محمد الرموني – «صدى الوطن»
لم تجر رياح انتخابات الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كما تشتهي سفن الديمقراطيين في ميشيغن.
فالحزب الأزرق الذي لطالما عوّل على الانتخابات الرئاسية لتحسين مواقعه في مراكز السلطة بالعاصمة لانسنغ واجه هذه المرة هزيمة قاسية في مختلف السباقات التي خيضت على مستوى الولاية، وفي مقدمتها، سباق الرئاسة الأميركية الذي أسفر عن فوز مفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب بحوالي عشرة آلاف صوت، الى جانب هزيمة مرشحي الحزب والمدعومين من قبله في سباقات مجلس الولاية التربوي والمحكمة العليا في ميشيغن ومجالس الجامعات، أضف الى ذلك فشلهم الذريع في تعديل موازين القوى في مجلس نواب الولاية حيث يحتفظ الجمهوريون بأغلبية مريحة فيه منذ انتخابات العام ٢٠١٠.
الديمقراطيون في ميشيغن الخارجون من هول الصدمة الانتخابية، سارعوا خلال الأيام الماضية الى إعادة تجميع صفوفهم وفهم أسباب الهزيمة المدوية، لإعادة حساباتهم قبل حلول الانتخابات النصفية عام ٢٠١٨ والتي قد تكون فيها خسائر الديمقراطيين أشد مرارة، بحسب تقرير لوكالة «أسوشيتد برس».
فبعد عامين ستشهد ميشيغن سباقات على مناصب الحاكم والمدعي العام وسكرتاريا الولاية وجميعها في قبضة الجمهوريين، كما ستعقد انتخابات مجلس شيوخ الولاية الذي يسيطر عليه الجمهوريون منذ 35 عاماً، ومجلس النواب منذ ثماني سنوات، فيما يتولى القضاة المحافظون، المدعومون من الحزب الجمهوري، أغلبية مقاعد محكمة ميشيغن العليا منذ 19 عاماً.
وسيكون لفشل الديمقراطيين في تحقيق أي خرق في الانتخابات النصفية القادمة التي ستشهد أيضاً انتخاب أعضاء الكونغرس الأميركي، كارثة على «حزب الحمار» في ميشيغن، ليس فقط لأن جميع سلطات الولاية ستكون قد انحصرت في يد «حزب الفيل»، بل أيضاً فإن ذلك يعني أن الديمقراطيين قد يخسرون مقاعد لهم من حصة الولاية في الكونغرس، ومنها مقعد السناتور الحالية ديبي ستابينو التي ستترشح لولاية إضافية من ست سنوات.
غير أن خبير الاستطلاعات أد ساربولوس يؤكد أنه لا يزال أمام الديمقراطيين فرصة للفوز بالسباقات التي تخاض على مستوى ميشيغن، مستنداً في ذلك الى الانتصار الذي حققه السناتور الديمقراطي غاري بيترز في سباق مجلس الشيوخ الأميركي خلال العام ٢٠١٤، الذي شهد أيضاً إعادة انتخاب كل من الحاكم ريك سنايدر والمدعي العام بيل شوتي وسكرتيرة الولاية روث جونسون، وجميعهم جمهوريون.
وقال ساربولوس «لكن على الديمقراطيين أن يركزوا على القضايا التي تهم الناس وتدفعهم للتوجه الى صناديق الاقتراع»، منتقداً تركيز حملتهم على التخويف من ترامب الذي نجح في استقطاب الناخبين في ميشيغن ليصبح أول مرشح جمهوري للرئاسة يفوز بأصوات الولاية منذ 1988.
وبحسب ساربولوس، خسر الديمقراطيون حوالي ١٠ بالمئة من الأصوات (أي ما يوازي ٢٣٠ ألف صوت) مقارنة بالعام ٢٠١٢ حين فاز باراك أوباما على منافسه الجمهوري ميت رومني بفارق كبير (٩.٥ بالمئة)، في حين أن الناخبين الذين صوتوا لصالح المرشح الجمهوري ازدادوا بنسبة ٨ بالمئة (١٥٢ ألف صوت).
وأضاف أن الديمقراطيين فشلوا في حث الناخبين على التصويت بكثافة في معاقلهم التقليدية مثل ديترويت وفلنت، حيث نال أوباما دعماً كبيراً في انتخابات ٢٠٠٨ و٢٠١٢. كما أن ترامب نجح في إثارة حماسة الناخبين في المناطق النائية بمعدلات مرتفعة فاقت ما يحصل عليه عادة المرشحون الجمهوريون.
واستعرض ساربولوس مثالاً على ذلك نتائج مقاطعة شياواسي الريفية الواقعة بين فلنت ولانسنغ، والتي شهدت نفس نسبة الإقبال في عامي 2012 و2016. لكن أوباما حصل على 51 بالمئة من الأصوات مقابل 47 بالمئة لرومني، في حين حصل ترامب على 56 بالمئة من الأصوات مقابل 37 بالمئة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. علماً بأن الفائز في مقاطعة شياواسي في الدورات الست الماضية كان هو الفائز أيضاً في سباق البيت الأبيض. ومن جانبه، اعترف المستشار السياسي للحزب الديمقراطي جو ديسانو بوجود «سوء تقدير كبير لمستوى الغضب الشعبي، خصوصاً في المناطق الريفية والجيوب الصناعية» مثل مقاطعة ماكومب ومدن الداونريفر في جنوب مقاطعة وين. وأضاف أن الديمقراطيين في الولاية بحاجة الى إيجاد هوية منفصلة عن الحزب الديمقراطي على المستوى الوطني، «على الأقل في المناطق الريفية»، «حيث ينبغي علي الحزب أن يكون أكثر انفتاحاً تجاه ضم أعضاء جدد من المعارضين للإجهاض والمؤيدين لحق حمل السلاح»، معتبراً أن الجمهوريين نجحوا في اعتماد خطاب يحاكي غرائز الناخبين في حين أن خطاب الحزب الديمقراطي على المستوى الوطني «لم يعد صالحاً» في هذه المناطق.
Leave a Reply