يواجه ملهى ليلي آخر، مصير الإقفال في داونتاون غرب ديربورن بأمر من البلدية، فيما يقول المالكون إن استهداف مؤسستهم التجارية يأتي في سياق جهود المسؤولين في المدينة لـ«تطهير» المنطقة تمهيداً لاستثمارات إضافية من قبل شركة «فورد» للسيارات.
عضو مجلس بلدية ديربورن، توم تافيلسكي، بدأ الحملة على ملهى «بوست بار» الواقع على شارع ميشيغن أفنيو، بإعلانه يوم الأحد الماضي أن المكان أصبح مصدر إزعاج وخطر على السكان بسبب المشاكل التي يتسبب بها الزبائن في وقت متأخر من الليل، مؤكداً أنه سوف يطرح مقترحاً بسحب رخصة الكحول من الملهى ليلقى مصير ثلاثة ملاهي ليلية أخرى أجبرت على إغلاق أبوابها في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية.
وذكر تافيلسكي في بيانه «انه خلال عطلة نهاية الأسبوع واجه عناصر الشرطة في ديربورن وفضوا عدة اشتباكات تخللها إلقاء زجاجات خمر وحوادث إطلاق نار بعد الساعة 2 صباحاً مما استدعى حضور جميع الدوريات في الخدمة مع الاستعانة بوحدات إضافية من شرطة ديربورن هايتس، على حد قوله.
واستطرد تافيلسكي بأن إدارة «بوست بار» انتهكت مرسوماً بلدياً تم إقراره بالإجماع الشهر الماضي ويتضمَّن أن يقوم الملهى الليلي بدفع تكاليف استدعاء الشرطة إلى خارج البار». مؤكداً أن «هذا هو السبب وراء الدعوة الفورية لإلغاء رخصة بيع الخمور».
وعلى الرغم من أن الملهى تلقى مخالفات متعددة من قبل الشرطة، ولأن أن المالكين أصروا على انهم لم يقوموا بأي عمل خاطئ وأنهم «مجرَّد ضحايا جدد» لجهود البلدية الرامية إلى استهداف البارات والملاهي الليلية الواقعة على ميشيغن آڤنيو، والتي يملكها عرب أميركيون وبيعها بأسعار زهيدة إلى شركة «فورد» لتعيد تطويرها في إطار خطط الشركة المستقبلية.
وبدأت شركة «فورد» هذا العام بخطة عشرية لإعادة بناء مقرها العالمي في مدينة ديربورن بكلفة ١.٢ مليار دولار، إضافة إلى استثمار 60 مليون دولار لبناء مكاتب جديدة للشركة على مساحة ثلاث كتل تجارية في الدوانتاون الغربي للمدينة.
رد «بوست بار»
«لقد أغلقوا ثلاثة ملاهي ليلية ومقهى للاركيلة هكذا» يقول مو شرارة، قال أحد موظفي الحانة لصحيفة «ديترويت فري برس». وأضاف «البلدية تريد العقار لنفسها لكي تجعل شركة فورد للسيارات تتملكه بسنتات مقابل الدولارات – كل شيء يدل على الفساد البلدي».
أحد مالكي «بوست بار»، تامر الورفللي صرَّح لـ«صدى الوطن» أنَّه على الرغم من أن إدارة الملهى تتفق مع البلدية على ضرورة تطبيق المراسيم، لكنها ترى نفسها مضطرة لبيع ملكية الملهى بسبب استمرار المضايقات من البلدية والشرطة».
«يأتون كل مرة ساعة يشاؤون ويقومون بتخويف وترويع الزبائن ومن ثم يرسلوا إلينا فاتورة بقيمة 14،000 دولار»، قال الورفللي، وتابع «كلما حضر عناصر الشرطة يقومون بشكرنا على التعاون بشأن القيود الجديدة»، لافتاً إلى أن أحد الشرورط التي فرضتها على الملهى كان عدم بث الموسيقى أو السماح بنشاطات خارجية أيّام الأحد، «لكننا لم نطبق هذا فحسب بل قررنا ألا نفتح إطلاقاً أيام الآحاد».
وأضاف أن البلدية أرادت من الملهى أيضاً إضاءة باحته الخارجية عند الساعة 1:40 بعد منتصف الليل، و«نحن نضيئها في وقت مبكر قبل هذا».
وفي الشهر الماضي، طلب المجلس البلدي عدم استخدام الفناء الخارجي «رغم أنه عنصر مهم ومربح» لكن إدارة «بوست بار» التزمت بذلك ولم تعد تستخدم الباتيو في خلفية المبنى.
وأردف الورفللي «طلبوا أيضاً عدم السماح بدخول الزبائن القادمين على متن باصات الحفلات إلى داخل البار لأنهم قد يكونوا ثملين» مؤكداً أن إدارة الملهى امتنعت عن استقبال مجموعتين من الزبائن خلال الأسبوعين بسبب هذا الشرط. «وهذا ما تسبَّب بمشادة كلامية لأن الزبائن المرفوضين عادوا غاضبين إلى الباص وحصل بين بعضهم البعض شجار».
واستدرك الورفللي بالقول إنه شاهد وصول عناصر الشرطة الذين ركنوا سياراتهم وهي تدوي بصفارات الإنذار خارج المبنى وظلوا يتفرجون وتركوا المشادة تتفاعل و«كأنها كانت تروق لهم». وأضاف «الشجار استفحل وامتد إلى الشارع وإلى المواقف التي اشترت معظمهما شركة «فورد»، وهو ما دفع رجال الشرطة للتدخل أخيراً وفض الاشتباك و«النتيجة الآن أننا مذنبون».
وأضاف «كل ما فعلوه هو إفساد كل شي»، مشيراً إلى أن «فورد» كانت ستعرض مبالغ مالية كبيرة لشراء العقارات في محيط مكاتبها الجديدة، و«لكن بفضل استهداف الملهى فعلى الأرجح سنتلقى عروضاً هزيلة لأننا سنضطر إلى إقفال أبوابنا تحت ضغوط البلدية».
وأكد الورفللي أنه كان من المتوقع أن يتم استهداف «بوست بار» بعد أن رأى بأم عينيه البارات الاخرى الواقعة على نفس الشارع يتم إقفالها. مشيراً إلى أنه لو تقدمت «فورد» بعرض شراء سخي لكنت قرَّرت البيع» متسائلاً «من يريد أن يكون في مكان غير مرغوب به؟ لقد أصبح المكان مرتعاً للشرطة».
الأمن واستنزاف قدرات الشرطة
من جهتهم يدعي المسؤولون البلديون والمقيمون في جوار الملهى أن هناك عدد كبير جدَّاً من الحوادث المثيرة للقلق وقعت واستدعت الاستجابة السريعة من قبل الشرطة ممَّا أثر على قدرتها في القيام بتسيير دوريات باقي أحياء المدينة.
ومن بين الحوادث الأمنية البارزة التي شهدها الملهى ومحيطه خلال السنة الماضية، اتهام امرأة من سكان سترلينغ هايتس (28 عاما) بإطلاق النار في موقف للسيارات عند الساعة 2 صباحاً. وفي تمُّوز (يوليو) الماضي، حوالي 1:50 صباحاً، حصلت اشتباكات وعراك عنيف بعد أن وجه بعض الزبائن إهانة لأحد المتحولين جنسياً. وبعد قيام حراس الملهى بمرافقة الجميع إلى خارج المبنى تعرض المتحول جنسياً للطعن في ظهره وكما أصيب بزجاجة في وجهه، وفقاً للشرطة. ونشر الضحية فيديواً على الانترنت تلقى أكثر من 130.000 مشاهدة في اليوم، يوضح ملابسات الحادث بعد الهجوم وكان وجهه مغطَّى بالكدمات والدماء. كما ظهرت الجروح على الشفة السفلى والحاجب في وجهه.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، أفاد عضو المجلس روبرت أبراهام بأن اصحاب الملهى «يواصلون إظهار أحكام غير موفقة ويجذبون زبائن يتصرفون بشكل سيء في مجتمعنا».
وأضاف «لقد وقع عدد غير متناسب من الحوادث التي تشمل اطلاق عيارات نارية، وشجاراً وانتهاكات للأنظمة والقوانين» مؤكداً أنه لن نتهاون وننتظر حصول أحداث مأساوية أكبر».
«بوست بار» ليس الأول
يذكر أن «بوست بار» ليس أول ملهى ليلي يخضع للتضييق من قبل الشرطة والبلدية تحت عنوان حفظ الأمن في المدينة. فقد ألغى المجلس في أيلول (سبتمبر) الماضي رخصة بيع الخمور لملهى «نار بار» الذي يبعد مفرقاً واحداً من «بوست بار» وذلك بعد حادثة اطلاق نار وقعت خارج البار وأدت لاتِّهام إثنين من مدينة ابسيلانتي بثلاث تهم اعتداء بقصد القتل.
وخلال اجتماع المجلس في وقت لاحق من ذلك الشهر، عبر تافيلسكي عن غضبه الشديد لان قوات الشرطة في المدينة بأكملها تم استدعاؤها إلى مكان الحادث.
«عندما دوت الطلقات في الخارج … كل السيارات تجمعت في مكان واحد»، اكد تافيلسكي وتابع «في وقت ما شخص ما سيتعرض للقتل هناك …. لا عذر لنا إذا لم نضع يدنا لاحتواء الموقف في تلك المنطقة».
وأفاد تافيلسكي انه نتيجة الأخذ والرد مع قائد الشرطة رونالد حداد في ذلك الوقت، اشترطنا تعزيز حضور الشرطة بشكل دائم اثناء اللَّيل.
واقترح تافيلسكي «الاحتذاء بمدينة فورت لودرديل، بولاية فلوريدا، حيث تقوم الشرطة بإرسال فواتير لأصحاب الأعمال التي تتطلب وجوداً متكرراً للشرطة. هذا يحدث كل الصيف، ولو كان لدينا مكان مثير للمشاكل، يمكننا وضع اثنين أو ثلاثة من رجال الشرطة هناك يدفع اصحاب الأعمال تكاليف حضورهم. ومن ثم الأجزاء الباقية من الأحياء السكنية لن تتاثر إذا حصل شيء ما فيها».
وفي وقت سابق تعرض ملهى آخر هو «ليڤ لاونج» لالغاء رخصة بيع الكحول بعد أن أحصت الشرطة اكثر من 20 حادثة عنف تضمَّنتْ إطلاق أعيرة نارية وهجمات جنسية ومعارك بين العصابات. إلا أن أصحاب الملهى أغلقوا محلهم نهائياً قبل أن تقوم البلدية بإلغاء رخصة الكحول.
استهداف العرب والسود؟
في استطلاع أجرته «صدى الوطن» شمل مجموعة من أصحاب المصالح التجارية في غرب ديربورن في نيسان (أبريل) ٢٠١٦، أعرب رجال الأعمال العرب الأميركيون عن عدم رضاهم من مسؤولي البلدية ومن المراسيم التي أصابت مصالحهم بالضرر، فيما ألمح بعضهم إلى استهدافهم على أساس عنصري.
أحد اصحاب المحال على شارع ميشيغن آفنيو، لم يرد الافصاح عن اسمه خوفاً من ردة فعل البلدية «ومن محاولتها اقفال مؤسسته كما فعلت مع ملهى «ليڤ لاونج»، اتّهم مسؤولي البلدية باستهداف المصالح التجارية للعرب الأميركيين لاسيما الذين يستقبلون الزبائن من الأفارقة الأميركيين.
وهو قاسم مشترك بين الحانات الأربع التي تم استهدافها بما فيها «بوست بار» مؤخراً، والذي يستضيف حفلات ليلية معظم زبائنها من الأفارقة الأميركيين.
وأضاف «إذا نظرت إلى الصورة الكبيرة فكل محل تجاري اقفلوه كان صاحبه عربياً. وما فتيء هؤلاء المسؤولون في البلدية يضعون صعوبات كبيرة في طريق رجال الأعمال في المنطقة منذ الموافقة على مشروع فورد».
وأردف «الحقيقة هي انهم يتحرشون باستمرار ويضايقون نفس الاشخاص في كل مرة. إنهم وراء العرب في غرب ديربورن. شركة فورد قادمة ويريدوننا أن نرحل من هنا بأسرع وقت ممكن».
وخلص إلى القول «ان حقيقة قيام البلدية بإقحام إسمنا التجاري سواسية مع باقي الملاهي الليلية أدَّى إلى تلطيخ سمعتنا فنحن لم نتعرض لمشاكل وهناك ملايين البارات في اميركا، وشخصان اثنان قد يتجادلان لأتفه الأسباب، قد تكون على لعبة فوتبول».
من جانبه، قال الورفللي إن لديه شعور خفي بحقيقة دوافع البلدية «لكنني كنت دوماً أرفض استعمال الدافع العنصري».
واستطرد «ليس صحيحاً ان البلدية تسعى إلى إقفال المصالح التجارية التي يملكها العرب الأميركيون، ولكن يريدون اقفال تلك المصالح التي يرتادها زبائن غالبيتهم من الافارقة الأميركيين. كنت أتحدث إلى بعض رجال الشرطة الذين يظهرون في بعض الأحيان وأسالهم عما يتوجب علي فعله لأتخلص من سيل المخالفات التي توجه إلى الملهى مع العلم أنَّي أتقيد بكل الشروط الجديدة؟ لا تجلب أياً من هذه العناصر إلى المدينة. لا تجلبهم هنا خلال عطلة نهاية الأسبوع أثناء الليل، نحن لا نحتاج لهذا.. هذا كان جواب أحد العناصر» قال الورفللي.
ومضى يقول «ومع ذلك، يرفض مجلس البلدية سماع أي الحجج بشأن التمييز العنصري. في آخر اجتماع للمجلس، عندما زعم احد سكان المدينة من الاميركيين الافارقة ان البلدية وضعت اجراءات وقيود قاسية على الملهى الليلي «بوست بار» لانه يجذب زبائنه الاساسيين من السود، استشاط بعض اعضاء المجلس البلدي غضَباً وقاموا بتوبيخه لانه استحضر الورقة العنصرية في المجلس».
من ناحيته، امتنع العضو العربي الأميركي في المجلس مايك سرعيني عن التعليق على هذه المسألة لكنَّه كان قد دافع في مقابلة سابقة مع «صدى الوطن» عن البلدية، نافياً أن تكون تهمة الاستهداف العنصري واقعية، مشيراً إلى ان البلدية تحاول إيجاد توازن بين الحفاظ على سلامة الاحياء والسماح بانتعاش المنطقة اقتصادياً.
وبدوره، نفى مايكل بشارة الناطق باسم حملة تافيلسكي لرئاسة البلدية، تحميل أي مجموعة عرقية مسؤولية العنف في الملاهي الليلية وقال «إن تافيلسكي يدين وجود العنف بمعزل عمّن ارتكبه أو من أين أتى»، وختم بالقول «إن أغلبية أعضاء المجلس البلدي هم من العرب الاميركيين وإن العديد من رجال الأعمال العرب في المنطقة يلتزمون بالمراسيم البلدية وهم ناجحون في أعمالهم».
Leave a Reply