ديترويت – «صدى الوطن»
في العشاء السنوي الأكبر لجمع التبرعات في منطقة ديترويت الكبرى، أقامت الجمعية الوطنية لتقدّم الملونين NAACP – فرع ديترويت، الأحد الماضي حفلها السنوي الـ٦٢ في «مركز كوبو» للمعارض وسط المدينة، بمشاركة عدد من زعماء الحزب الديمقراطي، من بينهم السناتور الليبرالية من ماساتشوستس، إليزابيث وورن التي كانت المتحدثة الرئيسية في الحفل الذي حضره زهاء ٥٠٠٠ شخص من بينهم ممثلون عن الجاليات العربية والإسلامية واللاتينية في المنطقة.
وورن صوّبت في كلمتها –كما معظم المتحدثين في الحفل– على الرئيس دونالد ترامب وإدارته، مؤكدة أن تعيين جيف سيشنز وزيراً للعدل سيعيد الولايات المتحدة ١٥٧ عاماً إلى الوراء، في إشارة إلى بداية الحرب الأهلية الأميركية عام ١٨٦٠.
وكانت وورن قد منعت عن الكلام في الكونغرس الأميركي، في آذار (مارس) الماضي، بأمر من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل لقراءتها رسالة اعتراض كتبتها زوجة المناضل الحقوقي الراحل مارتن لوثر كينغ، كوريتا سكوت كينغ، ضد تعيين سيشنز قاضياً فدرالياً في ولاية ألاباما قبل عدة سنوات.
وعارض جميع الشيوخ الديمقراطيين تعيين زميلهم الجمهوري سيشنز في منصبه، علماً بأنه كان أول سناتور في الكونغرس الأميركي يعلن عن تأييده لحملة ترامب الرئاسية.
وقالت وورن في حفل الأحد الماضي، إنها تزور ديترويت هذه المرة ليس في «وقت انتصار» بل في «وقت أزمة»، متهمة الرئيس ترامب بوصف الأفارقة الأميركيين بـ«الزعران»، ومؤكدة أن «العنصرية لا تزال تحرم السود وباقي الملوّنين من الفرص» حسب قولها.
وأضافت وورن أن الشخص الذي تم الاعتراض على تعيينه قاضياً فدرالياً لا يجب أن يتم تعيينه وزيراً للعدل، لافتةً إلى أن قرار منعها من الكلام في جلسات مناقشة تثبيت سيشنز في مجلس الشيوخ، لم يكن محاولة لإسكات صوتها فحسب، بل أيضاً محاولة لإسكات صوت زوجة مارتن لوثر كينغ.
وقالت السناتور الليبرالية إن «سيشنز في مهمة، ومهمته هي إعادة عقارب الساعة ١٥٧ سنة إلى الوراء، ونحن أيضاً علينا أن نكون في مهمة، ومهمتنا هي منعه من تحقيق ذلك»، مؤكدة أن ترامب والمشرعين الجمهوريين يبثون «الكراهية» و«البشاعة» و«الانقسام» في أنحاء البلاد.
هجوم على ترامب
من جانبه، قال رئيس فرع الجمعية الوطنية لتقدّم الملونين في ديترويت، القس ويندل أنتوني، إن اختيار وورن لتكون المتحدثة الرئيسية في الحفل كان صائباً تماماً باعتبار أن السناتور الديمقراطية عن ماساتشوستس قد أثبتت أنها «محاربة» في المواجهة التي خاضتها لمنع تثبيت سيشنز وزيراً للعدل، إضافة إلى نضالها لصالح قضايا حماية المستهلك والرقابة المالية على المصارف والمسنين والعمال إلى جانب معارضتها الشديدة لسياسات إدارة ترامب.
وتعتبر وورن (٦٧ عاماً) من الأسماء المطروحة بقوة للمنافسة على بطاقة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأميركية ٢٠٢٠، إلى جانب نائب الرئيس السابق جو بايدن.
وأشار أنتوني إلى أنه بعد ثماني سنوات على انتخاب أول رئيس أسود للولايات المتحدة، يجب على مجتمع الأفارقة الأميركيين أن يتوحد لضمان عدم توقف التقدم الذي تم تحقيقه، مؤكداً أن الرئيس دونالد ترامب نفسه يجب أن يكون الحافز الأول للنشاط السياسي والانتخابي الطامح للتغيير.
وأضاف بأن الإجراءات التي اتخذت في الأيام الأولى لرئاسة ترامب بما في ذلك محاولة إلغاء قانون الرعاية الصحية (أوباماكير)، وتعيين جيف سيشنز وزيراً للعدل، وتعيين القاضي المحافظ نيل غورسيتش في المحكمة العليا، كل ذلك يجب أن يكون كافياً لتحفيز المعارضة والنشاطات الميدانية من قبل «جميع الأميركيين الباحثين عن العدالة»، وقال «إذا لم يكن هذا حافزاً كافياً لكم، فإني لست متأكداً مما يمكننا القيام به أكثر».
وشارك في الحفل النائبان الأميركيان عن ميشيغن، جون كونيرز (ديترويت) وبرندا لورنس (ساوثفيلد) إضافة إلى السناتورين الأميركيين عن الولاية، غاري بيترز وديبي ستابينو التي تستعد لخوض انتخابات قاسية للاحتفاظ بمقعد ميشيغن في مجلس الشيوخ الأميركي عام ٢٠١٨، لاسيما بعد فوز ترامب المفاجئ في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي متقدماً على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق 10704 أصوات، في أول انتصار رئاسي يحققه الجمهوريون في ميشيغن منذ ثمانينات العقد الماضي.
وفي مؤتمر صحفي سبق الحفل، توجهت ستابينو إلى الرئيس ترامب بالقول «ليس لدينا ملك هنا بل لدينا ديمقراطية»، وأضافت «عندما يقف قاض في هاواي ويقول لترامب «لا»، فهذه هي الطريقة التي تعمل بها دولتنا».
كما شاركت في الحفل النائبة الديمقراطية السوداء عن ولاية كاليفورنيا ماكسين ووترز، التي برزت خلال الأشهر الماضية كأشد المعارضين لرئاسة ترامب، وقد كررت دعوتها خلال الحفل إلى تنحيته من منصبه من قبل الكونغرس، في حال ثبوت تواصله مع روسيا للتلاعب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.
التظاهرات لا تكفي
وقال ليون راسل، رئيس مجلس إدارة الجمعية، إن «الانتخابات لها عواقب»، مؤكداً أنه بدون تضافر جهود الجميع في الجمعية «لن نتمكن من تغيير شيء إذا كان كل ما نقوم به هو مجرد تنظيم التظاهرات في الشوارع، بل علينا أن نشارك في صناديق الاقتراع، لأن عدم المشاركة يفسح المجال لسيطرة الحكومة على مدارسنا ومدننا فنحصل على مياه الشرب الملوثة في فلنت».
وفي الانتخابات الأخيرة صوت الأفارقة الأميركيون –كعادتهم– بأغلبية ساحقة لصالح الديمقراطيين (88 بالمئة لهيلاري كلينتون مقابل 8 بالمئة لترامب) في كل من ميشيغن وعلى المستوى الوطني، غير أن ذلك لم يكن كافياً لتغيير النتيجة في يوم الانتخابات، لاسيما مع تراجع نسبة الإقبال الانتخابي في أوساط السود مقارنة مع الأصوات التي حققها الرئيس السابق باراك أوباما.
وشهد الحفل تكريم كل من السناتور وورن، والنائبة ماكسين ووترز، ووزيرة العدل السابقة بالوكالة سالي ييتس، التي أقصاها ترامب من منصبها بعد تمردها على توجيهات البيت الأبيض بسبب حثّها محامي وزارة العدل على عدم الدفاع عن الأوامر الرئاسية بشأن الهجرة أمام المحاكم الفدرالية.
Leave a Reply