ديربورن – «صدى الوطن»
عندما هاجر خضر فرحات من لبنان إلى الولايات المتحدة في عام 2009، كان كفيف البصر ولم يكن يعرف شيئاً عن اللغة الإنكليزية.
أما اليوم، فيخوض ابن الـ٢٣ ربيعاً تجربته الانتخابية الأولى للفوز بعضوية مجلس ديربورن التربوي، مراهناً على إعاقته البصرية لجذب الأنظار الى قضية الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من الإهمال والتجاهل في مدارس المدينة العامة.
يضع فرحات مسألة تطوير برنامج خاص لذوي الاحتياجات على رأس أولويات برنامجه الإنتخابي، ويقول في هذا «أنا أحب أن أرى ديربورن أكثر شمولية. ومن الضروري أن تتم مراعاة الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة سواء داخل المدرسة أو خارجها»، مؤكداً أن الإعاقة التي يعاني منها الطالب في الغالب لا تشكل له تحدياً صعباً بقدر التحديات التي يواجهها في المجتمع بسبب سوء فهم الناس لإعاقته.
ويؤكد فرحات أنه إذا أصبح عضواً في مجلس ديربورن التربوي فسيعمل على «رفع مستوى الوعي لدى الأهالي والطلاب بشأن كيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة الذين غالباً ما يتم عزلهم أو تجاهلهم.
«من الصعب لأي عائلة أن يكون لديها طفل أعمى، أصم، أو مصاب بمرض التوحد أو لديه إعاقة أخرى، سواء كانت أسرة عربية أم لا»، أشار فرحات، وتابع «في نهاية المطاف، هناك حقيقة علينا أن نقبل بها ونتعامل معها. علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان حصول أبنائنا على أفضل تعليم وحياة اجتماعية وبيئة محيطة. وعندما تزيد الوعي في المدارس، لن يُنظر إلى الإعاقة بعد ذلك على أنها شيء سلبي أو محرّم».
ورغم إعاقته البصرية حصل فرحات على شهادة (أسوشيت) في التعليم الخاص من «كلية هنري فورد» ويتخصص حالياً بالعلوم السياسية في جامعة ميشيغن-ديربورن.
وبالشغف نفسه الذي يتحدث فيه فرحات عن متطلبات الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، يدعو الناشط العربي الأميركي الشاب الى ضرورة تعزيز برامج تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية في مدارس ديربورن.
فهو نفسه هاجر الى الولايات المتحدة دون أن يكون لديه أي معرفة باللغة الجديدة، ولكنه خلال سبع سنوات قصار تمكن من تعلم اللغة وإتقان الخطابة بها أمام الجمهور. وكثيراً ما يتواصل فرحات ويتفاعل مع الجالية من خلال نشاطات الترجمة وإعطاء الدروس الخصوصية والانخراط في برامج الشباب.
يركز برنامج فرحات الانتخابي أيضاً على زيادة انخراط الأهالي والطلاب في العملية التعليمية.
ويقول لـ«صدى الوطن» «اليوم، ألتقي الأطفال والأهالي الذين لا يتحدثون الإنكليزية، وهذا يذكرني بنفسي وبالمصاعب التي مررت بها». لذلك يصر فرحات على أهمية «تعزيز البرامج الحالية وإنشاء برامج جديدة خلال الأيام الدراسية والعطلة الصيفية».
وأضاف «عندما لا يتحدَّث الأولاد بالإنكليزية، فهذا يعني أن الآباء لا يفعلون ذلك أيضاً. علينا أن نعمل على هؤلاء الطلاب ومساعدة ذويهم حتى يتمكنوا من التواصل مع المعلمين ومساعدة أطفالهم في المنزل».
أين برامج الفنون؟
يقول فرحات كذلك إن المنطقة التعليمية تتجاهل برامج أخرى مهمة مثل الفنون. فعلى مر السنين، تضاءلت برامج المسرح والموسيقى في في جميع مدارس المدينة العامة، «رغم أن العديد من الطلاب الموهوبين قد يحققون النجاح في مثل هذه البرامج التي من شأنها أيضاً الحفاظ على مشاركة الطلاب في الأنشطة المدرسية خارج المنهاج، ومساعدتهم على التحسن أكاديمياً بعيداً عن الشارع».
وتساءل «أين هي هذه البرامج؟» داعياً المجلس التربوي الى الاهتمام بالأفكار والمواهب والمهارات «فالعديد من الطلاب لديهم مواهب فنية» لا يتم أخذها بالاعتبار حالياً.
ويُناط بمجلس ديربورن التربوي الإشراف على المدارس العامة في المدينة إضافة الى جامعة هنري فورد. وفي هذا الإطار يقول فرحات انه سيجلب الأفكار الجديد إلى طاولة المجلس، ومنها زيادة الشهادات الجامعية (أربع سنوات) التي يمكن للكلية توفيرها، مثل بكالوريوس في التعليم.
وانتقد فرحات تنامي أعداد الصفوف التي توفرها «هنري فورد» عبر الانترنت، معتبراً ذلك تراجعاً.
ويقول «على الرغم من أننا نتفهم ان البعض لا يمكنه أن يحضر دائماً الى الصفوف الدراسية، غير أن وجود عدد كبير من الصفوف عبر الانترنت لا يوحي بالمصداقية. أنا ضد وجود الكثير منها، فالأستاذ لا يكون لديه قدرة على الحكم بدقة على مستوى الطلاب. كما لن يُتاح للطالب التفاعل مع الثقافات ووجهات النظر المختلفة والفريدة من نوعها في ديربورن. هذا ليس جيداً».
ويتنافس فرحات في انتخابات الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) مع ثلاثة مرشحين آخرين للفوز بأحد المقعدين المفتوحين في مجلس ديربورن التربوي الذي يتألف من سبعة أعضاء، وتستمر ولاية العضو المنتخب لست سنوات.
والمرشحون الآخرون هم العضو الحالية في المجلس فدوى حمود، ورئيس المجلس السابق حسين بري، والناشط عادل المعزب.
ويأمل فرحات أن يكون ترشيحه مصدر إلهام للشباب. وقال انه يهدف لتحطيم المفاهيم الخاطئة المتعلقة بإعاقته التي كبلته منذ الولادة، ولكنها أيضاً كانت الدافع له ليكون عنصراً إيجابياً في المجتمع.
وخلص الى القول «أنا أعرف أن النَّاس سيقولون: حرام انه أعمى! لكنني سأغيّر ذلك ليكون طاقة استثنائية وايجابية جداً. أنا سأجعل أفعالي تتحدث عن أقوالي. أنا لا أخاف. يقودني الطموح والعلم والمعرفة. إعاقتي وسني لا يحدان من قدراتي وأعدكم بأنهما لن يفعلا ذلك أبداً».
Leave a Reply