بلال شرارة
هل أن لبنان بلد ممكن؟ هل أنه مكان مناسب للاستثمار؟ كيف يمكن توظيف الاستثمارات اللبنانية خارج اطار المعلبات (الحمص و خلافه) و انتاج محولات الكهرباء التي تشتريها فرنسا لتعزز تدفق تيارها الكهربائي على الفرنسيين فيما الكهرباء اللبنانية الرسمية عندنا (مقطوعة) وتستمر في الغياب؟ كيف يمكن لنا أن ننتج غير «كبريت المدفع» ونبقى متحيرين فيما اذا كانت علبة الكبريت تضم 45 عوداً أو أكثر؟ كيف يمكن لنا ان نعطي ادلة تتجاوز نجاحات التوظيفات المالية في «الفور سيزنز» وغيره؟ حيث أن هذه النجاحات تنعكس بشكل طفيف على اسواق العمل وقوة الانتاج..
كيف يمكن لنا ان نستدعي الاستثمارات في القطاعات المجدية؟ متى نتحدث عن زيادة المساحات الزراعية وتتوقف الاحتجاجات على شح المياه وفساد الأنهر وتحويل مجاريها الى مكبات للنفايات؟
الأمر الذي استدعى هذه الاسئلة هو زيارة السيد نبيل عيتاني، رئيس مجلس ادارة مؤسسة تشجيع الاستثمارات (إيدال)، الى ديربورن (ميشيغن) على هامش مؤتمر اغترابي عقد في نيويورك وسعيه لتوعية مؤسسات الجالية اللبنانية حول امكانيات وآليات الاستثمار في لبنان مع إصراره على أن لبنان يشكل واجهه استثمارية حيوية لجذب الاستثمارات و ترويج المشاريع الممكنة.
طبعاً هو لم يتهرب من حقيقة نعرفها كلنا وهي انعكاسات التوترات الداخلية والعجز المتواصل عن انتخاب رئيس للجمهورية على الاستثمارات، كما أنه لم يحد عن الرأي القائل بأن مصير لبنان مرتبط بحصول توافق على إخراجه من أزمته وركز على انعكاس الوضع الإقليمي على لبنان مؤكداً أنه على الرغم من ذلك توجد إمكانيات استثمارية آنية ومتوسطة واستراتيجية بعيدة، في القطاعات: السياحية، الاقتصادية، العقارية وقطاع التكنولوجيا هو تحدث عن استراتجية محلية ( وطنية ) لجذب استثمارات المغتربين (ولاد البلد) أولاً وتحدث عن ضرورة زيادة فعالية الرابط الاقتصادي بين لبنان المقيم ولبنان المغترب.
لكن اللافت كان غياب الزراعة عن حديث رئيس مجلس إدارة «إيدال» -وهو أمر يسترعي الانتباه و يستدعي المناقشة- كما كان لافتاً غياب الحديث عن الاستثمار في الثقافة، رغم أنه استمع بانتباه الى الامكانيات المتوفرة في هذا القطاع الانتاجي والى وجود «مستهلك» ينتظر مشروعاً وربما مشاريع.
أزعم اننا نستطيع أن نروج لبنان -كدولة عربية ومتوسطية- قبلة للثقافة ونجعله سوقاً لبيع الفن التشكيلي، ومعرضاً دائما لمختلف أنواع الكتب، ألبومات الموسيقى والفنانين، موقعاً للتثاقف والتبادل الحضاري، نافذة للشرق على الغرب وبالعكس، متحفاً مفتوحاً لسبع حضارات متراكمة.
أزعم ان لبنان النفطي مستحيل لأسباب كثيرة، كما اتضح من خلال اصدار القوانين والمراسيم النفطية (مع وقف التنفيذ). ولكن لبنان يبقى حديقة الحرية والمنبر المفتوح في الشرق والمكتبة والمطبعة.. هو لبنان الممكن.
ربما يحق لي باسم «ملتقى الهيئات الثقافية» المطالبة بوضع «لبنان الثقافي» على خارطة مهمات «إيدال» وهذا الامر يسحب نفسه على رؤوس الاموال الاغترابية اللبنانية من أجل تمويل انشاء مراكز اغترابية مفتوحة لكتاب ولوحة ومنحوتة ونوتة شرقية. ألسنا من اخترع الأبجدية الأولى؟ اتمنى ان أكون قد استرعيت انتباهكم.
Leave a Reply