بلال شرارة
كيف سيكون العالم بعد 20/1/2017؟ موعد تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الرئاسة الأميركية.
كثيرة هي الأسئلة الحائرة حول السياسة الخارجية الجديدة، كما هي كبيرة المخاوف التي رافقت انتصار دونالد ترامب في سباق البيت الأبيض. فهل سيلتزم الرئيس المنتخب بمواقفه الانتخابية أم أنه سيلجأ الى تغييرها؟
بعض الهواجس تضمنتها مقالة فرانسيس فوكوياما بتاريخ ١٢ تشرين الثاني (نوفمبر) في «الفاينانشال تايمز» التي طرحت تساؤلاً رئيسياً هو: هل نحن أمام لحظة تاريخية حاسمة مثل لحظة سقوط جدار برلين عام 1989؟
سأل الكاتب: هل نلج عصراً جديداً من القومية الشعوبية يمثل خطورة هائلة من الانزلاق نحو عالم من القوميات المتنافسة والغاضبة في نفس الوقت؟
وفي هذا السياق، نسأل، هل نحن أمام وقائع أوروبية (مجرية ثم فرنسية… ألخ) تشبه أسباب نجاح ترامب ومن جملة تلك الأسباب كسب أصوات العمال المنضوين في النقابات المهنية الذين تلقوا في عهد أوباما ضربة موجعة بسبب تراجع المشاريع الصناعية في الولايات الصناعية الشمالية (بنسلفانيا، أوهايو، ميشيغن، ويسكونسن)؟ هل تشبه قصة نجاح «البركزيت» (الاستفتاء البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي)، التي سبقت الانتخابات الأميركية، قصة نجاح ترامب من حيث ارتكاز نجاح الاستفتاء على المناطق الريفية والبلدات الصغيرة خارج لندن والمدن الكبرى؟
هل أن ظاهرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتمتع بقاعدة شعبية عريضة في أرجاء روسيا (خارج المدن الكبيرة مثل سان بطرسبرغ وموسكو) هي ظاهرة طبق الأصل لظاهرة ترامب وهل ثمة كيمياء تجمع بين الرئيسين وهل سنشهد انقلابا في السياسة الدولية ينطلق من التأسيس لعلاقات جديدة أميركية–روسية؟
لم يصدر عن الرئيس ترامب أثناء حملته الانتخابية وبعد فوزه موقف واحد ينتقد الرئيس بوتين بل هو يعبر عن إعجابه بالزعماء الأقوياء الذين يحصلون على النتائج التي يريدون بفضل الفعل الحاسم.
وهل أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمثل مدرسة مشابهة؟
هل تتجه الوقائع في إسرائيل نحو اليمين أكثر فأكثر بعد الخطوات الحكومية الاستيطانية والممارسات القمعية المتصاعدة ضد الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية؟
هل احتل اليمين مكان اليسار الفاشل دولياً في تمثيل العمال، وبات هو من يقود الطبقات العاملة والمهمشة والائتلافات النسوية، والحركات ضد الفساد الرسمي في الادارات، ومواجهة الفساد الناجم عن هيمنة مراكز السلطة على ثروات ومقاليد البلدان؟
وعليه هل نحن على مساحة العالم أمام انقلابات طبقية ناتجة بصفة رئيسية عن تهميش العمال واختفاء الوظائف وفرص العمل بسبب التجارة والعمالة الرخيصة العابرة لحدود القارات وحدود الأوطان وتراكم الايدي العاملة في أسواق العمل بسبب أزمات الهجرة والنزوح؟ وهل تحتل الهوية الوطنية مكان النهج العولمي الذي يقوده اليسار؟
ماذا ستكون تداعيات تولي ترامب للرئاسة على النظام العالمي؟ على التحالفات الدولية؟ السياسات الاقتصادية؟ الأنظمة السياسية؟
يقول فرانسيس فوكوياما (في مقالته المشار اليها في البداية): إن ترامب يملك موقفاً ثابتاً تم التفكير فيه بعناية فائقة فهو قومي حين يتعلق الامر بالسياسة الاقتصادية، كذلك فيما يتعلق بالنظام السياسي. وارتكازاً الى المواقف المعلنة للرئيس ترامب فإنه سيسعى للتفاوض على اتفاقيات التجارة القائمة حالياً مثل «النافتا» و ربما أيضاً مع منظمة التجارة العالمية.
والرئيس ترامب أقل شغفا بحلفاء أميركا التقليديين مثل زعماء دول الناتو واليابان وكوريا الجنوبية المتهمين من قبل ترامب (بركوب ظهر الولايات المتحدة والتطفل على نفوذها وقوتها) وهذا الأمر يمكن أن يفهم منه أن دعمه لهؤلاء سيكون مشروطاً بإعادة التفاوض على الترتيبات القائمة حالياً ولاسيما التشارك في تحمل تكاليف الأعباء الأمنية.
أسئلة أوروبية
في هذا المجال، تقول مصادر دبلوماسية إن حالة هلع تسود أوساط الدول الأوروبية واتحادها، ومن أهم المسائل المعلقة على صليب الأسئلة:
– مدى التزام ترامب بحلف «الناتو» وبعامل الاطمئنان المتصل بأمن أوروبا؟
– شكل العلاقة التي ستجمع ترامب بروسيا.
– مصير اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
– وتشير مصادر دبلوماسية الى أن فوز ترامب أثار في أوروبا هاجساً داخلياً جراء جرعة القوة التي وفرها فوزه للأحزاب المشككة بجدوى (الاتحاد الأوروبي) إضافة الى الانعكاسات المتوقعة لفوز ترامب على الانتخابات الرئاسية في هولندا، فرنسا، ألمانيا، ودول أوروبية أخرى.
– كيف ستتعامل أوروبا حينئذ مع أزمة اللاجئين؟
– وكيف سيكون دور الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في ظل عالم متعدد الأقطاب (يعتبر ترامب أن الامم المتحدة ليست صديقة الديمقراطية والحرية)؟
فهل سيستمر الرئيس الأميركي الـ٤٥ في دعم مساهمة بلاده في تمويل ما يوازي ربع موازنة الأمم المتحدة؟ وهل سيبقى موافقاً على تمويل 28 بالمئة من ميزانية عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟
– هل سنقف مجدداً أمام شعارٍ أميركي سابق «الأمم المتحدة.. وداعاً»؟
– هل يصبح التحالف بين ترامب وبوتين بديلاً عن مجلس الأمن؟
– هل الهواجس الأوروبية لناحية التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي مع إيران له ما يبرره بعد أن أوجد –الاتفاق– دينامية انفتاحية أوروبية على إيران لاسيما في الشأن الاقتصادي (ذلك أن الأوربيين يَرَوْن أن مسار العودة لمراجعة الاتفاق مع إيران سوف يضفي توترات على المنطقة كما أن الاتفاق حفز تنافس الدول الأوروبية فيما بينها على الاستفادة من الفرص الكامنة في الإقتصاد الإيراني المتعطش للاستثمارت والخبرات الأجنبية)؟
أسئلة شرق أوسطية
شرق أوسطياً يرى دبلوماسي مطلع أن «البنتاغون» سيستعيد دوره في صنع السياسية الخارجية وهو الذي حجز لنفسه موقعاً منذ أن أجهض بالنار جهود وزارة الخارجية الأميركية باستهداف الجيش السوري في دير الزُّور.
ويقول الدبلوماسي إن وزارة الدفاع تقوم بعمليات اعادة التموضع لضمان المصالح العسكرية الأميركية والتسهيلات يحيث لا تقع تحت ضغط ظل السياسات والتطورات في منطقة الشرق الأوسط.
ويرى المصدر أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أسس خلال مبادرته اليمنية الأخيرة لمشروع تسوية قد تنطلق بعد تولي ترامب لسلطاته.
ولا شك بأن مصر وسوريا ستحصدان الايجابيات المقبلة ارتكازاً على اعادة النظر في السياسات الأميركية السابقة في المنطقة.
وبالنسبة الى السعودية يرى المصدر أن تراجع المملكة الراهن في اليمن (قبولها مبادرة كيري) وفي لبنان (قبولها ميشال عون حليف حزب الله رئيساً للجمهورية) وسورياً وعراقياً سكوتها عن تقدم القوات الحكومية على جبهات القتال مقابل (المعارضات) يمثل هبوطاً سياسياً اضطرارياً سريعاً وتراجعاً تكتيكياً استعداداً لما ستكون عليه السياسات الأميركية الشرق أوسطية ألقادمة خصوصا ازاء مصر وسوريا واليمن.
وفي إيران، يرى مصدر برلماني إيراني أنه فيما يخص الاتفاق النووي بين إيران ودول خمسة + واحد، فإن الرئيس ترامب لن يتخذ سياسات جوهرية في الشرق الأوسط، وأن النقطة التي تدعم موقف إيران هي أن الاتفاق النووي اتفاق دولي ضم كل الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الامن بالاضافة الى المانيا وأن الولايات المتحدة ملزمة بإتباع قرارات مجلس الأمن.
هذا ويتوقع أن يقوم الرئيس المنتخب بتنفيذ بعض العقوبات على إيران تحت اسماء مختلفة وفي كل الحالات فإن سياسات ترامب ازاء إيران ستعكس نفسها على الانتخابات الرئاسية الإيرانية في أيار (مايو) 2017؟
أما اقتصادياً، فلا تتوقع مصادر طهران أن يسبب فوز ترامب ضرراً للاقتصاد الإيراني والرئيس ترامب يعرف قيمة السوق في إيران والشرق الأوسط جيداً وكيف يمكن التعامل معهما بمنطقية أكثر.
في إيران، لا شكوى من أن الرئيس الأميركي الجديد سوف يحارب الجماعات الإرهابية وأن لا نية لديه بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
Leave a Reply