خليل إسماعيل رمَّال
يبدو أنَّ إدارة باراك أوباما في أشهُرها الأخيرة أصبحت بطة عرجاء في وقت مبكِّر أكثر من المتوقَّع بدليل تخبُّط سياستها الخارجية وجبن هذا الرئيس الأميركي المخيِّب للآمال والذي ربَّما هو من أضعف رؤساء الولايات المتحدة.
فالمحلِّل السياسي بحاجة لفك أحجية ليعرف ماذا تريد أميركا أوباما-كيري من الوضع في الشرق الأوسط وبالأخص في سوريا. فهذا الثنائي غير المرح يعطي أردوغان الطاغية بيد، لإطلاق قواته في منطقة عازلة رغم تنصُّل وغدر ورياء الديكتاتور العثماني الذي يريد أنْ يصل إلى ما بعد جرابلس وبالتحديد إلى الرقّة بحجة محاربة «داعش» مع أنه مازال يفتح الباب له ويدعمه بكل الوسائل وغايته فقط محاربة «وحدات الشعب التركي». وفي اليد الأخرى يعطي الثنائي الأميركي دعمه للأكراد أعداء الأتراك ثم يترك أنقرة تذبحهم رغم أنهم فاعلون جداً في محاربة التكفيريين المجرمين! فهل أميركا جادة في محاربة الإرهابيين فعلاً؟
والأنكى من ذلك، يدَّعي كيري تأييده لقيام هدنة إنسانية في حلب تخرقها الجماعات المسلَّحة وتُرسل قوافل المعونات من الأمم المتحدة إلى حلب فتُقصَف وتندلع فيها النيران لتصل إلى عنان السماء، فما نوع هذه المعونات «المتفجِّرة»؟
والذي يثير الريبة أكثر من الموقف الأميركي هو المجزرة التي ارتكبتها القوات الأميركية في دير الزور وأدت إلى مقتل العشرات من الجنود السوريين وإلى إنعاش «داعش»، مع أنَّ هؤلاء الجنود الاشاوس يقاتلون الإرهابيين المعتدلين منهم والمتطرفين (وهم سواء) نيابةً عن العالم المتحضِّر كله ومنذ خمس سنوات! وهذا يعيدنا إلى السؤال الاساسي حول جدية أوباما في محاربة السفَّاحين؟ وهل يريدهم أوباما فزَّاعة مستمرة لتسهيل مهمة خليفته هيلاري، هذا إذا اعتلت البيت الأبيض، وابتزاز الدول العربية الرجعيَّة؟ ألم يصبح أوباما أكبر مصدِّر سلاح للسعودية وبعدها عقد صفقة القرن مع إسرائيل بحجم ٣٨ مليار دولار؟
ولتبرير الغدر الاميركي في سوريا نُقل عن المحلل السياسي جاي ميركوري قوله إنَّ أوباما فقد السيطرة على مجموعة من ضباطه الكبار، موضحاً «ما كان لأوباما أن يعطي أوامر بالهجوم، وذلك لأنه يخشى من صراع مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا».
وبالرغم من ان هذا التبرير ما هو إلا هُراء لتبرير ما حصل في سوريا والكذب على الروس في مسألة الهدنة والمطالبة بحظر الطيران السوري، لكن يبقى دليلاً على أسلوب أوباما الإداري المهرهر. فاذا كان هذا صحيحاً فتلك مصيبة واذا كان تخطيطاً فتلك مصيبة أعظم! والمثل يقول خذوا الحكمة من أفواه المجانين لذا نستعيد هنا اتهام المرشَّح الرئاسي ترامب لأوباما وكلينتون بأنهما وراء تأسيس «داعش»!
لكن ولو كان اتِّهام ترامب لا أساس له إلا أنَّ الواقع يدل على أن وجود «داعش» يخدم السياسة الأميركية في المنطقة ويُبقي أذيالها خانعة لها وبحاجةٍ اليها خوفاً من التهديد الإيراني.
وبالمناسبة نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» المتصهينة مقالاً لسعد الحريري (أو لمن كتبه له) يبخِّر فيه لآل سعود ويعزو كل أسباب الأزمات في المنطقة لإيران ويكيل الأتهامات الكاذبة نفسها ضد المقاومة بينما يدَّعي الحوار معها في عين التينة! لكن أطرف ما جاء في مقالته، التي يبدو أنها لتلميع صورته عند أسياده، مقارنته بين أيادي السعوديين «الخضراء» وإيران متناسياً اغتصاب الأملاك في السوليدير وتكبيد لبنان ٧٠ مليار دولار (ديون) من دون ان يذكر عرض إيران بتسليح الجيش اللبناني بأسلحة هجومية من دون مقابل بينما مكرمة أسياده الملكية تبخّرت في الهواء!
هذا هو الإفلاس السياسي بعينه بعد الإفلاس المالي ولن يرضى آل سعود عن سعد مهما فعل وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين لأن التاريخ دائماً يقف مع الشعوب الأبية المظلومة ضد الطغيان ولو طال الزمان.
Leave a Reply