نيويورك - لم يكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يعلن عن أولى الأسماء في إدارته الجديدة حتى انهالت عليه الانتقادات والبيانات المنددة من كل حدب وصوب، في محاولة لتأجيج الرأي العام ضد الملياردير النيويوركي قبل توليه سدة الرئاسة في كانون الثاني (يناير) المقبل.
ومنذ صباح اليوم التالي لانتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة – وعلى وقع التظاهرات الحاشدة الرافضة لانتخابه في العديد من المدن الكبرى في مختلف البلاد – سارعت وسائل الإعلام الرئيسية الى التنبوؤ بأسماء أعضاء إدارة الرئيس الـ٤٥، مسربة أسماء شخصيات يمينية معروفة بمعاداتها للمسلمين، في سياق الحملة المتواصلة التي تصور ترامب رئيساً معادياً للأقليات، رغم خطاب النصر الذي ألقاه صباح العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) والذي أكد فيه على معاملة جميع الأميركيين بالتساوي بغض النظر عن عرقهم ودينيهم.
ولم يكشف ترامب –حتى إعداد هذا التقرير– عن أي من أسماء في إدارته الجديد باستثناء منصب كبير موظفي البيت الأبيض الذي ذهب لرئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري راينتس بريبوس، ومنصب كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض، لستيف بانون. وإذا مر اسم بريبوس مرور الكرام، فإن تعيين بانون، قابلته موجة انتقادات حادة بسبب مواقفه المعادية لتمدد المسلمين في الغرب وهو الرئيس التنفيذي السابق لموقع «بريتبارت» اليميني، وقد ندد بتعيينه يهود أميركا لمعاداته السامية.
ويواصل ترامب مشاوراته في برجه في نيويورك لتشكيل فريقه الانتقالي، مغرداً بأنه هو وحده «يعرف الأسماء النهائية!» رداً على التقارير الصحفية بشأن الأسماء المتداولة لتولي المناصب الحساسة في إدارة الرئيس الجديد.
ويعقد ترامب مع نائبه مايك بنس لقاءات دورية في نيويورك لبحث تشكيلة الإدارة الجديد. ومن الشخصيات البارزة التي التقاها أثناء المشاورات تبرز أسماء السناتور تيد كروز والطبيب بن كارسون ووزير الخارجية الأميركي الأسبق، هينري كيسنجر، الذي بحث معه العلاقات مع روسيا وإيران والصين والاتحاد الأوروبي فضلا عن مواضيع ملحة أخرى في السياسة الخارجية الأميركية في إطار استعدادات ترامب لتسمية وزير الخارجية الجديد.
وفي سياق تعهده بتجفيف مستنقع الفساد في واشنطن، أعلنت حملة ترامب أن المسؤولين الذين سيقوم الرئيس الجديد بتعيينهم في إدارته، عليهم أن يوقعوا تعهداً بعدم العمل مع مجموعات الضغط والمصالح (اللوبيات) لمدة خمس سنوات تلي خروجهم من وظائفهم.
بريبوس
بريبوس (44 عاماً) الذي ساند ترامب خلال حملته الانتخابية وكان أحد أهم مستشاريه، على خلاف جمهوريين آخرين، يتمتع بعلاقة صداقة قوية مع رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين، ما قد يسهل عملية تمرير القوانين في الكونغرس، حسب ما ذكرت صحف أميركية. كبير الموظفين الجديد، ولد في ولاية ويسكونسن ودرس القانون في جامعة ميامي قبل أن يتخرج منها عام 1998.
عمل بريبوس محامياً في إحدى الشركات في الوقت الذي كان يواصل الصعود داخل الحزب الجمهوري في ويسكونسن حتى وصل إلى منصب رئيس الحزب في الولاية عام 2007، ليكون أصغر من شغل هذه الوظيفة.
أعاد الجمهوري الشاب ترتيب أوراق الحزب في ولايته آنذاك، ونجح في إيصال السيناتور رون جونسون إلى مجلس الشيوخ، وساعد حاكم الولاية الحالي سكوت ووكر على الفوز في ثلاث انتخابات في مجلس النواب.
وبريبوس معروف أيضاً كعازف بيانو موهوب وفاز في عدة مسابقات موسيقية في شبابه.
بعد أربعة أعوام من خدمته في ويسكونسن كرئيس للحزب الجمهوري هناك، عين بريبوس رئيساً للجنة الوطنية للحزب عام 2011 ليرث لجنة مثقلة بديون تصل إلى 23 مليون دولار، وبعد عام واحد أخرج اللجنة من مشكلتها المالية فوفر سيولة تقدر بـ20 مليون دولار وخفض الدين ليصل إلى 13 مليوناً.
انتخب مرة أخرى على رأس اللجنة الوطنية للحزب عامي 2013 و 2015، ليصبح أطول من خدم في هذا المنصب في تاريخ الحزب الجمهوري.
بانون
يوصف ستيف بانون (٦٢ عاماً) الذي عين الصيف الماضي مديرا لحملة ترامب الانتخابية، بأنه مهندس طريق ترامب نحو البيت الأبيض، وقد اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لشغل منصب كبير المستشارين وكبير المخططين الإستراتيجيين.
واعتمد بانون على موقع إخباري معروف يديره هو «بريتبارت نيوز» المعروف بتوجهه اليميني المحافظ للترويج لترامب. ويعتبر بانون أحد أبرز دعاة «اليمين البديل»، وهي حركة تعتنق الافكار القومية وتؤمن بتفوق العرق الابيض وتزدري تماما الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد.
وأثار تعيين بانون في هذا المركز الحساس موجة انتقادات إعلامية نبشت جميع المقالات والمواقف النارية التي كانت تنشر على موقع «بريتبارت» وتلامس معاداة السامية، أو تندد بالهجرة وبتعدد الثقافات.
ويُنعت بانون بالرجل اللغز، ويعرف بالذكاء والتكتم، إذ منذ توليه مسؤولية إدارة الحملة الانتخابية لترامب لم يدل الرجل إلا بمقابلتين، إحداهما تسجيل صوتي لفائدة الموقع الذي يديره ويعود إنشاؤه للعام 2007.
ومما قاله بانون في مقابلته الإذاعية «يريد الناس أن يتحكموا أكثر في بلدانهم، وهم يريدون بقاء الحدود والسيادة، وهذه الظاهرة لا تجدها صاعدة في أوروبا فقط وإنما تجدها أيضا في منطقة الشرق الأوسط وقد امتدت إلى الولايات المتحدة».
وعمل ستيف بانون في مصرف الاعمال غولدن ساكس في الثمانينات قبل أن يؤسس مصرفاً صغيراً للاستثمارات حمل اسم «بانون وشركاه»، عاد واشتراه مصرف «سوسييته جنرال» عام 1998 قبل ان يصبح منتج افلام في هوليوود.
وخلال العقد الاول من الألفية الثالثة بدأ ينتج أفلاماً سياسية حول رونالد ريغان وحزب الشاي وساره بالين.
والتقى بانون آندرو بريتبارت مؤسس هذا الموقع وانضم الى حملة حزب الشاي على الطبقة السياسية الاميركية أكانت ديموقراطية أو جمهورية.
وفي عام 2012 مع وفاة بريتبارت تسلم ادارة هذا الموقع الذي يتخذ من واشنطن مقراً ولديه أكثر من ٣٧ مليون زائر شهرياً.
Leave a Reply