• بلال شرارة
إلى أين وصلنا؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟
هل يكفي ما أدلى به الرئيس ترامب من خطب وتصريحات وتغريدات ليجيب على هذين السؤالين الذين يتجاوزان حدود الولايات المتحدة إلى أمن العالم برمته؟
هل سترسي استراتيجية الرئيس ترامب التي تضمنها خطابه الأول أمام الكونغرس وما كان قد أدلى به أمام مؤتمر المحافظين السنوي (سيباك) صورة جديدة للولايات المتحدة داخل وخارج حدودها مع الزيادة الكبيرة في الانفاق العسكري ضمن الميزانية الفدرالية لعام 2018 بالترافق مع تخفيض حاد لتمويل وكالة حماية البيئة ووزارة الخارجية، إلى تخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب لتحفيز الصناعة والاستثمار.
«أنا لست رئيساً للعالم وانما للولايات المتحدة الأميركية» هذا ما قاله ترامب أمام مؤتمر المحافظين الجمهوريين، انطلاقاً من شعاره «أميركا أولاً» بـ«وضع مصلحة الولايات المتحدة قبل أي شيء آخر»، حتى «تستعيد عظمتها».
وفي محطته الخطابية الأولى أمام الكونغرس، أكد ترامب أن فصلاً جديداً من تاريخ البلد بدأ بانبلاج «فجر أميركي جديد». واذ ركز الرئيس ترامب على شعار «استعادة عظمة أميركا»، مستعيداً شعار الرئيس الأسبق ريغان الذي كان يريد لأميركا أن تكون أشبه «بمدينة مضاءة على تل».
خطاب الرئيس ترامب يستقطب فريقاً ثالثاً من الأميركيين المتمردين على الحزبيين الكلاسيكيين الجمهوري والديموقراطي ملاحظاً شعارات ركز عليها خلال خطابه ومن أبرزها:
– توفير ملايين الوظائف الجديدة
– التنديد باتفاقات التجارة الدولية المضرة بالصناعة المحلية
– مكافحة الجرائم في المدن
– إطلاق مشاريع كبرى مثل تشييد أنابيب النفط «كيستون»
–إقامة جدار على الحدود مع المكسيك
– مكافحة الارهاب الإسلامي المتطرف
– توفير مليارات الدولارات من عقود سابقة عبر إعادة التفاوض
– نظام جديد للهجرة مبني على أساس الجدارة وانشاء مكتب خاص لضحايا جرائم الهجرة غير الشرعية
– اجراء اصلاح مالي تاريخي من خلال تخفيض ضريبة هائلة على الطبقة المتوسطة وخفض ضرائب الشركات لتعزيز قدرتها على الاستثمار وخلق الوظائف
– الدعوة إلى إلغاء ووضع بديل لقانون الرعاية الصحية الذي صدر في عهد اوباما وتوسيع الخيارات المتاحة وزيادة الاستفادة من الرعاية الصحية وتقليص التكاليف
– اتخاذ الخطوات اللازمة لتدمير الإرهاب الذي يمثله تنظيم «داعش»
وفي رسم سياساته يواصل الرئيس الأميركي الجديد توضيح الأمور بتأكيد تعهداته بالقضاء على الإرهـاب الإسلامي المتطـرف متعهداً بحماية البلاد من تسلل الإرهابيين من الخارج عبر أمره التنفيذي الجديد.
وأكد انه لن يعتذر عن حماية سلامة الأميركيين مكرراً تعهده بترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين ارتكبوا جرائم في الولايات المتحدة. مشدداً على أن فكرة الأمن القومي تبدأ بضمان الحدود.
ولفت ترامب مراراً –منذ توليه السلطة– إلى أنه ورث فوضى في المنطقة وزاد: «انفقنا في الشرق الأوسط 6 تريليونات دولار وحالة اسوأ مما كان قبل 15 سنة ولو ذهب رؤساؤنا للاستمتاع على شاطىء البحر لمدة 15 سنة لكان الحال هناك أفضل».
ويرى الرئيس ترامب أيضاً، أن الولايات المتحدة تراجعت من حيث قدرات الأسلحة النووية. ويقول «أنا أول من يود ألا يملك أحدٌ أسلحةً نووية لكننا لن نتأخر أبداً عن أي دولة ولو كانت صديقة»، مؤكداً أنه «إن كانت هناك دول ستمتلك اسلحة نووية فسنكون الأكثر تفوقاً».
شرق أوسطياً:
في ملف الشرق الأوسط، وفي ظل أولوية القضاء على «داعش»، لن يُعرف رد إدارة الرئيس ترامب على طلب الكابنيت الإسرائيلي (المجلس الوزاري المصغر) تقديم ضمانات أميركية (بعدم السماح بوجود قوى إيرانية أو موالية لإيران على حدود إسرائيل الشرقية والشمالية) وبالتالي منع إقامة «محور شر» إيراني–سوري–لبناني ومنع «الهيمنة الشيعية» في دمشق وبغداد لحرمان «حزب الله» من الإمداد البري من إيران. وكذلك، لم يعرف ما إذا كانت إدارة ترامب ستسلك طريق الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة، بما يعني رفضاً مطلقاً للانسحاب الإسرائيلي من الجولان حتى في إطار أي اتفاق مستقبلي مع سوريا.
كل تلك المطالب رددها نتنياهو على مسامع ترامب بحسب التقارير الإعلامية، قبل أن يتوجه إلى لقاء الرئيس الروسي فلاديمير معبراً عن معارضته لما وصفه بمحاولات إيران لإقامة موطئ قدم عسكري لها في سوريا. وأبلغ مجلس الوزراء في تصريحات علنية «في إطار عمل (اتفاق مستقبلي للسلام) أو دونه تحاول إيران التأسيس لوجودها بشكل دائم في سوريا إما من خلال الوجود العسكري على الأرض وإما الوجود البحري وأيضاً من خلال محاولة تدريجية لفتح جبهة ضدنا في مرتفعات الجولان».
وكان نتنياهو قد أشار إلى أنه سيعبر للرئيس بوتين عن اعتراض إسرائيل الشديد على هذا الاحتمال».
في هذا الاطار لا بد من ملاحظة المخاوف اللبنانية من السياسات الأميركية المقبلة تجاه حل القضية الفلسطينية بعد أن تجاوز الرئيس ترامب مشروع حل الدولتين وعادت لتثار المخاوف والهواجس من أن تكون الإدارة الجديدة بصدد إحياء أفكار «براغماتية» قديمة مثل التوطين والوطن البديل.
وترى مصادر لبنانية جملة مؤشرات أميركية يمكن أن تسهم في الأمر، منها:
1– التصعيد الإسرائيلي الاستيطاني (نشر آلاف الوحدات الاستيطانيه) خلال الأسابيع الأولى من ولاية الرئيس ترامب
2– التوترات الأمنية في مخيم «عين الحلوة» في جنوب لبنان دون لمس نتائج حاسمة للاجتماعات بين قوى الحل والربط الفلسطينية لانضاج تفاهمات على إعادة الأمن إلى المخيم و طمأنة الجوار
3– ما كشفته مصادر صحفية عن أن أعضاء في الكونغرس الأميركي بصدد السعي لحل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) على ان تتم معالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين بواسطة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR ويأتي ذلك بعد أن أبلغ المتحدث باسم (الانروا) الفصائل الفلسطينية بأن قرار تقليص خدمات الوكالة اتخذ في الأمم المتحدة ولا تراجع عنه، مشيراً إلى جهودا تبذل لتوزيع الفلسطينيين في الشتات على دول كندا واستراليا والخليج العربي (لتفادي توطين العدد الحالي في لبنان وفي هذا السياق ترددت معلومات عن الاستعاضه عن تطبيق القرار 194 بقرار دولي آخر يقضي بتعويض مالي عادل(!)
الان لبنان يتوجس خيفة من احتمالات المواقف الأميركية القادمة تجاه المنطقة على ضوء ما ستفرزه الحرب السورية والوقائع العراقية وما تشهده الساحات العربية الأخرى.
4 – يشار في سياق النظرة الأميركية إلى لبنان إلى أن الأميركيين تتنازعهم في السنتين الاخيرتين اتجاهات مختلفه لجهة الاستمرار في الدعم القوي للجيش وضمان عدم استفادة حزب الله من ذلك وبين ترك لبنان وعدم تقديم أية مساعدة نتيجة لنفوذ «حزب الله» وإيران، لكن موضوع الارهاب كان له الأثر الكبير في التجاوز الأميركي للتحفظات.
بالمحصلة يمكن القول إن تصريحات ترامب، أو ما ينقل عنه، يشير إلى أنه لا يلتزم حل الدولتين، ولكنه على الأقل يلتزم الحل.. أي حل!
وعلى ضوء ذلك تجد الادارة الأميركية الجديدة نفسها إزاء جملة مشاريع منها:
1– القبول بالوطن البديل وربما تكون مصر افشلت مثل هكذا مشروع في شمال سيناء ويبقى شرق الاردن الذي تحول إلى غرفة عمليات (موك)
2– التوطين، وكل المجريات تدل على انه يجري تأهيل الوضع الفلسطيني بشرياً عبر إحباط الاماني الفلسطينية، وجغرافياً عبر الاطواق الاستيطانية للقبول بالأمر الواقع.
وواقع الأمر الآن، أن الفلسطينيين محاصرون ومشتتون على الجغرافيا السياسية للسلطة و«دويلة غزة» وما تبقى من مخيمات الشتات.
3– بالنسبة إلى حل الدولتين الاشارة إلى أن حماس –ولو متأخرة بعض الشيء– قبلت بحدود 1967، إضافة إلى فك الارتباط مع «الإخوان»، فيما أعلن وزراء الخارجية العرب تمسكهم بالمبادرة العربية في إشارة إلى واشنطن لكي لا تتطرف في اتخاذ قرارات وحلول منها نقل السفارة الأميركية إلى القـدس فيما يشبه الاعتراف بـ«يهـودية الدولة»، وذلك استنـاداً إلى تصريحات الرئيس ترامب في 14 شباط (فبراير) «إنه يفكر جدياً في نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس ولكن هذا القرار غير السهل لم يتخذ بعد».
Leave a Reply