ديربورن – كمال العبدلي
على قاعة «بيبلوس» بديربورن، أحيت الجالية العراقية ذكرى «انتفاضة آذار الشعبانية» في أمسية ثقافية سياسية لمناسبة مرور ٢٦ عاماً على انطلاقتها، بحضور القنصل العراقي في ديترويت المنهل الصافي، وممثلي المنظمات المدنية والاجتماعية وجمع غفير من وجوه وأبناء الجالية، وذلك يوم الأحد الخامس من آذار الجاري، في برنامج حافل تنوعت مضامينه.
استُهلّ الاحتفال بتلاوة آياتٍ من الذِكر الحكيم رتّلها المُقرئ علي النجار، ليعقبه عزف السلامين الجمهوريَّين العراقي والأميركي والوقوف دقيقة واحدة حداداً على أرواح شهداء العراق.
وبعد أن ألقى الكاتب الأديب صالح المحنّة كلمة منظّمي الإحتفاليّة التي استعرضَ خلالها جزءاً من تاريخ انطلاقة الانتفاضة ضدّ النظام الديكتاتوري السابق وتأثيرها اللاحق في التغيير نحو النظام الديمقراطي» حيث قال: «انتفاضة الشعب العراقي التي حطّمت قيودَ الخوف وكسرت حاجزَ الرعب الذي قيّدَ إرادةَ العراقيّين عشرات السنين، انطلقت صرخةٌ عراقية عبّرت عن مخزونٍ متراكمٍ من القهر المُزمِن الذي تكلّس على صدور الأمّهات والآباء فكانت تلك الصرخة بمثابة الدعوة المُستجابة للأمّ العراقيّة المفجوعة وومضة الأمل التي طال انتظارُها للأبِ العراقيّ الذي كان يُجبَر على دفع ثمن الرصاصة التي يُقتَل بها ولدُه».
ثمّ دعا عريفُ الحفل الناشطُ الحقوقي علي المنى، القنصل الصافي إلى المنصّةِ لإلقاء كلمته، حيث استهلّها بتمجيد الانتفاضة قائلاً إنّها «تشكّل صفحةً مشرقةً من صفحات تاريخ شعبنا ونضالاته المستمرّة من أجل رِفعة العراق المتطلّع دائماً وأبداً لتحقيق كرامة الإنسان ومبادئه السامية في الحريّة والعدالة».
ليقرأ عقبه الشاعر عبدالقادر العبادي قصيدةً بعنوان «صبر العراقيّين» حيث أكّد على فضيلة الصبر دون انطفاء اشتعالِه بدءاً بمطلعها:
صبرُ العراقِ سيبقى فينا يشتعلُ
حتّى له كفّةُ الميزان تنعدِلُ
مؤكّداً على استواء الجميع إزاءَه كما في البيت التالي:
فإنّنا الصبرُ والأوجاع تعرفُنا
حتّى لنا يستوي الأربابُ والخَوَلُ
ليستدرك الموقف إزاء الظلاميّين وعلى رأسهم داعش التكفيري الإجرامي في الردّ عليهم:
لكنْ إذا فاضَ فينا الغيضُ نُسرجُهُ
على الصعاليك والدنيا التي دخَلوا
لينتهي إلى ملازمة الصبر حتى الموت:
صبرُ العراقِ صَبورٌ في توجّعِهِ
لا ينقضي الصبرُ حتّى ينتهي الأجَلُ
وكان للموسيقى والإنشاد جانبُ من الإحتفالية، حيث أنشد الفنّان رعد بركات أغنية «من للغريب». لتعقبه الناشطة سميرة الزيادي في كلمة عن المرأة العراقية التي أدّت دورها المشرّف أثناء الإنتفاضة.
بعدها ألقى الباحثُ الأديب محمد نعمة السماوي كلمةً استهلّها بمباركة الانتفاضة وكونها التي مهّدت للقضاء على الدكتاتورية حيث قال: «ربع قرن يمرّ على الانتفاضة المبارَكة ليكون مسمارُها الأوَّلَ في نعش النظام الدكتاتوري المقيت، فهي ثورة الشعب الذي حيلَ بينه وبين حرّياتِهِ وحقوقِهِ»، كما أكّد على ضرورة اعتماد النقد الذاتي حيالَ ظاهرة انتشار الفساد الإداري المستشري في البلد الأم للمساهمة في إصلاح الأحوال المتدهورة، ليُلقي عقبها قصيدةً بعنوان «بغداد» مناجِياً إيّاها منذ مطلعها:
أجِلْ نشيدَكَ واصدحْ أيّها الشادي
فإنّ بغدادَ قد عادتْ لِبغدادِ
ثمّ عرجَ على وجه بغداد الحقيقي منشداً:
بغداد يا بهجةَ الدنيا وزينتَها
ما أنتِ بغدادهم بل أنتِ بغدادي
وأدان المجرمين الدواعش حيث وصفهم:
تجهّموا إذ أطلّ الفجرُ مبتسِماً
فاستقبلوهُ بإبراقٍ وإرعادِ
وأنبتوا الشوكَ في أنحاءِ روضتِهِ
كي لا يعُجَّ بأزهارٍ وأورادِ
ولم يفُتهُ الموقفُ الحاسم لبطولات الجيش في دحر الإرهاب:
جيشُ العراقِ وحشدُ الشعبِ يرفدُهُ
إلى الكفاحِ بأرواحٍ وأكبادِ
جادوا بها في سبيلِ الله فارتفعوا
إذْ أرخصوها فكانوا خيرَ أجوادِ
ثمّ ألقى بعده الشاعر الشعبي كاظم الوائلي قصيدة شعبية.
وعادَ عريفُ الحفل إلى المنصّة ليدعو رئيسَ الاتّحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأكاديمي نبيل رومايا لإلقاء كلمة الاتّحاد، التي أكّد في مستهلّها على أنّ الانتفاضةَ جاءت كردّ فعلٍ على الظلم والطغيان إذ قال: «جاءت انتفاضة آذار الشعبية كردّ فعلٍ على ظلم وتعسّف الزمرة الدكتاتورية المستبدّة المُستهترة ونظامها الدموي، وانفجرت الانتفاضة ضدّ نظام التسلّط والإرهاب والجور الذي سيطر على الشعب العراقي سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وعسكرياً».
كما أكّد على أنّها اندلعت بمشاركة كلّ قوى الشعب الوطنية: «كانت الانتفاضة مأثرةً تاريخيةً كبرى، اختلطت في مجراها دماءُ أبناء شعبِنا من كلّ الأصولِ القومية والعقائد والمذاهب والمناطق، ومن كلّ القوى السياسيّة العراقية».
واختتمت الاحتفالية بكلمة الناشط الدكتور محمود الطائي نائب رئيس جمعية حقوق الانسان في الولايات المتحدة التي أشار فيها إلى تزامن إحياء ذكرى الانتفاضة مع بطولات الجيش العراقي المكوّن من جميع الأطياف في دحر فلول الإرهاب: «تتزامن هذه المناسبة المهمة مع الانتصارات الكبيرة التي يحققها الأبطال من أطياف الشعب العراقي في جبهات القتال على الفلول الإرهابية التي دنّست ترابَ الوطن».
Leave a Reply