واشنطن – كشف البيت الأبيض الثلاثاء الماضي عن مشروع موازنة 2018، والذي يهدف بصورة أساسية إلى خفض الإنفاق الحكومي بحوالي 3.6 تريليون دولار على مدى 10 سنوات، بهدف تقليص العجز.
ويبلغ حجم الموازنة المقترحة 4.1 تريليونات دولار.
وذكر وزير الخزانة ستيفن مانوتشين في بيان أن مشروع الموازنة يهدف إلى «إدارة ديون البلاد، إضافة إلى زيادة كفاءة الإدارات الحكومية وتخفيض نفقاتها التشغيلية».
يذكر أن ديون الحكومة الفدرالية تضاعفت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما من حوالي ١٠ تريليون دولار في ٢٠٠٨ إلى أكثر من ٢٠ تريليوناً مع تولي ترامب الرئاسة مطلع العام الجاري.
ويولي المشروع أهمية خاصة للاستثمارات في مجال الأمن الرقمي ومكافحة تمويل الإرهاب وحماية المؤسسات المالية من التهديدات، وفق مانوتشين.
وأكد البيان أن هذه المبادرات مقترنة بالإصلاح الضريبي الشامل، ستحرك البلاد نحو نمو اقتصادي مستدام بنسبة ثلاثة بالمئة أو أكثر.
أبرز تفاصيل الموازنة
يتضمن عرض ترامب للسنة المالية المقبلة، التي تبدأ في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) القادم، اقتطاعات هائلة تبلغ نحو 1700 مليار دولار على مدى 10 سنوات في البرامج الاجتماعية المخصصة للأكثر فقراً.
تشمل هذه الاقتطاعات برامج عدة خصوصاً قسائم الطعام (فود ستامب)، التي يستفيد منها الفقراء والتي ستقتطع بحوالي 193 مليار دولار على مدى العقد القادم.
بالمقابل، يقترح ترامب زيادة نسبتها 10 بالمئة، أي 54 مليار دولار، في موازنة الدفاع بالمقارنة مع العام 2017، تشمل زيادة تبلغ 2.6 مليار دولار لمراقبة الحدود والهجرة، من بينها 1.6 مليار دولار ستخصص لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك.
ويخصص مشروع الموازنة أيضاً 200 مليار دولار لدعم الإنفاق على مشروعات البنية التحتية كالطرق والجسور والمطارات.
وفي المقابل، تهدف الإدارة الأميركية إلى تخفيض الضرائب على الأفراد والشركات.
كما تنص الموازنة الجديدة على إجازة أبوّة «مدفوعة بالكامل» ولمدة ستة أسابيع عند ولادة أو تبني طفل، وتقدر كلفتها بـ٢٥ مليار دولار على مدى عشر سنوات.
في المقابل، سيشهد برنامج «ميديكير» للرعاية الصحية لمحدودي الدخل اقتطاع 800 مليار دولار على مدى عقد، عملاً بنظام الرعاية الصحية الجديد الذي سيحل مكان برنامج «أوباماكير».
وأوضح ميك مولفاني، مدير الموازنة في البيت الأبيض، للصحافيين الأمر، بالقول: «لا نمس بالخطوط العريضة للضمان الاجتماعي ولا بنظام «ميديكير» (الضمان الاجتماعي الحكومي للذين تجاوزوا الـ65 من العمر).
وتعول الإدارة الأميركية في هذه الموازنة على نمو اقتصادي نسبته 3 بالمئة، وإذا أقر الكونغرس إصلاح نظام الصحة، كما يريده ترامب، فإن الموازنة تنص أيضاً على إلغاء تمويل منظمة «بلاند بيرنتهود» لتنظيم الأسرة، والتي تجري مئات آلاف عمليات الإجهاض سنوياً في الولايات المتحدة.
لكن من غير المرجح أن يقر الكونغرس الموازنة كما هي، إنما عليه التوصل إلى تسوية بحلول 30 أيلول (سبتمبر) أي نهاية السنة المالية للعام 2017.
وكي يصبح مشروع الميزانية قانوناً نافذاً، يتطلب موافقة مجلسي النواب والشيوخ وتوقيع الرئيس. فالميزانية المقترحة من قبل الرئيس وإدارته، عادة ما تعتبر إعلان نوايا عن السياسة الاقتصادية للإدارة، وغالبا ما تخضع، بعد مناقشتها من قبل مجلسي النواب والشيوخ، لعملية تغيير جذري ومساومة بين الإدارة والكونغرس.
ردود أفعال
ويرى الجمهوريون أن مشروع الموازنة الجديد يهدف إلى «استبدال التبعية والاعتماد على برامج الإعانة الحكومية بكرامة العمل»، إلا أن هذه الجهود تلقى انتقادات من الديمقراطيين الذين يؤكدون أهمية هذه البرامج لإعانة الفقراء وغير القادرين على العمل. وعارضت زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي في بيان، الاثنين الماضي خفض الإنفاق على البرامج الاجتماعية، وعدته أمراً «قاسياً وقصير النظر»، متوقعة أن يلقى معارضة من الحزبين في الكونغرس.
ومن ناحيتها، انتقدت وزيرة الخارجية والمرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون بشدة، الميزانية المقترحة للسنة المالية المقبلة، وقالت في كلمة ألقتها الأسبوع الماضي في حفل خيري، إن «الإدارة الحالية، تشن هجوماً جائراً على احتياجات الأطفال والمعوقين والنساء وكبار السن».
وكان مولفاني قد وصف في آذار (مارس) خفض التمويل لوكالات حكومية بـ«الرحيم»، إذ إن الإدارة الأميركية «لن تطلب من الأميركيين دفع ضرائب لقاء برامج لا يستفيدون منها»، موضحاً أنه لا بد من ضمان استغلال هذه الأموال بطريقة صحيحة.
احتياطات النفط الأميركية .. للبيع
يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بيع نصف المخزون الاستراتيجي من النفط الخام الذي تملكه الولايات المتحدة في خطوة غير مسبوقة بالنسبة لواشنطن.
ونادراً ما تلجأ الولايات المتحدة إلى مخزونها النفطي الاحتياطي، إلا في الأزمات الكبرى فمثلا لجأت إليه عام 2005 خلال إعصار كاترينا، وفي عام 2011 عند إندلاع الاضطرابات في ليبيا.
وخطة ميزانية الرئيس ترامب تظهر نيته بيع نصف الاحتياطي النفطي بشكل تدريجي بما يوفر قرابة 16.6 مليار دولار خلال العقد المقبل، بحسب ما أفادت به شبكة «سي أن أن».
ويأتي ذلك في وقت غيّرت فيه طفرة النفط الصخري الأميركي المشهد العالمي للطاقة، إذ جعلت من الولايات المتحدة منتجاً نفطياً رائداً وقللت من اعتمادها على واردات الخام. كما تسببت في خلق حالة من عدم التوازن في سوق النفط ما تزال «أوبك» تكافح لتجاوزها.
ورغم أن عملية البيع ستحصل على مراحل، إلا أن خبراء في مجال الطاقة حذروا من تداعيات سلبية تنتج عن بيع نصف المخزون بهذا الشكل في ظل التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
وبدأت الولايات المتحدة بتكديس احتياطيات ضخمة من النفط الخام منذ عام 1973، حينما حظرت الدول العربية بيع النفط لأميركا. وتمتلك أميركا حالياً 688 مليون برميل من النفط الخام يتيح لها تلبية احتياجاتها من الوقود لمدة 149 يوماً.
تقليص الإنفاق الخارجي
كشفت الإدارة الأميركية الجديدة عن خططها لتقليص الإنفاق على الدبلوماسية والمساعدات والبرامج الخارجية بأكثر من ٢٩ بالمئة، وفقاً لمشروع ميزانية وزارة الخارجية الأميركية للسنة المالية 2018.
وبموجب اقتراح إدارة الرئيس دونالد ترامب، ستخفض الولايات المتحدة إنفاق وزارة الخارجية بحوالي 11.5 مليار دولار. ويشمل خفض الإنفاق المساعدات المالية لأوكرانيا بنسبة الثلثين، مقارنة مع العام 2016، حيث سيتم تخصيص 203 ملايين دولار لمساعدة أوكرانيا مقارنة بـ667 مليوناً حالياً، في حين ستبقى المساعدات العسكرية لمصر وإسرائيل عند مستواها الحالي.
من ناحية أخرى، يتضمن المشروع زيادة طفيفة لحجم مساعدات واشنطن للبرامج الإنسانية بسوريا، من 177 مليون دولار في العام 2016 إلى 191.5 مليون في العام 2018، ما يعادل زيادة بمقدار 14 مليوناً. وخفضت واشنطن بشكل كبير إنفاقها على عمل المنظمات الدولية وعمليات حفظ السلام والبرامج الإنسانية الخارجية في السنة المالية القادمة.
ويخصص مشروع الميزانية الجديدة نحو 996 مليون دولار لتمويل عمل المنظمات الدولية، ما يمثل تقليصا قدره 31 بالمئة مقارنة مع العام 2017، حين قُدرت نفقات الوزارة للغرض نفسه بحوالي مليار و44 مليون دولار.
ويقول مقترح الميزانية إن التمويل الأميركي لحلف شمال الأطلسي سيستمر على حاله.
أما النفقات لدعم نشاط بعثات حفظ السلام في السودان وساحل العاج والكونغو والصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى والدول الأخرى، التي تنتشر فيها قوات حفظ السلام، فيتضمن المشروع تخصيص قرابة مليار ومليونين دولار، أي أقل بـ52 بالمئة، مقارنة مع العام الجاري لدعم عملها. كما ينص المشروع على تقليل النفقات على برامج المساعدات الإنسانية لتكون 5 مليارات و27 مليون دولار، بدلاً من 7 مليارات و35 مليوناً في العام 2017. ويشمل الخفض تغيير الطريقة التى تتلقى بها بعض الدول المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة.
والتمويل العسكرى الخارجي يمنح دولاً قروضاً أو منحاً لشراء عتاد عسكرى أميركي. وتحدد وزارة الخارجية الدول التي تحصل على التمويل، بينما تنفذ وزارة الدفاع (البنتاغون) القرارات. وبموجب مقترح ترامب سيتم تحويل كثير من المنح الحالية إلى قروض. وسيبدأ تطبيق ذلك في أول ميزانية فدرالية للرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصل المساعدات الدولية إلى حوالي 6.5 مليار دولار في السنة المالية 2018.
Leave a Reply