا نحرص على أن ينخرط الجميع في الحملة وأن تكون لهم حصة فيها» متمنياً من الناخبين ان يخصصوا ساعة في الأسبوع، أو بضع ساعات أسبوعياً للتطوع في الحملة. مؤكداً أنه يمكن دائماً إيجاد وسائل فعالة ومبتكرة للوصول إلى الناخبين و«نعلم أن هيلاري هي أفضل مرشحة في هذه الانتخابات».
Leave a Reply