حسن – خليفة – «صدى الوطن»
منذ عدة أشهر تبنّت المنطقة التعليمية في مدينة هامترامك قراراً يعلن مدارس المدينة العامة «ملاذاً آمناً»، لتوفير الحماية للطلاب وعائلاتهم من مساءلات سلطات الهجرة وتحرياتها حول المهاجرين وقانونية إقاماتهم.
وجاء تبنّي المنطقة التعليمية للقرار، عقب انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، لطمأنة سكان المدينة التي شهدت في العقدين الأخيرين تحولات ديمغرافية كبيرة جراء زيادة كثافة اللاجئين والمهاجرين المسلمين من اليمن والبوسنة وبنغلاديش، حتى أصبحت هامترامك أكبر مدن ميشيغن في نسبة السكان المولودين في الخارج، كما أصبحت العام الماضي أول مدينة أميركية يسيطر المسلمون على أغلبية مقاعد مجلسها البلدي.
وفي حين يخشى السكان تضييق سلطات الهجرة عليهم، في ظل إدارة ترامب، يبدو أن الطلاب في مدارس المدينة يعيشون الهاجس نفسه.
«صدى الوطن» بالتعاون مع «تلفزيون ديترويت العام»، اطلعت عن كثب على واقع أطفال المدينة في جولة ميدانية بدأت في مدرسة «هولبروك» الابتدائية، الشاهدة على أمواج من المهاجرين من مختلف أنحاء العالم منذ تشييدها عام ١٨٩٦ في جنوب المدينة.
معظم الطلاب هم من أبناء المهاجرين اليمنيين، ممن طالهم بشكل أو بآخر قرار ترامب الأخير بحظر رعايا سبع دول ذات إغلبية إسلامية بينها اليمن.
وفي أعقاب صدور «حظر ترامب»، بادرت مدارس وجامعات عديدة، مثل مدارس آناربر العامة و«جامعة ميشيغن» إلى تبني قرار مماثل استناداً إلى حكم صادر عن المحكمة الأميركية العليا يمنع المدارس من التمييز ضد الطلاب على أساس أوضاع الهجرة ويحظر على سلطات الهجرة تحري المعلومات وجمعها حول الطلاب في المدارس.
يقول المشرف على مدارس هامترامك العامة، توماس نيكزاي: إن القرار التنفيذي كان مفاجئاً وإدارة المنطقة التعليمية تناقش تأثيراته على طلاب مدارسنا، مضيفاً «أنه حتى قبل صدور القرار فإن الهيئة التدريسية اتخذت قراراً بالإجماع -في اجتماع ضم محامي المنطقة التعليمية- بالتضامن الكامل للمجتمع، والتأكيد للعائلات «بأننا نقف إلى جانبهم ونعمل من أجل ضمان سلامتهم وأمنهم».
من ناحيته، يشير صالح هدوان، وهو أحد أعضاء الهيئة التدريسية التي عملت على استصدار القرار: «إن القرار يؤكد على ضرورة الحفاظ على سلامة المجتمع والتأكيد على أن المدارس ستكافح من أجل حقوق الطلاب». وقال: «إن نسخاً من القرار -مع الترجمة إلى اللغة الأم للطلاب- سوف ترسل إلى العائلات لطمأنتها، مؤكداً على جهوزية أعضاء الهيئة للإجابة على جميع تساؤلات الأهالي.
وعبر مدير ابتدائية هولبروك، ميرون ميللر، عن دعمه للقرار واستعداده لخدمة طلابه، وقال: إن الهيئة التعليمية قد صوتت بالإجماع من أجل تبني القرار، لقد رأوا أنه ضروري في ظل الواقع الديموغرافي في المدينة. وأضاف: لدينا في المدرسة 234 طالباً بينهم 220 طالباً عربياً، كما أن معظم الطلاب مسلمون».
ووصف ميللر حملة ترامب الرئاسية بأنها كانت «مؤذية» له وللطلاب بشكل خاص، الذين عاشوا مشاعر القلق في تلك الفترة، و«كان لابد من طمأنتهم» بعد وصول ترامب إلى الحكم.
وكان العديد من الطلاب قد سافروا في وقت سابق إلى بلدانهم في منطقة الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يواجهوا بعض الصعوبات في العودة إلى أميركا، كما أن بعضهم قلقون من إمكانية ترحيلهم خارج البلاد.
وعبّر الطالب محمد علوية -وهو طالب في الصف الثامن ووالداه يقيمان حالياُ في اليمن- عن خشيته من أن سياسة ترامب المعادية للمهاجرين قد تصل إلى مرحلة ترحيل جميع المسلمين الأميركيين خارج الولايات المتحدة. وأضاف: «يمكن أن لا يتمكن والدايّ من العودة إلى هنا.. هذا ما أنا خائف منه».
وقالت طالبة يمنية فضلت عدم الكشف عن هويتها: «إذا أراد ترامب محاربة «داعش» فعليه ملاحقة أتباع ذلك التنظيم، وليس ملاحقتنا».
وأضافت: «إن بعض اليمنيين العالقين في الحرب يمكنهم أن ينجوا من الموت ولكن مع قرار ترامب فلا أمل لديهم في إيجاد مكان للجوء إليه».
وحتى الآن، لم تقصد سلطات الهجرة المدارس بحثاً عن المعلومات حول المهاجرين، ولكن المشرف العام نيكزاي أكد أنه في حال قيام العملاء الفدراليين بزيارة المدارس بقصد جمع المعلومات، فسوف يقوم بالتشاور مع محامي المنطقة التعليمية لمعرفة الخطوة القادمة.
وأضاف: من غير الواضح بعد فيما إذا كانت الحكومة ستحجب الدعم عن المدارس التي اتخذت مثل هذا القرار، مؤكداً أن العديد من المدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد قد تبنت قرارات تقضي بأنها «ملاذ آمن» لطلابها.
Leave a Reply