تسجل نساء الأقليات في الولايات المتحدة عموماً –ومنهن العربيات الأميركيات– أدنى إقبال على الفحوصات الطبية المبكرة خاصة بما يتعلق في الإصابة بسرطاني الرحم أو الثدي، وذلك لاعتبارات ثقافية واجتماعية واقتصادية متفاوتة.
وقد أظهرت دراسة أجراها الباحثون كندرا شوارتز ومونتي فاخوري ومونيا بارتاكوس وجوزيف منصور وأماني يونس أن حوالي ٦٨.٥ بالمئة من النساء العربيات في منطقة ديترويت الكبرى أجرين فحوصات الكشف المبكر عن سرطاني الرحم والثدي مقارنة بـ90 بالمئة من النساء غير العربيات في المنطقة.
وبحسب الدراسة التي ساهم في إعدادها مركز «أكسس» عام 2008 تحت عنوان «الفحص الشعاعي بين النساء العربيات الأميركيات في منطقة مترو ديترويت» فإن الإقبال الخجول على التماس العناية الطبية لا يزال قائماً رغم جهود التوعية الصحية حول ضرورة إجراء فحوص الثدي للنساء.
ووفقاً للدراسة، فإنه وعلى الرغم من ضعف إقبال النساء العربيات على العيادات الطبية لإجراء الفحوصات الدورية مقارنة بالبيض مثلاً، إلا أن أعدادهن تبقى أفضل مقارنة بمجتمعات مهاجرة أخرى، فعلى سبيل المثال أظهرت دراسة أخرى أن 41 بالمئة من الفليبينيات و25 بالمئة فقط من الكوريات في منطقة لوس أنجليس الكبرى (كاليفورنيا) خضعن لفحوصات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، خلال السنتين الأخيرتين.
قبل فوات الأوان
ياسمينا –وهي من ديربورن– قالت إنه إذا كانت هناك أسباب تؤدي للتردد والتأخر عن تلقي العلاج، فهي ليست الخوف من نظرة المجتمع والناس، وإنما بسبب إحجام بعض النساء عن الاعتراف بوجود هذا الخطر، مضيفة أن «النساء –عادة– ما يؤجلن القيام بتلك الفحوصات لأنهن مشغولات جداً مع عائلاتهن».
ويعتبر الكشف المتأخر عن الأورام السرطانية في الثدي من أبرز تعقيدات هذا المرض، فغالباً ما تكتشف المرأة المرض في مراحل متقدمة مما يصعب إمكانية علاجه.
وفي هذا الصدد تقول ياسمينا إن النساء عادة ما يكتشفن الإصابة بهذا المرض الخطير بعد فوات الأوان و«عندها فقط يدركن أهمية فحوصات الكشف المبكر عن السرطان».
إن التثقيف والتوعية المبكرين هما من ضمن العوامل الأساسية في انخفاض معدل وفيات سرطاني الرحم والثدي في العقود الأخيرة، ولكن الأقليات والمجموعات المهاجرة لا تعير اهتماماً كافياً لحملات التوعية، أو على الأقل لديها حواجز أخرى تحول بينها وبين العيادات.
وتشير الطبيبة النسائية ليلى حجار –وعيادتها في ديترويت– إلى أن عزوف النساء أو عدم رغبتهن (بإجراء الفحوصات المبكرة) ليست حاجزاً كما يُعتقد، مضيفة «توجد حواجز أخرى لامتناع النساء عن زيارة العيادات الطبية على مدى سنوات»، مؤكدة «أن الحواجز الاقتصادية هي العقبة الرئيسية أمام النساء اللواتي هن بحاجة للرعاية الطبية وليست المسائل الاجتماعية».
وقالت «إن العوامل الاقتصادية هي العائق الأساسي لأنه ليس لدى كل شخص تأمين صحي أو أنه مؤهل للحصول على التأمين الصحي، كما أن النساء الحديثات الهجرة غير مؤهلات للحصول على التأمين الصحي الحكومي، وغير قادرات على تحمل تكاليف التأمينات الصحية».
حواجز أخرى
من ناحيتها، أكدت اعتدال شلبي –وهي تعمل مع منظمة «خدمات الأسرة العربية الأميركية» في مدينة بريدجفيو بولاية إلينوي– على ضرورة توفير تمويل حكومي لمساعدة نساء الأقليات على إجراء الفحوص المبكرة لسرطاني الرحم والثدي وزيارة عيادات التوليد والأمراض النسائية. وأضافت أن «عدم توافر المصادر في مجتمع يتألف غالباً من المقيمين الحديثي الهجرة والأفراد ذوي الدخل المنخفض يؤثر –سلباُ– على المجتمع العربي في مدينة بريدجفيو، ويضيف سوء فهم وانتشار بعض المعلومات الخاطئة والخرافات حول مرض السرطان».
وانتقدت شلبي بعض الحواجز الثقافية في هذا الشأن، تلك التي تؤثر على مجتمعها من المهاجرين الفلسطينيين بولاية إلينوي. وقالت «في بعض الحالات يتخلى الزوج عن زوجته المصابة بالسرطان في الوقت الذي يتوجب على الزوجة أن تعتني بزوجها المصاب بهذا المرض».
وأشارت إلى أن سوء الفهم يتعلق بالسرطانات النسائية حيث يعتقد الكثيرون أنه وراثي، كما أن بعض الأمهات يتخوفن من مناقشة هذا الموضوع حرصاً على فرص تزويج بناتهن.
وعبرت عن أملها في أن تسهم المراكز الاجتماعية والدينية في مجتمعات العرب الأميركيين بطريقة إيجابية في هذا المضمار.
أماني من مدينة ديربورن، كانت صغيرة عندما توفيت جدتها متأثرة بسرطان الثدي، ولكنها باتت منذ ذلك الحين تدرك أن السرطان هو «موضوع حساس» لدى العائلة التي باتت نساؤها تجري فحوصات سنوية للكشف عن المرض الخبيث، من دون الشعور بأي حرج اجتماعي حول ذلك.
إن زيادة الوعي والتثقيف المناسب وتعزيز الروابط بين النساء العربيات الأميركيات من قبل المهنيين الصحيين والمرضى تزيد من فرص التغلب على حواجز الكشف المبكر عن السرطان لدى النساء. وترى أماني أنه وعلى الرغم من أن تكاليف فحوصات الكشف المبكر عن السرطان محتملة إلا أنه «في كثير من الأحيان يتعين على الطبيب أن يبذل جهوداً إضافية لإقناع النساء بإجرائها»، مضيفة أن «النساء في مجتمعنا يضعن أنفسهن في ذيل القائمة لناحية الاهتمام والوقاية الصحيين.. هن بحق لا يستثمرن في صحتهن».
توصيات الفحص المبكر لسرطان الثدي
قد يتطور سرطان الثدي في كل سن. ولذلك، تقع على النساء الشابات أيضاً مسؤولية الوعي التام لعوامل الخطر للمرض وبالتالي الكشف المبكر له.
وتظهر الإحصائيات أن 5 بالمئة فقط من حالات سرطان الثدي تظهر لدى نساء دون سن الأربعين. وفقا لهذه المعطيات، احتمال الإصابة بسرطان الثدي في هذه الفئة العمرية هي 1 لكل 150 امرأة.
لكن، وبالرغم من ذلك، يمكن لسرطان الثدي أن يتطور في كل سن ولذلك على النساء الشابات ان يتعرفن على عوامل الخطر للمرض، وأن يتعرفن على إمكانيات التشخيص المبكر للمرض وطبيعة علاجه.
توصي جمعية السرطان الأميركية، النساء فوق سن الـ20 أن يفحصن أنفسهن مرة شهرياً، يستحسن بعد إنتهاء الحيض. يجب أن يعتمد الفحص على التحسس والرؤية.
توصي الجمعية أيضاً النساء بالخضوع مرة كل ثلاث سنوات، حتى سن الاربعين لفحص لدى الطبيب. إبتداءً من سن الأربعين ينبغي القيام بتصوير الثدي الشعاعي (Mammography) وفحص التصوير بالأمواج فوق الصوتية (ultrasound) مرة سنوياً. ينبغي على النساء المعرضات لخطر الإصابة بالمرض، وفقا للعوامل التي ذكرت سابقاً، القيام بفحوصات وفقاً لحالتهن ووفقاً لتوصيات الطبيب.
Leave a Reply