أفاد الشاعر اللبناني نزار فرنسيس في لقاء مع «صدى الوطن» بأن زيارته لمدينة ديربورن ولقاءه بالجالية اللبنانية قد تركا لديه انطباعاً استثنائياً لدرجة شعر معها وكأنه لم يفارق بلد الأرز، حيث قال «لمست حالة بتكبّر القلب، أنه في مجتمع لبناني بقلب أميركا هو مجتمع قدوة ونموذج» لما يجب أن يكون عليه المجتمع اللبناني في الوطن الأم، مضيفاً «إن شاء الله لبنان الكل بينعدى منكم لأنه في كتير أشياء تركناها ورجعنا لقيناها هون».
وعزا فرنسيس أريحية اللبنانيين وسهولة تواصلهم بين بعضهم البعض في المهجر الأميركي إلى غياب الضغوط السياسية مما يتيح للناس أن يتعاملوا فيما بينهم على سجيتهم وبدون منغصات أو تحيزات حزبية ومناطقية وطائفية كما هو حاصل في لبنان، حيث «السياسيون متسلطون على رقاب الناس وأرزاقهم»، وشدد على أن غياب التسلط السياسي في مفاصل الحياة يتيح للأفراد والجماعات «أن يعيشوا على ذوقهم.. وقد اكتشفت أن ذوق الناس الحقيقي بدون تأثير الضغوط السياسية أحلى بكتير مما نعيشه حالياً في لبنان».
ووافق صاحب أغنية «تعا ننسى» للفنان الراحل ملحم بركات، أن العلاقة بين المهاجرين اللبنانيين وبلدهم الأصلي مبنية على قاعدة «الحب من طرف واحد»، حيث يبادل اللبنانيون وطنهم كل المحبة ويحملونه بين أضلاعهم أينما حلوا، بدون أن يبادلهم الوطن الحب بالحب، والوفاء بالوفاء، وقال «لقد لمست هذا الشيء بكل وضوح، من خلال لقاءاتي بالناس العاديين، ومن خلال صحيفتكم التي هي بكل معنى الكلمة صدى للوطن، ولكنني أشدد على أن الجذور ينبغي أن تظل متعلقة بالفروع، وهذا الشيء يمكن أن يتحقق من خلال التواصل الثقافي والفني والإبداعي».
وكان رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي قد زار مكاتب الصحيفة قبيل إجراء الحوار مع فرنسيس ليرحب بالشاعر اللبناني الضيف في «عاصمة العرب الأميركيين» في الولايات المتحدة، وقدّم له بالنيابة عن سكان المدينة تذكاراً تكريمياً، وقال له «إن مسرح المدينة متاح لأي فعالية فنية يريد أن يحييها فرنسيس»، بحيث يذهب ريعها لمساعدة الجمعيات الخيرية سواء هنا أو في لبنان.
وقبل فرنسيس الدعوة من حيث المبدأ، واعداً ببذل الجهود مع أصحاب النوايا الخيرة والتنسيق مع بعض الفنانين اللبنانيين من أجل إحياء أمسية فنية على مسرح البلدية في مستقبل الأيام.
وفي سياق آخر، اعتبر فرنسيس الموسيقار الراحل ملحم بركات «آخر عمالقة الفن في لبنان»، وقال «الفن رفوف رفوف، كما نقول باللبناني، وقد كان ملحم آخر رف». وأضاف «بعد ملحم صرنا في جيل آخر.. فقد كان بركات آخر أولئك الذين أعطوا الفن وأضافوا إليه من إبداعهم.. لقد ترك ملحم بركات برحيله فراغاً لن يسده أحد بعده».
وكان فرنسيس قد صحب الموسيقار بركات في الأيام الأخيرة لمرضه، وتحدث لـ«صدى الوطن» عن تلك الفترة المؤلمة، مشيراً إلى أن صاحب أغنية «على بابي واقف قمرين» لم يكن على علم بمدى خطورة مرضه إذ كان الملحن الراحل يتصرف وكأنه يعاني من مرض عابر حتى الأسبوع الأخير قبل وفاته، حيث انتبه من خلال شغف الزائرين ولهفتهم عليه أنه على وشك الرحيل، وقال «عندها ارتاب في وضعه وقال لي شكلي أنا رايح.. كلكم عارفين أنه أنا رايح وما قلتولي».
وأضاف «لكن ملحم لما عرف لم يبد أية صدمة، فقد استسلم لقدره وسلّم أمره لربه.. لقد مات بهدوء وسلام».
وفي الجانب السياسي، وحيث «ما في لبناني ما بيحكي بالسياسة»، أفاد فرنسيس بأن عنده خطان أحمران في السياسة، وهما فلسطين والإرهاب، معتبراً أن إسرائيل هي عدوه الأساسي بسبب اغتصابها لفلسطين وسلبها لحقوق الفلسطينيين، وقال «أنا ضد ما حصل في فلسطين منذ 70 عاماً وضد اغتصاب الأرض الفلسطينية، ففلسطين تعنينا جميعاً وأنا أطوّع شعري وأسخره للقضية التي يجب أن يساندها جميع العرب»، وأضاف «كما أنني ضد الإرهاب الذي جد علينا في العراق وسوريا وكامل منطقة الشرق الأوسط.. موقفي واضح من هذه المسألة التي أعتقد أن جميع الأطياف تتفق عليها».
وعن كواليس كتابة الأغاني، أشار فرنسيس إلى أنه يكتب القصيدة كي يرضي نفسه أولاً، ثم ينظر من تلائم من المطربين والنجوم، وقال «أكتب القصيدة لأرضي نزار فرنسيس أولاً وبعدين بشوف لمين بتلبق، لأن المغنى ألوان وأطياف، والنجوم كل له طريقته وأسلوبه وأداؤه».
ويعد فرنسيس من قلائل كتاب الأغنية الذين استقطبوا اهتمام متذوقي الشعر المحكي اللبناني، حيث درج في الفترة الأخيرة على المشاركة في بعض الفعاليات والمناسبات وقام بإلقاء قصائد حققت رواجاً لافتاً في أوساط محبي الشعر، كان على رأسها قصيدة «عربش ع خد الشمس واكتبلي» التي يتغنى فيها بتاريخ لبنان وجغرافيته.
وأّلف فرنسي أكثر من ألفي أغنية لمغنين من أهمهم ملحم بركات وماجدة الرومي وعاصي الحلاني ومعين شريف ونجوى كرم ووائل كفوري.
وفي السياق، قال فرنسيس «لقد بدأت ألمس في الفترة الأخيرة أن الناس يحبون الاستماع لشعري، ولهذا تكررت مشاركاتي الشعرية في مناسبات متعددة، وحققت حضوراً خاصاً أسعدني بالفعل، ولكنني مع ذلك ما أزال أحب (كتابة) الأغنية ولن أتنازل عنها».
وفي نهاية اللقاء، ألقى فرنسيس قصيدة يمتدح فيها «صدى الوطن»، حيث قال:
الصوت ما بيوصل إذا ما في صدى
يوسّع مجال الفكر عً مرّ الزمن
إنتو صدى الوطن بالمدى
إنتو المدى اللي حامل صدى كل الوطن…
Leave a Reply