ديربورن – «صدى الوطن»
رغم انقسام اليمنيين الأميركيين في منطقة مترو ديترويت حول الأزمة السياسية التي تعصف بوطنهم الأم، إلا أنهم أجمعوا على إدانة مجزرة الصالة التي قصفها طيران «التحالف» بقيادة السعودية قبل نحو أسبوعين، والتي أودت بحياة مئات الأشخاص المدنيين، وخلفت مئات المعوّقين والجرحى.
جانب من المشاركين في التظاهرة أمام «مكتبة هنري فورد المئوية» في ديربورن تنديداً بالعدوان السعودي على اليمن، السبت الماضي(عدسة هشام حرازي) |
ويوم السبت الماضي، نظمت الجالية اليمنية اعتصاماً أمام «مكتبة هنري فورد المئوية» بمدينة ديربورن طالب خلالها المتظاهرون الحكومة الأميركية بالضغط على السعودية لوقف عدوانها على بلدهم، وإجراء تحقيق دولي لتحديد هوية المسؤولين الحقيقيين عن ارتكاب المجرزة التي تنتهك أبسط الحقوق الإنسانية والمدنية.
ورفعت خلال المظاهرة لوحات كتب عليها «حياة اليمنيين مهمة» و«السعودية هي داعش»، كما أطلق المتظاهرون شعارات تعكس مرارة اليمنيين الأميركيين وحنقهم من دور السعودية التي اتهموها بارتكاب «إبادة جماعية» في اليمن.
وطالب أحد منظمي التظاهرة يحيى الماوري الإدارة الأميركية ومجلس الأمن الدولي بالتحرك ضد السعودية، وكذلك بتأسيس تحالف مستقل للتحقيق بدور التحالف العسكري الذي تقوده المملكة، والذي أدى الى خراب البلاد ودمارها منذ إطلاقه في العام 2014.
وأضاف بأن اليمنيين يأملون بتقديم المساعدات الإنسانية من طعام ودواء وتأمين مساكن لملايين الضحايا الذين شردتهم الحرب، لاسيما وأن الجهود الإنسانية قد تراجعت إلى الحد الأدنى بسبب الحظر المفروض على اليمن من قبل التحالف بقيادة السعودية.
وحث الماوري على عدم إشراك ممثلي حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في المباحثات السياسية الجارية، كونه رئيساً غير شرعي، وقال: «نطالب بإعادة وضع السعودية على لائحة قاتلي الأطفال التي تصدرها الأمم المتحدة سنوياً، بدون تردد أو خوف من نفوذ المملكة وتهديدها بوقف تمويل الأمم المتحدة».
كما انتقد التقارير «المزيفة والمفبركة التي تدمي القلب»، خاصة تلك التي تروجها السعودية والتي تدعي أن الصراع في اليمن هو حرب أهلية بسبب التدخل الإيراني، وقال: إن السعودية تكذب بشأن دعم إيران للحوثيين، وتتخذ من ذلك ذريعة لمهاجمة اليمنيين مع حلفائها من الجماعات التكفيرية مثل «داعش» و«القاعدة»، مضيفاً بأن خطة السعودية هي قصف البلد وقتل المدنيين وتدمير البيوت والمدارس والمستشفيات والمصانع والطرقات والجسور والممتلكات العامة والخاصة، بما فيها الأماكن الأثرية التي تظهر حضارة وتراث اليمن.
حفل تأبين حاشد
ويوم الجمعة الماضي، أقامت «اللجنة العربية الأميركية لمناهضة الحرب والعدوان على اليمن» مجلس عزاء في «صالة الشرق» بديربورن، حداداً على أرواح ضحايا مجزرة الصالة التي قصفت بأربعة صواريخ، بحسب ما أكد الناشط سعيد حيدرة الذي نفى أن يكون الانفجار ناجماً عن تفجير، كما تذيع بعض وسائل الإعلام الممولة من قبل السعودية.
وأضاف: إن هذا العزاء ليس فقط لعائلة الرويشان التي قضى المئات من أبنائها في مجزرة الصالة وإنما هو عزاء لجميع عائلات شهداء اليمن، مؤكداً أن قصف البارجة الأميركية (يو أس أس مايسون) لمواقع الحوثيين، الأسبوع قبل الماضي، جاء لإنقاذ آل سعود من الإحراج والمسؤولية التي تقع على عاتقهم من مقتل مئات المعزين في صالة العزاء التي كانت تقيمها عائلة الرويشان.
وقال حيدرة «إن هذه الجريمة الشنيعة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة من نظام متغطرس لا يقيم اعتباراً لقوانين الحرب»، وأدان حيدرة موقف السفارة اليمنية في واشنطن من المجرزة التي «التزمت الصمت وكأن شيئا لم يحصل»، ودعا جميع المؤسسات والهيئات العربية في الولايات المتحدة للعمل على حث الحكومة الأميركية لوقف دعمها للسعودية ومدها بالأسلحة والذخائر المتطورة، وبدلاً من ذلك تقديم يد العون والمساعدة الإنسانية لملايين اليمنيين الذي يعانون من نقص مريع في الغذاء والرعاية الطبية.
من ناحيته، أكد الناشط والي الطحيف أن التحالف بقيادة السعودية واظب خلال 17 شهراً من العدوان على قصف المدنيين بأسلحة متطورة جداً، وأنه لم يتورع عن قصف المدنيين في الجنازات والأعراس والمساجد والمزراع والأسواق الشعبية والمرضى والجرحى في المستشفيات التابعة لمنظمة «أطباء بلا حدود».
كلنا يمنيون
وعزّى ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني الجالية اليمنية بالشهداء والجرحى الذين يسقطون بالعشرات يومياً، وقال: «إن هذه القاعة التي نجتمع بها اليوم تشهد على سنوات وعقود من العمل والتضامن من أجل نصرة الشعب الفلسطيني الذي نساه آل سعود، الذين يا حبذا لو أرسلوا طائرة واحدة من أجل إنقاذه، لكنهم بدلاً عن ذلك يقومون يومياً بإرسال عشرات الطائرات لقصف شعب عربي أصيل».
وأكد على أن «الذين يمعنون في قتل الشعب اليمني هم أنفسهم الذين يقتلون الشعب السوري والشعب العراقي والشعب الفلسطيني.. إن السعوديين هم شركاء الإسرائيليين في قتل الشعوب العربية».
وأشار إلى الانتقادات التي توجه لصحيفة «صدى الوطن» بسبب وقوفها مع اليمنيين والتضامن معهم في محنتهم المأساوية، وقال: «أنا يمني الهوى والقلب والأصل، ومواقفنا في الصحيفة لا تنطلق أبداً من أسس طائفية أو مناطقية ضيقة، وإنما تنطلق من موقف عروبي وإنساني، يناضل من أجل الدفاع عن الحقوق العربية ومستقبل الشعوب العربية».
وختم السبلاني كلمته بالقول: «أبشركم أن نهاية المعتدين ستكون قريبة، فالدم اليمني سيغرق مملكة الرمال والبترول وسوف يطارد ملوكها في أحلامهم.. وبخناجركم سوف تهزمون طائرات التحالف».
الدكتور عبد الإله الصائغ الذي درّس في جامعات عدد من البلدان العربية، بينها اليمن، أشاد في كلمة بحضارة اليمن وأصالة أبنائه، وقال: «أنا عراقي الأصل ولكنني أحب اليمن أكثر من العراق، لما شهدته خلال فترات تدريسي بالجامعات اليمنية، من نبل وأخلاق هذا الشعب الكريم والشجاع الذي أشاد به الرسول محمد (ص) حين قال: الإيمان يماني والحكمة يمانية».
وأضاف أن «السعودية لا تريد لليمن أن يتطور بل ترغب بإفقاره لإبقائه تحت سيطرتها، ولهذا فالسعوديون يستمرون بإرسال طائرتهم التي تصب قذائفها وحممها على رؤوس اليمنيين المدنيين، وتقتل العشرات منهم يومياً، بلا وزاع أو ضمير، كي تزيد في تكريس الأزمة ولكي تضمن عدم استقرار اليمن».
هكذا غسلت السعودية يديها من «مجزرة الصالة»
الرياض – في أولى ساعات مجزرة صالة العزاء في صنعاء، نفت قيادة التحالف أن تكون قد أقدمت على أي نشاط عسكري في مكان المذبحة، داعية إلى «البحث عن أسباب أخرى».
وبين قبولها بإقامة تحقيق في الفاجعة، وصدور نتائج هذا التحقيق، استمرّت الماكينة الإعلامية للتحالف السعودي في بثّ كلّ المواد المضللة، بهدف إبعاد الشبهات عن ساحتها. ومع أن أياً من هذه الروايات المتهافتة (كأن يكون الحادث بدافع تصفيات داخلية بين الحلفاء على الجبهة الأخرى أو بهجوم قام به تنظيم «داعش») لم تصمد بوجه الحقيقة التي لا تقبل أي مستوى من التشكيك والتضعيف، ووثّقت بمشاهد حية تظهر بوضوح غارات لطائرات حربية التقطتها هواتف الصنعانيين، فإن حلفاء السعودية في الداخل اليمني لم يجدوا في غير تلك الإشاعات باباً لتبرير استمرارهم في موقف الدفاع عن العدوان والمشاركة فيه.
وللمفارقة، فإن نتائج التحقيق السعودي، بعد أسبوع على الجريمة، خرجت لتقدّم هؤلاء الحلفاء، المزايدين على داعميهم، كبش فداء أمام الرأي العام، يمنياً ودولياً، إذ إن فريق التحقيق الذي شكّله التحالف بقيادة السعودية أكّد أن قوّات التحالف هي التي نفّذت الهجوم على مجلس عزاء الصالة الكبرى في العاصمة اليمنية صنعاء، مبرّراً ما حدث بأنه كان بناءً على «معلومات مغلوطة عن وجود قيادات من الحوثيين في المنطقة» قدّمتها القوّات الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. وادّعى البيان الصادر عن «الفريق المشترك لتقييم الحوادث» أن «مركز توجيه العمليات الجوّية في الجمهورية اليمنية (قوّات هادي) قام بالسماح بتنفيذ عملية الاستهداف، من دون الحصول على توجيه من الجهة المعنية في قيادة قوّات التحالف»، وهذا يعدّ «انتهاكاً للبروتوكول». وطلب البيان «مراجعة قواعد الاشتباك والعمل على تقديم التعويض المناسب لذوي الضحايا والمتضرّرين». واعترفت قيادة تحالف العدوان بخلاصة التحقيق، وقالت «إنها بدأت فعلياً باتّخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق ما ورد من توصيات»، من غير أن يفوتها الإعراب عن الأسف للحادث «غير المقصود، وما نتج عنه من آلام لأسر الضحايا، والذي لا ينسجم مع الأهداف النبيلة للتحالف، وعلى رأسها حماية المدنيين وإعادة الأمن والاستقرار لليمن الشقيق».
Leave a Reply